تحولت
بنغازي، مهد الثورة الليبية في 2011، إلى مدينة تعصف بها الحرب، ويلفها الدمار على مدار عام من المعارك اليومية منذ انطلاق حملة الفريق أول خليفة
حفتر.
وتعاني ثاني المدن الليبية من حيث عدد السكان، التي تبعد نحو ألف كلم عن العاصمة طرابلس، من نقص في مستلزمات الحياة اليومية، من الغذاء إلى المواد الطبية، فيما يواجه سكانها خطر الموت جراء القصف العشوائي.
من جهتها، قالت الإعلامية الليبية والناشطة في بنغازي، نادين الشريف: "المواطن يعاني من ارتفاع الأسعار وقلة وجود أبسط إمكانيات حياته اليومية، مثل الوقود وغيرها من المواد".
وأضافت أن السكان يعيشون وسط "حالة من فقدان الأمن والأمان (...) حتى المدارس تتعرض للقصف"، واصفة بنغازي بأنها "مدينة منكوبة".
وتعاني المدينة من هذه الأوضاع منذ أن أعلن حفتر في 16 أيار/ مايو العام الماضي، انطلاق "
عملية الكرامة".
ووجدت بنغازي نفسها في قلب هذه الحملة التي فشلت أمام ثوار المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة.
وازدادت الحرب في بنغازي ضراوة بين القوات الموالية لحفتر وثوار المدينة.
وتعد حملة حفتر انقلابا، وتواجهها أكبر المجموعات المسلحة في بنغازي، التي تقاتل القوات الموالية لبرلمان طبرق المنحل، حيث تنضوي تحت مسمى "مجلس شورى
ثوار بنغازي"، الذي يحظى بدعم تحالف "
فجر ليبيا".
وقال أيوب العرفي الذي يعمل تاجرا في مدينة بنغازي: "هناك معاناة شديدة. كل شخص في هذه المدينة محكوم عليه بالموت بسبب القصف" العشوائي لطائرات حفتر.
وأوضح: "نحن في أزمة كبيرة جدا. نحاول كمواطنين وتجار أن نعيد الحياة من جديد، وأن ننهي الأزمة، لكن الحرب لا تتوقف، وسط غياب الاهتمام من قبل الحكومة والبرلمان والمجلس البلدي".
وتشهد بنغازي التي قتل فيها أكثر من 1700 شخص منذ بداية 2014، بحسب منظمة "ليبيا بادي كاونت" غير الحكومية، وهو أعلى معدل قتلى مقارنة بباقي المدن الليبية، عمليات اغتيال تطال ناشطين وإعلاميين، وأعمال قصف عشوائية، قتل فيها العشرات، وبينهم ثمانية أطفال لقوا حتفهم في حادثين الأسبوع الماضي.
وقال مدير الخدمات في مركز بنغازي الطبي، عقيلة البرعصي: "النقص في المواد الطبية كبير، وكل شيء هنا يتعرض للقصف. حتى المركز الطبي، يقصف بشكل دوري أسبوعيا".
ومع أن بعض المناطق في بنغازي لا تزال تتمتع بشيء من نمطها الطبيعي، وخصوصا في شرقها، مع انتشار قوات من الشرطة وفتح المحال التجارية لأبوابها، إلا أن مناطق أخرى وعلى رأسها الصابري والليثي في الوسط، والهواري في الجنوب، تشهد معارك يومية.
وتعرضت الأبنية والمحال والمدارس في هذه المناطق إلى عملية تدمير كبيرة، وجعلتها بؤرا معزولة عن باقي المدينة، بعدما نزحت منها آلاف العائلات التي باتت تبيت في مدارس في مناطق أخرى، تطالها بدورها عمليات القصف.
وفي مناسبة مرور عام على عملية "الكرامة"، قال حفتر في خطاب له إن حملته العسكرية لن تتوقف حتى "يشمل التحرير (...) كل المدن الليبية التي يدنس أرضها الإرهابيون"، وفق ادعائه، واعدا مدينة بنغازي مجددا بـ"يوم حسم قريب".
في مقابل ذلك، تعهد تحالف "فجر ليبيا" في بيان للمناسبة ذاتها بدعم المسلحين المناهضين للقوات التي يقودها حفتر، قائلا: "نشد على أيدي ثوارنا البواسل مجلس شورى ثوار بنغازي، وأننا لم ولن نتخلى عنكم، وسنبذل كل جهودنا لمساندتكم".
ويرى من جانبه، الناشط السياسي والعضو السابق في المؤتمر الوطني العام، عثمان بن ساسي، أن "الحل في بنغازي مرتبط بالأزمة الليبية برمتها وإمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية قوية تنهي الانقسام".
وأضاف: "دون هذه الحكومة، الحرب قد تستمر طويلا".