قبيل اندلاع الثورة السورية، في آذار/ مارس 2011، كان قانون الخدمة الإلزامية المعمول به لدى النظام السوري يمنع منعا باتا السماح لأي مجند في جيشه أن ينفذ خدمته الإلزامية في مدينته، حيث كان ينص قانون الخدمة على فرز أي عنصر جديد يلتحق في صفوفه إلى مدينة أو محافظة أخرى. ويعاقب القانون ذاته كل المخالفين له، ما عدا من يدفع الرشاوي لقيادات كتائبه العسكرية مقابل أن يخدم العنصر في المحافظة ذاتها.
لكن تطبيق هذا القانون بدأ بالتقلص تدريجيا في عموم البلاد مع مرور الأعوام الأربعة منذ انطلاق الثورة، وفقدان النظام السوري مناطق مهمة، كما أن سقوط آلاف القتلى من قواته أدى إلى تفاقم الأزمة لدى النظام، مع دخول أعداد كبيرة من الموالين له قبل المعارضين حالة من التمرد، ورفض الالتحاق في صفوف قواته، والامتناع عن الاستجابة لطلبات خدمة الاحتياط التي طالبت بها قوات النظام.
ولتعويض النقص البشري، فقد بدأ النظام بتقديم مغريات للمجندين، بينها التنازل أمام الرافضين للانتساب لقواته، ممن يمتنعون عن الخدمة خارج مناطقهم، فتنازل لهم النظام عن شرط الخروج خارج مناطقهم مقابل الانضمام للقوات العسكرية وحمل السلاح تحت رايته.
وشمل القرار الرسمي الصادر عن النظام السوري المحافظات الوسطى في البلاد (حمص وحماة)، والطيف الموالي على وجه الخصوص، فقام بداية بتسليم ملف الانضمام والتجنيد في حماة إلى كتائب البعث، حيث بدأت المليشيات الموالية للنظام بتقديم عروض مالية مغرية للموالين الرافضين للخدمة، مقابل التطوع بالقتال ضمن مناطقهم فقط دون الخروج خارج حدودها، إضافة إلى إعطائهم الامتيازات والحقوق كافة، التي تمنح للمنتسبين للجيش.
كما شهدت محافظة حمص أيضا السيناريو ذاته المعمول به في محافظة حماة، حيث أصدر مدير منطقة
التجنيد في حمص العميد ميمون قاسم، تعميما إلى وحدات التجنيد كافة في المحافظة، بإبلاغ الرافضين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية، والعناصر الجدد، بأنهم لن يخرجوا خارج مناطق حمص.
تعميم العميد قاسم لقي صدى بين الطيف الموالي للنظام السوري في مناطق وأحياء حمص، حيث وجد فيه ذوو الموالين الرافضين للخدمة فيما سبق بعض الطمأنينة على أن أولادهم سيبقون أمام أعينهم، وأنهم سيقضون خدمتهم التطوعية والإلزامية في أحيائهم الهادئة، وليس على جبهات القتال.
وصدرت قرارات تعميمات مشابهة في وقت سابق من العام الحالي؛ في عدة محافظات، أهمها محافظات السويداء، والحسكة، واللاذقية، ما يرى فيه مراقبون أن النظام السوري بدأ بترسيخ المناطقية بشكل عميق، والأخطر منها هو تسليح المدنيين الذين لم يتقبلوا فكرة السلاح فيما سبق، وهو ما يهدد أيضا بتعميق الطائفية أكثر، وخاصة ان غالبية القرارات شملت الطيف الموالي له.