بعد جولة مفاوضات لم تصل إلى شيء في العاصمة العمانية مسقط، تأجل الحوار اليمني- اليمني، وبالرعاية الدولية إلى 14 حزيران/ يونيو الجاري، في محاولة لإنهاء الحرب التي تعصف بهذا البلد.
وفي تفاصيل الجولة الأولى التي حضرها الإيرانيون والأمريكيون كل على حدة، فقد خاض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولة من المباحثات مع المسؤولين العمانيين، حاول فيها نفي ارتباط إيران بجماعة الحوثي، وأكد فيها "أن وفد أنصار الله هو الذي سيتولى المفاوضات من دون أي مشاركة إيرانية"، بحسب ما ذكرت صحيفة لبنانية.
وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب لله، إن أمريكا أجرت "مشاورات مع عواصم غربية أخرى، ولا سيما بريطانيا وألمانيا، وتولى دبلوماسيون من هذين البلدين عقد اجتماعات مع عدد من القيادات
اليمنية في كل من الرياض والقاهرة ومسقط، قبل أن ينتقل هؤلاء إلى المشاركة في المحادثات مع أنصار الله (الحوثي) بصفة استشارية".
وقال إبراهيم الأمين، رئيس تحرير الصحيفة، إن السلطات
العمانية خصصت "فندقا استضاف الوفد الأمريكي والمستشارين الأجانب ووفد أنصار الله (الحوثي) وقيادات يمنية أخرى. وتولى الجانب العماني دور الوسيط والناقل بين غرفتي الأمريكيين وأنصار الله. ولم تنجح مسقط في انتزاع تفويض سعودي لها بتولي التفاوض المباشر مع الوفد اليمني"، على حد قوله.
"واستُدعي عدد كبير من الشخصيات المعنية إلى مسقط، بينها قيادات جنوبية مثل الرئيس السابق علي ناصر محمد وحليفه الأبرز القيادي في الحراك الجنوبي محمد علي أحمد، الذي قدم من القاهرة بعدما عقد هناك اجتماعات مع القيادة المصرية ومع دبلوماسيين أجانب، أبرزهم السفير البريطاني في صنعاء"، بحسب الصحيفة.
إطار المفاوضات
واعتبرت الصحيفة التي دائما ما تدعم في أخبارها توجهات وآراء الحوثيين، أن ما نقلته المسؤولة الأمريكية هو "تصور سعودي بأسقف عالية جدا غير قابلة للتطبيق... كأن يكون مجلس التعاون الخليجي هو المرجعية الراعية لأي تفاوض يمني– يمني، وكذلك طلب عودة جميع مقاتلي أنصار الله إلى شمال اليمن، والإصرار على إعادة الرئيس الفارّ عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء أو عدن".
وأضافت أن الأمريكيين "فهموا مباشرة أن الأمور لن تسير على هذا المنوال"، فعادت المسؤولة الأمريكية إلى الرياض، ومن بعدها أُعدّ جدول أعمال جديد للمباحثات.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مشارك في المفاوضات أن "ساعات طويلة جدا تستهلكها الاتصالات بين المتحاورين، وإن البحث يتم على كل بند وعلى كل نقطة وكل كلمة. وإن الإطار العام شمل الأفكار الآتية: توافقا مبدئيا على إيجاد وسيلة مناسبة لإخراج هادي من المشهد السياسي نهائيا، والبدء بإنشاء مجلس رئاسي ومرحلة انتقالية جديدة يجري التفاهم عليها خلال مفاوضات جنيف. ويصار إلى استبدال مشروع حكومة اتفاق السلم والشراكة بحكومة توافقية".
وأضافت الصحيفة في الإطار التي وضعته: "يتوافق الجميع على اعتماد مخرجات الحوار كمرجعية للمفاوضات اللاحقة، وهي سبق أن أقرت في صنعاء العام الماضي، وتشمل انتخابات رئاسية ونيابية ودستورا جديدا، وصياغة وضع جديد لإدارة شؤون الجنوب".
وجرى الاتفاق خلال المحادثات في مسقط على أن تتم الدعوة إلى لقاء جنيف من قبل الأمم المتحدة، وأن تتولى هي رئاسة الجلسات، ويجلس الطرفان إلى جانب طاولة بحيث يكون لكل طرف سبعة ممثلين وزعوا على النحو الآتي: "ممثلان عن أنصار الله، وممثلان عن حزب المؤتمر الذي يرأسه علي عبد الله صالح، وممثل عن حزب الحق، وممثل عن حزب البعث، وممثلة عن تنظيم المرأة. ومن الجانب الآخر، يحضر ممثلان عن حكومة البحاح، وممثلان عن حزب الإصلاح، وممثل عن الحزب الاشتراكي، وممثل عن الحزب الناصري، وممثل عن حزب الرشاد السلفي".
يذكر أن الحوثيين المدعومين من
إيران انطلقوا من معقلهم في صعدة شمال البلاد في تموز/ يوليو 2014، ليسيطروا على مناطق واسعة في وسط اليمن وغربه، بينها العاصمة صنعاء في كانون الثاني/يناير، كما أنهم سيطروا على مناطق واسعة في طريقهم وتقدموا إلى عدن جنوبا.
وعدن هي المدينة التي لجأ اليها هادي قبل فراره إلى
السعودية لدى محاولة المتمردين الدخول إلى عدن، حيث تواصل القوات الموالية لهادي مقاومتهم، كما هو الحال في مناطق أخرى.
ملء شاغر مليشيا الحوثي
في الجانب المتصل بالوضع جنوبا، تقول الصحيفة إنه "جرى البحث في خطة تؤمن انسحاب اللجان الشعبية من المحافظات الجنوبية بصورة متدرجة. لكن العوائق تمثلت أولا بهوية القوة العسكرية التي ستتولى طرد جميع عناصر القاعدة من كل محافظات الجنوب، وهو أمر يقلق الجانب الأمريكي على وجه الخصوص".
وقالت إن موفد الحوثي أبلغ "المعنيين منذ البداية بأنه لا مانع من إخلاء جميع مدن البلاد من أي وجود مسلح خارج قوات الجيش والشرطة. لكن الجانب الآخر رفض ترك الأمور في عهدة الجيش فقط بذريعة أن الجيش يخضع لتأثير قوي من جانب أنصار الله ومن جانب الرئيس السابق علي عبد الله صالح".
وأوضحت أنه "اتُّفق على أن يُسحَب عناصر اللجان الشعبية وقوات الجيش من داخل المدن الرئيسة في الجنوب، ويُبقي الجيش على انتشاره على حدود المدن والمحافظات، واقتُرح إنشاء قوة عسكرية من أبناء الجنوب، قوامها عشرة آلاف للحفاظ على المؤسسات الحكومية والممتلكات العامة والخاصة، وهي تعمل إلى جانب قوات الجيش والأمن".
وادعت الصحيفة في ختام مقال رئيس تحريرها، الأقرب إلى تقرير، أن هناك خلافات تعصف بحلفاء السعودية في مناطق الوسط والجنوب، "ويبدو أن الانقسامات في منطقة تعز سبّبت اعتكاف قيادات عسكرية ومدنية عن المشاركة في أي مواجهة مع أنصار الله".
يأتي ذلك في وقت تتواصل فيه غارات التحالف الذي تقوده السعودية ضد مواقع تابعة لجماعة الحوثي، والقوات الموالية لصالح المتحالف مع الجماعة، وذلك منذ انطلاق عملية "عاصفة الحزم" في 26 آذار/ مارس الماضي، وما أعقبها في 21 نيسان/ أبريل من عملية سُميت بـ"إعادة الأمل".