قررت محكمة في
جنوب أفريقيا منح الحكومة مهلة أسبوع لتقديم تفسير لأسباب تحديها قرارها منع الرئيس
السوداني عمر البشير من مغادرة البلاد.
وغادر البشير جنوب أفريقيا الإثنين قبل إنتهاء قمة قادة الاتحاد الإفريقي رغم حكم أصدرته المحكمة بعدم السماح له بالسفر.
وأمرت المحكمة الحكومة بتقديم أسباب سماحها للبشير بالمغادرة، وانتقدت قرار الحكومة ووصفته بأنه يتعارض مع دستور البلاد.
وكان البشير، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، وصل إلى جنوب أفريقيا السبت للمشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي.
وقالت حكومة جنوب أفريقيا إنها ستحقق في الملابسات المحيطة بمغادرة البشير على متن طائرته الرئاسية من قاعدة عسكرية، وذكرت في بيان "سنلتزم كذلك بأمر المحكمة المتعلق بتقديم إفادة توضح هذه الظروف".
وحذر خبير في القانون الدستوري من أن قرار جنوب أفريقيا تحدى قرار المحكمة بشأن البشير يضر بالنظام القضائي في البلاد.
وقال بيار دي فوس من جامعة كيب تاون "عندما تخالف حكومة منتخبة ديمقراطيا أوامر محكمة، فإنها تقوض الثقة العامة في المحاكم وتقوض النظام القانوني بشكل عام"، وأضاف أن "قرار الحكومة يشكل ازدراء متعمدا ومقصودا للمحكمة".
وطغى حضور البشير على القمة التي عقدت في جوهانسبرغ لكنه جلب للحكومة الانتقادات.
وجنوب أفريقيا من الدول الموقعة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية التي طالما وجهت إليها الانتقادات على اعتبار أنها لا تستهدف سوى القادة الأفارقة.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق الرئيس السوداني، الأولى في العام 2009 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والثانية في العام 2010 بتهمة ارتكاب إبادة في إقليم دارفور غرب السودان.
وكانت الخرطوم أطلقت حملة دموية بمشاركة الجيش ومليشيات حليفة لمواجهة حركة التمرد في دارفور.
ووفق الأمم المتحدة فإن النزاع في دارفور أسفر عن مقتل 300 ألف شخص وتشريد 2,5 مليون، أما الخرطوم فتقول إن حصيلة القتلى لا تتخطى عشرة آلاف.
وقال مدير الأبحاث في منظمة العفو الدولية في أفريقيا نيتسانيت بيلاي، إن "قرار جنوب أفريقيا بعدم اعتقال البشير يؤكد التوتر بين الاتحاد الأفريقي، والمحكمة الجنائية الدولية التي تغلي تحت السطح منذ فترة".
وأضاف أن منظمة العفو الدولية كانت تأمل في أن جنوب أفريقيا "نظرا لأنها دولة ديمقراطية، ستنفذ واجباتها وتعتقل البشير(...) لقد كانت توقعاتنا كبيرة". وتابع "لكن قرار المحكمة اللاحق يطمئننا".
ومنذ صدور مذكرة الاعتقال بحقه لم يسافر البشير سوى للدول غير الموقعة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، وقالت جنوب أفريقيا في السابق إنها ستعتقله.
وأعربت بوتسوانا، جارة جنوب أفريقيا، عن خيبة أملها بسبب "تجنب البشير لاعتقاله عندما اختصر زيارته وفر إلى بلاده خوفا من الإعتقال".
وأفاد بيان أصدره مكتب رئيس بوتسوانا إيان خاما، "لقد قلنا باستمرار إنه إذا جاء الرئيس البشير إلى بوتسوانا فإننا سنطبق القانون الذي ينص عليه ميثاق روما".
ودعت بوتسوانا الإتحاد الأفريقي إلى أن "يكون مثالا" ويتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية "لضمان محاسبة الرئيس البشير على الفظاعات التي ارتكبها في دارفور".
وينقسم موقف الدول الأفريقية حول دور المحكمة الجنائية الدولية، ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي هو أحد القادة الذين دعوا إلى انسحاب الدول من المحكمة، علما أن بلاده ليست عضوا فيها.
وانضم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الأصوات المنتقدة لجنوب أفريقيا لعدم اعتقالها البشير، وقال إن مذكرة الاعتقال هي "أمر أخذه على محمل الجد ويجب احترام سلطة المحكمة الجنائية الدولية".
وهدد "مركز جنوب أفريقيا للمقاضاة" الحقوقي الذي رفع الدعوى القضائية لاعتقال البشير، باتخاذ مزيد من الخطوات القانونية ضد الدولة بسبب تعاملها مع القضية.