"قرنقعوه قرقاعوه، عطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم، يا مكة يالمعمورة.. يا أم السلاسل والذهب يا نورة".
تلك الأهازيج يتغنى بها أطفال قطر، خلال احتفالهم بليلة "القرنقعوه"، التي يحتفل بها أهل
الخليج، ليلة منتصف رمضان من كل عام، وتستمر فعالياتها لأيام.
وليلة "القرنقعوه"، احتفال تقيمه الأسر الخليجية تكريما للأطفال، ومكافأتهم على إتمام
صيام نصف شهر رمضان، ولتشجيعهم على الاستمرار والمواظبة على صيام النصف الباقي منه.
ويعود سبب هذه التسمية، إلى "قرة العين في هذا الشهر"، فالقرة هي ابتداء الشيء، ويقال إنه بمرور الزمان تحورت الكلمة وأصبحت "القرنقعوه"، ويقال إنها كناية عن قرع الأطفال للأبواب.
ورغم كونها
عادة تراثية قديمة، إلا أن أهل الخليج، ولاسيما القطريين، مازالوا متمسكين بإحيائها، وإن أخذ الاحتفال طابعا أكثر عصرية، وأضحت الاحتفالية عادة تحرص المؤسسات الحكومية والخاصة على إحيائها.
واعتاد الأطفال في منطقة الخليج العربي، على الخروج في مجموعات بعد الإفطار إلى الأحياء السكنية، حاملين أكياسا من القماش، يطوفون بها على المنازل القريبة وهم يرددون: "قرنقعوه.. قرقاعوه.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة.. يا أم السلاسل والذهب يا نورة.. عطونا من مال الله.. يسلم لكم عبد الله.. عطونا دحبة ميزان (وزنا معينا).. يسلم لكم عزيزان.. يا بنية يا الحبابة.. أبوج (أباك) مشرع (فاتح) بابه.. باب الكرم ما صكه (لم يغلقه).. ولا حط (لم يضع) له بوابة".
ويقوم الأطفال بالطرق على الأبواب، بغية ملء الأكياس التي معهم بشتى أنواع الحلوى والمكسرات، التي يعدها الأهالي خصيصاً قبل أيام من هذه المناسبة.
ويخرج الأطفال في ليلة "القرنقعوه" مرتدين الملابس التقليدية ذات الطابع الخليجي الخاص، حيث يرتدي الأولاد الثياب البيضاء الجديدة، ويعتمرون "القحفية"، وهي طاقية مطرزة عادة بخيوط فضية.. كما يرتدي بعض الأولاد "السديري" المطرز، وهو رداء شعبي يوضع على الثوب، ويتدلى حتى الخصر.
أما الفتيات فيرتدين فوق ملابسهن العادية "الثوب الزري"، وهو ثوب يشع بالألوان، مطرز بالخيوط الذهبية، ويضعن أيضاً "البخنق" لتغيطة رؤوسهن، وهو قماش أسود تزينه أيضاً خيوط ذهبية في الأطراف، إلى جانب وضع بعض الحلي التقليدية.
والأكياس التي يحملها الأطفال عادة في هذه الليلة تسمى في قطر "الخريطة"، وهي تشبه "المخلاة"، أو الخرج، وهو الكيس الذي يعلق في العنق، ويتدلى منه، ويصنع عادة من القماش، وفي بعض المناطق من الجلد.
وتستعد الأسر قبيل ليلة النصف بتحضير سلال كبيرة تسمى باللهجة القطرية "الجفران"، وتكون ممتلئة بالمكسرات، وهي البيذان، والفستق، والكاجو، والزبيب، واللوز، والجوز، وعين الجمل، وأصابع الحلوى.
وباختلاف المكان تختلف الأهازيج والمسميات في تلك الليلة، فتسمى في قطر بـ"القرنقعوه"، و"القرقاعون" في البحرين، ويطلق عليها أهل سلطنة عمان "القرنقشوه"، و"القرقيعان" في الكويت، والجانب الشرقي من السعودية، أما في دولة الإمارات العربية المتحدة تسمى “حق الليلة”، وتكون هذه الليلة في النصف من شعبان.
وأصبح هناك أشكال جديدة مجسمة "للقرنقعوه"، خلافاً لشكله القديم، فضلاً عن الهدايا والحلويات الفاخرة غير التقليدية، كما أصبح يباع في المتاجر صناديق فاخرة تحمل باقات من الحلويات المنوعة، وبأسعار باهظة، لكي يتبادلها الأصدقاء والأهل كهدايا بهذه المناسبة.
ومن المؤسسات التي احتفلت، بهذه الليلة، على مدار الأيام الماضية، المؤسسة القطرية لرعاية المسنين "إحسان"، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ومؤسسة الحي الثقافي "كتارا".
واستبقت بلدية الدوحة الاحتفالات بشن حملة تضم 16 مفتشا من الأطباء، واختصاصيي الأغذية، تم خلالها التفتيش على محلات المكسرات لضمان سلامتها للاستهلاك الآدمي، استعداداً للاحتفال بفعاليات "القرنقعوه" التراثية.