كتب سامي النصف: التقيت قبل أيام قليلة في ديوان الأديب عبدالعزيز البابطين بالكويت بالسيد أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية
العراقية، وقد سألته عن سر تمدد تنظيم داعش وانهيارات الجيش أمامه في الموصل والرمادي؟
وكان ملخص إجابته أن المناطق التي حررت من سيطرة داعش لم يسمح لأهلها بالعودة لبيوتهم، بل أحضر آخرون للسكن بها، لذا أصبح أهل الشمال والغرب مضطرين للقبول بداعش على أن يدعموا الجيش والحشد الشعبي، وأن الحل هو بتسليح قبائل وعشائر الأنبار (الصحوات) التي سبق لها أن طردت وقضت على تنظيم القاعدة والزرقاوي، فليس مقبولا -حسب قوله- إن يقال لرجال العشائر: ابقوا في بيوتكم دون سلاح حتى تصل القوى التي ستطرد داعش.. وتطردكم معهم!
وأسوأ ما يمكن فعله هو الحديث عن أعراض مرض داعش، كالانشغال بقطع الرؤوس والقتل بقاذفات الصواريخ، والاختراعات الشيطانية الأخرى، التي يقصد منها البعد عن الحديث عن المرض ذاته، الذي تسبب بتهجير الملايين من العراقيين والسوريين من المناطق المبتلاة بهم وبحروبهم العبثية، والأغلبية المطلقة من المهجرين في البلدين هم من أهل السنة الذين يدعي التنظيم كذبا الدفاع عنهم.
إن التشخيص الصحيح للداء يسهل معرفة الدواء، يبدأ التشخيص بمعرفة مصادر المال والسلاح والمعدات والذخائر التي لا تنقطع عن التنظيم، ولماذا لم يفجر قادة الجيشين العراقي والسوري أسلحتهم وذخائرهم بدلا من تسليمها كاملة لداعش؟ ولماذا لم يتم قط محاكمة من قام بتسليم الموصل والرمادي وتدمر وغيرها من مناطق دون حرب؟
وقبل أيام قليلة، اتهمت صحيفة الغارديان البريطانية الولايات المتحدة بأنها من ساهم بغفلتها وأخطائها بخلق تنظيم داعش وبقائه قويا، كما أشارت الصحيفة إلى أن المحاكم البريطانية برأت رجل أعمال سويديا من تهمة تمويل الجماعات الإرهابية في سورية، بعد إن اكتشفت أن المخابرات البريطانية كانت تمول الجماعات ذاتها.
كما نشرت في اليوم ذاته صحيفة الديلي تلغراف الرصينة تقريرا أمريكيا يتهم نظام الأسد بخلق ودعم تنظيم داعش، ويضاف إلى ذلك كله تقارير تتهم دولا إقليمية مؤثرة بتمويل داعش، بدلالة عدم قيام التنظيم بعمليات على أرضها، والذي اصبح للعلم التنظيم الإرهابي الأكثر غموضا في التاريخ، حيث تثبت الأيام تباعا أن من يدعي عداءه هم أول داعميه ومموليه!
آخر محطة:
1 ـ في 9 ابريل الماضي أعلن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أن داعش توقفت عن التمدد في العراق وسورية، وبعدها بأيام قليلة سقطت الرمادي وتدمر، كما صرح جون ماكين مرشح الرئاسة السابق بان 75% من طلعات التحالف الجوية تعود لقواعدها دون أن تقصف هدفا، وتلا ذلك تصريح لوزير الدفاع الأميركي بألا مبرر على الإطلاق لانهيار الجيش العراقي في الرمادي وتسليم أسلحته وذخائره ومركباته، وهي في الأغلب أمريكية لتنظيم داعش، وأخيرا صرح وزير الخارجية الروسي أمام مؤتمر دول شنغهاي بأن تنظيم داعش قد تمدد وبات يهدد أمن جمهوريات آسيا الوسطى.. يا لطيف!
2 ـ تصدر البنتاغون مجلة ساخرة، يعني مسماها الحقيبة القماشية الخضراء التي يحملها الجندي الأميركي، وقد اقترحت المجلة في عددها الأخير وبشكل ساخر أن تهدي أمريكا 40 % من الأسلحة التي تبيعها للعراق مجانا لتنظيم داعش، توفيرا للجهد، كون تلك هي النسبة الحقيقية للأسلحة الأمريكية التي تقع بالنهاية ومجانا بيد ذلك التنظيم.
(صحيفة الأنباء
الكويتية)