يعيش الكثير من الأيتام والعائلات الفقيرة، التي فقدت المعيل الوحيد في
ريف دمشق، حصارا خانقا، وقلة في الموارد، وانعدام أسباب الحياة، فضلا عن الوضع الأمني الذي تعيشه هذه البلدات، وإمكانيه تعرض أهلها للاعتقال أثناء التنقل في أي لحظة، يضاف إليها حرمان شريحة واسعة من أهالي هذه المناطق من نشاط المؤسسات الإغاثية، لعدم قدرة كوادر هذه المؤسسات على دخول مناطق
الحصار والعمل فيها.
وفي حديث خاص مع الناشط مالك شعبان، وهو من القائمين على الهيئة الخيرية للإحسان والتنمية العاملة في ريف دمشق الغربي، تحدث لـ"عربي21" عن صعوبات يواجهها العمل الإغاثي في ريف دمشق عموما، ومناطق الريف الغربي خصوصا، لأن حصار هذه المناطق، وابتعادها عن المنافذ الحدودية المحررة، حرمها من حملات إغاثية كثيرة تستهدف العائلات المتضررة نتيجة الحرب الدائرة في المناطق الساخنة، إضافة لحرمانها من مشاريع تنموية تنفذها هيئات إغاثة عالمية، كما في الشمال السوري.
وتابع شعبان حديثه قائلا: "ما زال سكان هذه المناطق يتعاملون مع نظام بشار الأسد، فمعظم أطفالهم يدرسون في مدارسه، إضافة لاضطرار الكثير منهم إلى العبور على حواجز قوات النظام لينتقلوا بين مناطق الغوطة الغربية التي قطع النظام أوصالها بحواجز ضخمة، ما يفرض عليهم إجراءات أمنية للحفاظ على أنفسهم من الاعتقال".
ويقول شعبان إن "هذا الأمر يتنافى مع مستلزمات العمل الإغاثي التي تعتمد على التوثيق بالصورة والفيديو والأسماء والتواقيع، وما إلى ذلك من مستلزمات يفرضها العمل الإغاثي المنظم، وقليلون جدا أولئك الذين يقبلون وجود الكاميرا وتصوير وجوههم أثناء استلام سلة غذائية، أو ما شابه، خوفا من وصول الصورة إلى النظام، ما يعرضهم للاعتقال، أو اعتقال أي شخص يقربهم بتهمة التعامل مع الثوار وتلقي دعم خارجي".
وأوضح شعبان أن كل هذا "أدى إلى تضييق النشاط الإغاثي في هذه المناطق، (مع) صعوبة إحصاء العائلات المنكوبة، وتجهيز قوائم خاصة بهم، كما يرفض الأهالي التفاعل مع الناشطين".
ورغم ذلك، تحدث الناشط شعبان عن محاولات لإحياء العمل الإغاثي والمدني في هذه المناطق، تقوم بها العديد من المؤسسات والجمعيات الإغاثية، قد تكون محدودة، حسب وصفه، ولكنها خطوة على بداية الطريق.
ومن بين تلك المحاولات، هنالك عدد من المشروعات الزراعية التي تهدف إلى استغلال الأراضي الزراعية الخصبة، وتوفير المياه في المنطقة، إضافة إلى تأمين فرص عمل لعدد من الشباب، وبالتالي إبعاد قسم من العائلات عن الفقر والحاجة، ناهيك عن إبعاد هذه المناطق عن خطر الحصار الذي طبقه النظام على بلدات الريف الثائر لإجبارها على المهادنة أو الاستسلام، "فتجارب الآخرين كانت درسا لنا لإعداد العدة والتحضير لأي محاولة حصار يحاول فرضها النظام"، على حد قول شعبان.
وشهدت
داريا والمعضمية، إضافة إلى حيي القدم والعسالي في دمشق، نزوحا كثيفا على خلفية المعارك هناك، حيث انتقل قسم كبير من السكان إلى بلدات الريف الغربي الأخرى، لتصبح ذات كثافة سكانية هائلة، وليمنع عنها النظام فيما بعد دخول المساعدات التي يقدمها الهلال الأحمر للنازحين، كما فعل مع بلدات الطيبة والمقيليبة وزاكية وخان الشيح، لتعيش هذه البلدات الحصار من جديد، ناهيك عن ملاحقة الناشطين الإغاثيين، ما حد من حركتهم داخل مناطقهم، ومنعهم من التنقل بين بلدات الغوطة الغربية مقطعة الأوصال.