لم تتمكن أم باسل (50 عاما) النازحة من محافظة ديالى إلى
كركوك في شمال
العراق؛ المكوث طويلا في منزلها الذي استأجرته حديثا سوى لأسبوع واحد، فسرعان ماعادت ثانية للبحث عن منزل آخر، لكن هذه المرة بعيدا عن محافظة كركوك.
توضح أم باسل أن السبب في ذلك يعود إلى قوات الأسايش الكردية التي سحبت جميع أوراقهم الشخصية، وأمهلتهم أياما معدودات لمغادرة المحافظة بالقوة.
تضيف أم باسل في حديثها لـ"عربي21"؛ أن هذا القرار سبب لها إرباكا وصدمة لأفراد عائلتها، وتقول: "هذه صدمة ستحمّلني ما لا طاقة لي على حمله، وتعيدني إلى نقطة الصفر، نازحة أبحث عن مأوى يجنبني حياة البؤس على أبواب المدن العراقية".
ورغم قساوة ما تمر به من ظروف، فإنها لا تحبذ الرجوع إلى منزلها في ناحية العظيم بديالى، الواقعة تحت سيطرة مليشيا
الحشد الشعبي، حتى لو افترشت الأرض على جنبات الطرق، فهي تعتبر هذه الظروف الصعبة يمكن تحمّلها خوفا على حياة أبنائها.
أما عبد الله أبو همام (35عاما) الذي هجر منزله قسرا في حزيران/ يونيو الماضي مع زوجته وأبنائه هرباً من العمليات العسكرية والمليشيات التي استولت على مدينته، اليوم تطالبه القوات الكردية بالرحيل.
ويقول أبو همام، في حديثه لـ"عربي21": "لا أجد فرقا بين الحشد والقوات الكردية، فالأسايش يخرجوننا من كركوك بالقوة لتغيير ديمغرافية المدينة، وإفراغها من سكانها الأصليين العرب، ومليشيات الحشد كذلك أخرجونا من ديارنا أيضا. أما العودة إلى منزلي فباتت مستحيلة، لأن المليشيات دمرته بالكامل".
ويرى أبو همام أن ادعاء الحكومة المركزية ودعوتها عبر الإعلام للأسرة النازحة بالعودة إلى منازلهم في ديالى تتنافى مع الواقع المر، ورفضها المستمر لدخول النازحين هو ما جعله أكثر يقينا بأن الحكومة مخادعة وتكذب، بحسب قوله.
في المقابل، اتهمت المجموعة العربية بمجلس محافظة كركوك أطرافا، لم تسمها، بطرد العائلات النازحة من ديالى، بحجة تحرير محافظتهم، فيما وصفت إدارة المحافظة هذه الاتهامات بالمزايدات السياسية.
وتضم محافظة كركوك 81 ألف عائلة نازحة من المحافظات الساخنة كافة، وسبق أن تم منح النازحين منحة المليون دينار التي شملت 39 ألف عائلة.
وتشكو كركوك باستمرار من ضعف الدعم الحكومي والأممي للنازحين، كونها ضمت هذا العدد الكبير منهم بكركوك من دون أن تكون لها مساندة بمجال الخدمات الصحية والطبية والاقتصادية، وزيادة حصصها من الكهرباء، فيما تضم أيضا قرابة 50 ألف طالب وطالبة بمدارسها من النازحين.
وقد ناشد الأهالي حكومة كركوك بالتريث في قرار إخراجهم من المدينة، ريثما تتم الموافقة من مليشيا الحشد لعودة النازحين إلى ديالى، أو البقاء في محافظات غير مرغوب بهم تحت وطأة مخيمات بائسة، لا تسلم هي الأخرى من الحرق والقصف لتهجير من تبقى بداخلها. فخيارات النازحين العراقيين الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، تنحصر بين خيارين أحلاهما مُرّ، على حد وصف النازحين.