تناول مقال نشره
معهد واشنطن التفجير الذي استهدف الجالية اليهودية في الأرجنتين، عام 1994، فخلال أقل من شهرين ستحل الذكرى الحادية والعشرين لتفجير "آميا"، الذي قُتل على إثره 85 شخصا، وجرح عدد أكبر من ذلك بكثير.
فقد علّق الكاتب ماثيو ليفيت، في مقاله الذي نشره في صحيفة "كلارين" الأرجنتينية، بالقول إن مقتل المدعي العام الاتحادي ألبرتو نيسمان، الذي تولى التحقيق في الهجوم، جعل "التحقيق في التفجير لمركز الجالية اليهودية في الأرجنتين (آميا) يسقط في جحر أرنب غامض"، وهي كناية عن الدخول في المجهول المربك.
يذكر أنه عثر على نيسمان ميتا في شقته 18 كانون الثاني/ يناير الماضي، قبل مثوله أمام الكونغرس ليقدم ادعاءاته بأن رئيسة البلاد كريستينا كيرشنر، عرقلت التحقيق بشأن تفجير مركز يضم جمعيات يهودية في بيونس أيرس، ومنذ تولي نيسمان التحقيق في الهجوم ما زال التحقيق يرواح مكانه.
وزعم نيسمان في تقريره أن السلطات في الأرجنتين تسعى لتبرئة المشتبه بهم من
حزب الله وإيران، لقاء عقد صفقة تجارية بين الأرجنتين وإيران.
لكن الكاتب قال إن الحقيقة المثبتة هي أن "
إيران وحزب الله نفّذا كلا من تفجير مركز آميا في عام 1994، وتفجير السفارة الإسرائيلية في عام 1992".
ويُتهم حزب الله بتنفيذ العملية، كجزء من حملة ثأر لاغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، عباس الموسوي.
وقال الكاتب إن النظريات الأخرى التي تقول إن الهجوم عبارة عن مؤامرة يهودية متطرفة، أو أن من نفذه هم مهربو أسلحة متطرفون من الأرجنتين، أو تورط النظام السوري في الهجوم، فقد تم التحقيق في جميعها جيدا، ودحضها، وأُغلقت لعدم كفاية الأدلة.
وبحسب ليفيت، تراكمت الأدلة التي تعرض الأدوار المحددة التي أدّتها عناصر "حزب الله"، مثل سلمان الرضا، وعملاء إيران مثل محسن رباني.
وأشار الكاتب وهو مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن، إلى أن هناك من هو حريص اليوم على تغطية هذه الأدلة في الأرجنتين، ليس من خلال تحدي الأدلة الكثيرة، ولكن عن طريق تشويه سمعة المدعي العام الاتحادي نيسمان، حتى بعد عملية قتله الواضحة.
وقال إن أطرافا قوية هي من تعمل على تغطية الأدلة، وتقوم بتخويف ضحايا تفجير مركز "آميا"، وأعضاء الجالية اليهودية في الأرجنتين، من خلال تهديدهم بتوجيه تهمة الخيانة إليهم، أو غسل الأموال، أو ما هو أسوأ من ذلك.
وأضاف أن بعض الإيرانيين الذين اتهمتهم السلطات الأرجنتينية بضلوعهم بتفجير مركز "آميا"، يشعرون بالراحة جدا في هذا الجو المربك الجديد، "ويعود ذلك إلى حد كبير نتيجة صفقة ما يسمى بلجنة تقصي الحقائق الموقعة مع طهران، إلى درجة أن هؤلاء الإيرانيين يظهرون على شاشة التلفزيون المحلي، وهم مصرّون على أن التهم الموجهة إليهم هي مجرد أكاذيب".
وأشار إلى رفض مثول علي أكبر ولايتي، الذي كان وزير الخارجية الإيراني في عام 1994، ويشغل اليوم منصب مستشار المرشد الأعلى الإيراني، أمام محكمة أرجنتينية، الذي صرّح بأن التهم الموجهة إليه "لا أساس لها"، مشيرا إلى أن الأرجنتين تقبع "تحت تأثير الصهيونية والولايات المتحدة".
أما الرجل الذي وصفته السلطات الأرجنتينية باعتباره القوة الدافعة وراء تفجير مركز "آميا"، محسن رباني، فقد قال للتلفزيون الأرجنتيني إن التحقيق الذي أجراه نيسمان لم يستند سوى إلى "اختراعات الصحف دون أي دليل ضد إيران".
ولكن الكاتب قال إن "الإثبات الأقوى ضد إيران هو الدليل على الدور الذي أداه رباني بشكل خاص في المخطط، بدءا من تشغيل شبكة من عملاء المخابرات في بوينس آيرس، وصولا إلى شراء الشاحنة الصغيرة التي استخدمت مثل سيارة مفخخة في الهجوم".
ونوّه إلى أن تحقيقات نيسمان الأكثر حداثة، بيّنت أن الوكلاء الإيرانيين في الأرجنتين الذين يعملون تحت إمرة رباني، ويقدمون له التقارير مباشرة، يتآمرون لتلفيق "أدلة جديدة" وهمية لتحل محل الأدلة الحقيقة التي تم جمعها في هذه القضية.
وعلّق ليفيت على ذلك بالقول: "ها نحن في جحر الأرنب، مع هارب من العدالة ينسق مؤامرة لتقويض تحقيق سلطات إنفاذ القانون الخاصة بالأرجنتين، في مقتل 85 مدنيا وسط مدينة بوينس آيرس. لذا، لا عجب أن الكثيرين يعتبرون أن نيسمان هو الضحية رقم 86 لتفجير آميا"، على حد وصفه.