أكد مصدر من داخل
مليشيات الحشد الشعبي في محافظة الأنبار، غرب
العراق، صدور أوامر لجميع المقاتلين المنضوين تحت لوائها بالتوقف، وبشكل نهائي، عن تصوير
الانتهاكات التي تتم على أيديهم، مع التأكيد على محاسبة القائد الميداني في حال ظهور أي مقطع مصور في منطقة عملياته.
وقال المصدر العامل في قاطع مدينة الكرمة بمحافظة الأنبار؛ إن أوامر شفهية وصلت إليهم من بغداد، وتم تعميمها على جميع القادة الميدانيين، تؤكد على التوقف وبشكل نهائي عن تصوير أي حالة اعتقال أو تعذيب أو قتل، مع التشديد على أن عقوبات إدارية ستطال أي قائد ميداني تشهد منطقته تسجيل مثل هذه المقاطع.
وأضاف المصدر، في تصريح خاص لـ"
عربي21"، أن التوجيهات تدعو قادة الفصائل إلى تجريد عناصرهم من هواتفهم النقالة، وتفتيشهم بدقة قبل القيام بالعمليات القتالية، مع السماح لعناصرهم من الإعلاميين فقط بحمل الكاميرات والهواتف من أجل توثيق المعارك، وتقديمها في إصدارات مرئية تنشر على القنوات ومواقع التواصل التابعة لكل فصيل ضمن الحشد الشعبي.
واستبعد المصدر قدرة القادة الميدانيين على إلزام العناصر القتالية بهذه الأوامر، خصوصا أن عناصر الحشد يرون في تصويرهم عمليات التعذيب والقتل باعتبارها أعمالا يتفاخرون بها، ويبعثون صورها وأفلامها إلى أهلهم وأصدقائهم، ويحرصون على نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار المصدر إلى أن أوامر منع التصوير جاءت بناء على وثيقة قدمها مستشار في الحكومة العراقية إلى زعماء الفصائل الشيعية، تحذرهم من إمكانية استخدام الأفلام والصور كأدلة ضدهم في محاكمات مستقبلية قد تجري في العراق، أو حتى دول أخرى داخلة ضمن مواثيق ومعاهدات مناهضة للتعذيب.
إلى ذلك، أكد المحامي أكرم فرهاد الجاف أن القيام بأي تحرك قانوني لمقاضاة عناصر الحشد أو غيرهم تستوجب من الجهة المتضررة جمع أكبر قدر من الأدلة الخاصة بالإدانة، لافتا الى أن صور وأفلام التعذيب والاعتقال والقتل هي مادة أساسية يجب أن الاحتفاظ بها لحين توفر الظروف المناسبة لمقاضاة الجهة المتورطة في تلك الأعمال.
وأشار الجاف، في حديث خاص لـ"
عربي21"، إلى أن صور وأفلام الانتهاكات التي يتم نشرها على مواقع التواصل هي أدلة جيدة، ويمكن من خلالها التعرف على الأشخاص الظاهرين فيها والفصيل الذي يتبعونة داخل منظومة الحشد، حتى تتم المقاضاة باسم الشخص الذي قام بأعمال الانتهاكات، أو اسم الشخص الذي يتزعم هذا الفصيل.
وبيّن الجاف "أهمية الاحتفاظ بهذه الأدلة، لأنها تظهر انتهاكات تنتمي إلى مجموعة الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، ويبقى الاتهام قائما بحق مرتكبها بغض النظر عن الفترة الزمنية التي مرت بعد القيام بالجريمة"، موضحا أن المقاضاة لا يشترط أن تتم في العراق، لأن الأوضاع الحالية لا تسمح بتقديم شكوى ضد مليشيات الحشد الشعبي.
وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالمقاطع المصورة والصور الفوتوغرافية التي تظهر عناصر من مليشيات الحشد الشعبي يعتقلون أو ويعذبون أو يقتلون أشخاصا بتهمة انتمائهم لتنظيم الدولة، فيما يؤكد الأهالي أن معظم الضحايا هم من المدنيين الذين تم استهدافهم على خلفية طائفية.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اتهمت في شباط /فبراير الماضي؛ مليشيات الحشد الشعبي بارتكاب جرائم حرب، على خلفية قيامها بخطف مدنيين سنة وإعدامهم ميدانيا، فضلا عن إجبار السكان على ترك مناطقهم الأصلية، مضيفة أن جرائم المليشيات الشيعية تزداد وحشية وسط تجاهل الحكومة العراقية.
من جهتها، رفضت البرلمانية عن التحالف الشيعي الحاكم في العراق، عالية نصيف، عدة تقارير حقوقية بخصوص انتهاكات مليشيات الحشد الشعبي، وآخرها تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي وصفته بأنه "أداة رخيصة للترويج والاستهلاك الإعلامي"، على حد وصفها.