يعيش سكان مدينة
تعز اليمنية، أياما عصيبة بسبب القصف العشوائي والدمار الذي تتعرض له المدينة من قبل
الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صالح، ووسط هذا الوضع كثفت
المقاومة الشعبية من هجماتها في إطار تغيير استراتيجيتها من الدفاع إلى
الهجوم، بهدف العبور نحو تطهير المدينة من "الغزاة"وفقا للمقاومة.
وأخذت المواجهات أحيانا، في تعز (256 كلم) جنوب العاصمة صنعاء، طابع حرب الشوارع في أحياء متفرقة من المدينة، التي تعاني من حصار خانق تفرضه قوات الحوثي وصالح، ومنع وصول المساعدات الغذائية لتلك الأحياء.
واستعانت المقاومة المؤيدة للشرعية قبل أيام، بعناصر مدربة، استطاعت إحداث تغيير جزئي في معادلة الصراع مع المسلحين الحوثيين والقوات المتحالفة معهم، عندما شنت هجماتها من الريف التعزي، والذي مكنها من السيطرة على مناطق مهمة في غرب مدينة تعز (جنوب البلاد).
وتشهد المقاومة في تعز، التفافا غيرمسبوق؛ من مختلف المكونات السياسية بما فيها شخصيات تنتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع صالح، الذي سقط مقره ـ أي الحزب ـ في المدينة بيد رجال المقاومة، بعد مواجهات عنيفة استمرت لساعات مع الحوثيين والقوات الموالية لعلي صالح.
الهجوم جاء متأخرا
ويقول الكاتب والمحلل السياسي القريب من المقاومة في تعز، رشاد الشرعبي إن "تغير المقاومة في تعز لإستراتيجية الهجوم لفك الحصار الذي تفرضه مليشيات الحوثي والقوات المتعاونة معها، جاء متأخرا، وكان يفترض أن يحدث ذلك باكرا، لولا نقص العتاد الحربي للمقاومة".
وأضاف رشاد الشرعبي في حديث خاص لـ"
عربي21" أن "الأحداث الأخيرة في مدينة تعز، دشنت مرحلة جديدة من القتال والعمل العسكري المخطط من مناطق الريف التعزي، لتحرير المدينة من الانقلابيين، لاسيما بعدما جهزت عناصر مدربة لهذه المهمة، التي أثبتت قدرتها على قلب معادلة الحرب مع الحوثيين وقوات المخلوع صالح".
وأوضح الشرعبي أن "صمود المقاومة لأكثر من شهرين، أمام ترسانة عسكرية ضخمة تستخدمها مليشيا وقوات مدربة ومؤدلجة، تسبب في انهيارها ـ أي الحوثيين وقوات صالح ـ في جبهات شمال وغرب مدينة تعز، بعد الاستعانة بقوات مدربة يقودها المجلس العسكري للمقاومة الذي تشكل لهذه المهمة".
وأشار إلى أن "المقاومة تستعد للالتفاف على الحوثيين والقوات الموالية لهم في جبهات شرق وجنوب المدينة، وذلك لإنهاء الحصار على المدينة التي تعتبر الأكثر كثافة سكانية في اليمن".
الوضع الإنساني
إنسانيا، تشير تقارير صادرة عن ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز أن المدينة فقدت أكثر من 278 قتيلا، ونحو 1323 مصابا بينهم نساء وأطفال، حتى مطلع حزيران/ يونيو الجاري.
وأضاف التقرير أن تعز، شهدت موجة نزوح سكاني، لم تشهده من قبل، وقدرت نسبة النزوح بـ 70 في المائة من سكان المدينة، نتيجة القصف العشوائي التي شنته مليشيات الحوثي القادمة من شمال الشمال، والقوات المتحالفة معها".
وأكد التقرير أن "20 مصنعا كان يعمل في المدينة، توقف بفعل الحرب الدائرة في المدينة، كما جرى تسريح نحو ثمانية عشر ألف موظف في القطاع الخاص".
وأشار تقرير الائتلاف الإغاثي أن 95 في المائة؛ من المستشفيات جرى إغلاقها في المدينة، بسبب القصف ونقص الوقود لتشغيل أجهزتها الطبية".
وتعرضت عدد من المستشفيات الخاصة والحكومية في مدينة تعز، لقذائف مدفعية أطلقها الحوثيون والقوات التابعة لهم والمحسوبة على علي عبد الله صالح، بحسب اتهامات المقاومة.
وأورد التقرير أن "مليون و600 ألف مواطن من أبناء تعز، لا يجدون الماء الصالح للشرب"، ما ينذر بكارثة إنسانية في المدينة الذي يشكل سكانها (12.16) في المائة من سكان اليمن.