تحول الكوبي جيلبرتو فاياداريس من صاحب محل عادي للحلاقة والتزيين إلى مبتكر أفكار ومبادرات حولت شارعه في قلب العاصمة هافانا إلى مقصد سياحي وثقافي، ونموذج للتنمية المعتمدة على الطاقات المحلية.
فهذا الرجل الذي يطلق عليه لقب "بابيتو"، قرر قبل سنوات عدة أن يترك مهنة تصفيف الشعر في محل مملوك للحكومة، ليفتح محلا خاصا، على غرار عدد من الأشخاص الذين قرروا أن يستقلوا بأعمالهم مستفيدين من الإصلاحات الاقتصادية التي أدخلها الرئيس راوول كاسترو.
ويبلغ بابيتو من العمر 45 عاما، وقد بات يملك واحدا من أهم
صالونات الحلاقة والتزيين في هافانا. لكنه بدلا من أن يهتم بجمع المال، فقد قرر أن يستثمر جزءا من عائداته لخدمة المجتمع.
ومن المشاريع التي أطلقها بابيتو، مدرسة لتصفيف الشعر يأمل أن تخرج أشخاصا قادرين على أن يستقلوا بأنفسهم في هذه المهنة، وأن يكونوا مساهمين في التنمية الاجتماعية.
ويقول في مدرسة الحلاقة والتزيين هذه التي افتتحها قبل أشهر لمراسل فرانس برس: "أعتقد أن اللحظة التاريخية لجعل أصحاب المهن ينخرطون في الأعمال الاجتماعية قد حانت".
يقدم بابيتو وفريقه في مدرسته دروسا مجانية، يتابعها الطلاب على مدى عام، تبدأ بثلاثة أشهر نظرية.
وتقول إحدى الطالبات، هي ليليان نارغوييس (18 عاما)" "أخبرني جيراني عن دروس في تصفيف الشعر لدى بابيتو، فجئت وتسجلت.. لقد غير هذا الأمر حياتي".
وتقول هذه الشابة، إنها تطمح في فتح صالون خاص بها في منزل عائلتها.
ومع انتهاء الدراسة، وقبل أن يفتح الطلاب المتخرجون محلاتهم الخاصة، فإنهم يعملون بإشراف المدرسة على تقديم تسريحات مجانية لسكان الحي.
ويقول ألفونسو رويس سيبيرو، أحد زبائن طلاب المدرسة: "أنا آتي إلى هنا منذ وقت طويل، وأنا مسرور لأن المكان قريب من بيتي والتسريحة مجانية".
في كوبا، حيث تسيطر الدولة الشيوعية على 90% من النشاط الاقتصادي منذ أكثر من نصف قرن، ما زال مبدأ المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات غير معروف.
لكن بابيتو، وبمساندة من هيئة حكومية تعنى بتجديد الوسط التاريخي للعاصمة والحفاظ عليه، أصبح شريكا في تنمية حيه الصغير.
فبعد افتتاح المدرسة ومتحف لتصفيف الشعر، فقد افتتح حديقة صغيرة مزودة بألعاب للأطفال. وهو يقوم مع عدد من أقرانه أصحاب المؤسسات على تكفل دفع رواتب الموظفين في الحديقة الواقعة أقصى شمال هافانا القديمة، قرب القصر الرئاسي السابق الذي تحول إلى متحف للثورة مع وصول فيديل كاسترو إلى الحكم قبل أكثر من خمسة عقود.
وساهم فاياداريس أيضا في تنظيف عدد من الشوارع وإعادة تأهيل المنازل القديمة في هذا الحي المسمى "لوس سانتوس أنخيليس"، حيث ولد هو.
وحولت السلطات الشارع الذي تقع فيه المدرسة والمتحف إلى طريق مخصص للمشاة، بات مقصدا للسياح. وكنوع من التكريم الموجه إلى "بابيتو"، فقد اعتمدت بعض المطاعم في الشارع هندسة داخلية تشبه هندسة محلات تصفيف الشعر، دون أن تغفل الإشارة المازحة إلى أن "أطباق الطعام تخلو من الشعر".
ويقول فاياداريس: "بات الناس يسمون هذا الشارع شارع الحلاقين" مفتخرا بانتعاش الحياة الثقافية فيه من خلال نشاطات عدة كان آخرها عرض موسيقي وراقص نظمته السفارة الأمريكية.
ويضيف بابيتو: "لدينا الآن مشروع للحي، في هذه اللحظات التاريخية التي تتقارب فيها كوبا مع الولايات المتحدة، مشروع يضم الشباب والأطفال والكبار، وهو مشروع يستحق أن ينفذ".