للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات التركية، يقترب
العلويون في
تركيا من دخول البرلمان بنسبة تمثل نسبتهم من إجمالي عدد سكان البلاد، ما سيكون له وقع على المشهد السياسي التركي لكونهم من أشد المعارضين لحزب العدالة والتنمية.
وفي تقرير له قال مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن سونر جاغابتاي إن العلويين يشكلون 10- 15% من سكان تركيا البالغ عددهم 77 مليون نسمة، بينما يشكل الأتراك من أصل علوي مجتمعا أصغر بكثير يقدر بأقل من مليون نسمة. وتمارس هذه الفئة الثانية إسلاما باطنيا بالغ الالتزام يشترك فيه العلويون المؤيدون لنظام الأسد في سوريا. وبالرغم من اختلافاتهم، فإن العلويين الأتراك والعلويين العرب متحدون سياسيا في تركيا في معارضتهم لحزب العدالة والتنمية، وتنتهج كلتا الجماعتين نهجا علمانيا قويا في تحركاتهما السياسية؛ إذ تصوتان بأعداد هائلة لصالح "حزب الشعب الجمهوري" وأحزاب يسارية أخرى.
ويرجع ضعف تمثيل العلويين في
البرلمان التركي إلى عدة أسباب، أبرزها عدم ترشيح الأحزاب اليمينية لأي مرشحين علويين، كما أن العلويين الأتراك ورغم أنهم يتحدثون الكردية فإنهم لا يعرفون أنفسهم على أنهم أكراد، وبالتالي فهم لا يدعمون الأحزاب القومية الكردية اليسارية مثل حزب "ديموقراطية الشعوب".
وتابع التقرير: "فشلت البرامج الانتخابية المتحفظة للأحزاب اليمينية في جذب الناخبين العلويين. ونتيجة لذلك فإن تمثيل النواب العلويين في الوفود البرلمانية لهذه الأحزاب يقترب من الصفر. وعلى سبيل المثال، فإن قائمة حزب "العدالة والتنمية" في انتخابات 7 حزيران/ يونيو لا تضم أي مرشحين علويين، ويوجد نائب علوي واحد فقط من بين إجمالي ممثلي الحزب في البرلمان الحالي البالغ عددهم 312 نائباً.
وعلى نحو مماثل، فإن لدى حزب "العمل القومي" اليميني مرشحا علويا واحدا فقط، في قائمة انتخابات حزيران/ يونيو.
الانتخابات التمهيدية لـ"حزب الشعب الجمهوري"
ويستعد العلويون إلى دخول البرلمان عبر بوابة حزب الشعب الجمهوري الذي أجرى هذا العام انتخابات تمهيدية داخلية لقواعده، لاختيار من يترشح للانتخابات بهدف السماح لمرشحين جدد بالبروز من الأوساط الشعبية.
وحشد العلويون أعدادا كبيرة على وجه التحديد للتصويت في الانتخابات التمهيدية لحزب "الشعب الجمهوري". وكان الصحفي التركي حسن كنبلاط قد أشار مؤخراً في إحدى مقالاته إلى أن ما لا يقل عن ثمانية وستين من المرشحين العلويين الفائزين في الانتخابات التمهيدية يحتمل أن يفوزوا بمقاعد في البرلمان المقبل. بالإضافة إلى ذلك، فإنه ربما يتم انتخاب عشرة علويين آخرين من قائمة حزب "ديمقراطية الشعوب" القومي الكردي. وهذا من شأنه أن يرفع نظرياً نسبة العلويين في المجلس التشريعي إلى ما يصل إلى 10- 15 في المائة. وإذا ما حدث ذلك، فسيكون تمثيلهم البرلماني مناسباً تقريباً لنسبتهم في عدد السكان - وذلك للمرة الأولى في التاريخ التركي الحديث.
وعلى الرغم من أن حزب "ديمقراطية الشعوب" لم يجر انتخابات تمهيدية، فإنه أدرج في النهاية عدداً غير مسبوق من العلويين في قوائمه، حيث اختار حوالي عشرة مرشحين علويين. وإذا تمكن الحزب من تخطي العتبة الانتخابية المقدرة بـ 10% المطلوبة لدخول الأحزاب للبرلمان، فسيتم انتخاب أغلب هؤلاء المرشحين.
إذا جمعنا بين هذا العدد وتوقعات حزب "الشعب الجمهوري"، فربما سيضم البرلمان القادم ما بين ستين إلى سبعين نائباً علوياً، أو ما بين خمسين إلى ستين إذا لم ينجح حزب "ديمقراطية الشعوب" في الوفاء بالنسبة المطلوبة للعتبة الانتخابية. وبالتالي، فإن تجمعاً علوياً غير رسمي على أعتاب الظهور في المجلس التشريعي.
التداعيات على السياسة التركية
من المرجح أن يستغل حزب "العدالة والتنمية" أي تشكيل لجبهة علوية ليطلق على حزب "الشعب الجمهوري" اسم "الحزب العلوي". وقبل إجراء الانتخابات الرئاسية في آب/ أغسطس 2014، كان رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب
أردوغان، قد وصف الحزب بأنه حركة علوية رغم حقيقة أن مرشحه، أكمل الدين إحسان أوغلو هو سني متدين. بيد أن إطلاق هذه التسمية في الوقت الحالي قد يهمّش حزب "الشعب الجمهوري" ويحوّله إلى أفضل حزب أقلية من غير منازع.
وبناءً على هذه المعطيات، فإنه يتمثل التحدي الذي يواجهه حزب "الشعب الجمهوري" في توسيع جاذبيته ونطاق برنامجه بحيث يتجاوز الترويج لحقوق العلويين.