كانت السنوات العشر الماضية؛ الأسوأ على قطاع
الصناعة العراقية، بسبب التدهور الذي حل بها، في ظل أوضاع أمنية واقتصادية غير مستقرة.
وبحسب إحصائيات حكومية؛ فقد أغلق 91 ألف معمل حكومي وخاص، بينما يوجد نحو 30 ألف معمل مهدد بالإغلاق، لاستمرار غياب الدعم الحكومي لها، وعدم قدرتها على مواجهة
المستورد، بسبب حداثته وزهادة أسعاره، ما انعكس سلباً على قطاع الصناعة العراقية التي باتت غير منتجه، وتسبب في فقدان آلاف العمال وظائفهم.
إهمال حكومي
وقال نائب رئيس اتحاد الصناعات العراقية، مؤيد جمال الدين، إن عدد المعامل الفعالة والمنتجه في العراق حتى قبل 2002 بلغت بحسب إحصائية وزارة التخطيط 182 ألف معمل، بينها معامل حكومية وخاصة منتشرة في عموم العراق.
وأضاف لـ"عربي21" أن الصناعة كانت تدعم الناتج الوطني بنسبة تصل إلى 16 بالمئة، ووفرت 603 آلاف فرصة عمل لمهندسين وفنيين وحرفيين وإداريين، مشيراً إلى أنها تدهورت بعد 2003 بسبب دخول المستورد؛ لتصل نسبة دعمها الناتج الوطني إلى نحو 1.3 بالمئة حتى العام 2014.
وأبدى جمال الدين تخوفه من اندثار الصناعة العراقية بسبب ابتعاد الكثير من الصناعيين والحرفيين عن مهنتهم الأصلية "كصناعة النسيج والأخشاب والجلود والأواني المزخرفة وغيرها، رغم المبادرات الحكومية في السنوات العشر الماضية، التي لم تحقق شيئاً يذكر، على الرغم من حجم الأموال التي صرفت عليها، والتي تجاوزت 810 مليارات دولار من 2002 إلى 2014.
متنفذون يدعمون المستورد
من جهته؛ قال الخبير في الشؤون الصناعية، محمود صباح، إن الحكومات التي أعقبت عام 2003 "لم تكن نصيرة للصناعة العراقية، بل كانت مهلكة لها، فهي لم تكلف نفسها حتى بمنع المستورد، أو على الأقل موازنته مع ماهو موجود من المنتج المحلي".
واتهم صباح في حديثه لـ"عربي21" متنفذين في الدولة بـ"تدمير الصناعة العراقية، عن طريق استيرادهم البضائع، وتسهيل دخولها العراق، حتى أصبحت السوق العراقية فائضة بالمستورد بنسبة تفوق 94 بالمئة.
أما معامل ومصانع وزارة الصناعة والمعادن؛ فلم تختلف معاناتها عن نظيراتها في القطاع الخاص، بحسب وكيل الوزارة لشؤون الشركات عادل كريم.
وقال كريم لـ"عربي21" إن الوزارة تحمل اليوم تركة ثقيلة سببها عدم اهتمام الحكومات والبرلمانات المتعاقبة بالصناعة العراقية بشكل طموح وفعال، ما نتج عنه 52 شركة خاسرة، من مجموع 76 شركة تابعة للوزارة.
وأضاف أن وزارته لم يبق لديها خيار سوى التوجه نحو الخصخصة والاستثمار، "لكن ذلك ينتظر الموافقات الأصولية لمجلس الوزراء الذي لم يبت بالأمر حتى الآن"، مستغرباً تأخرها "خاصة وأن البرنامح الحكومي الحالي أكد على تنمية القطاعين الصناعيين الحكومي والخاص".
استغلال تراجع المستورد
من جانبها؛ قالت عضو لجنة
الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب نورة البجاري لـ"عربي 21"، إن "العراق شهد بعد سنة 2003 حالة من الانفتاح "بلا قيود"، ما أدى إلى إغراق السوق المحلي ببضائع من شتى أنحاء العالم، فضلاً عن
تراجع الإنتاج المحلي العام والخاص، جراء حالة الانفلات الأمني وشح الطاقة والوقود".
وانتقدت البجاري جهات حكومية متخصصة "لتجاهلها حماية الصناعة العراقية من المنافسة غير المتكافئة مع المستورد، بما فيها دائرة التقييس والسيطرة النوعية، ووزارتا البيئة والصحة".
وأضافت العمليات العسكرية التي تجرى في عدد من المحافظات العراقية "أدت إلى غلق عدد من الحدود، ما نتج عنه كساد وضعف في استيراد عدد من البضائع من قبل المستورد والتاجر العراقي، الذي تكبد خسائر كبيرة هو الآخر"، داعية الحكومة إلى استغلال هذا الظرف من خلال تقوية المنتج الوطني.
ولتنشيط المصانع العراقية والنهوض بالصناعة الوطنية؛ اقترحت البجاري على الحكومة أن "يتم إطلاق القروض، أو المشاركة مع المستثمرين؛ لسد حاجة السوق بمنتجات محلية تضاهي المستورد"، مطالبة البرلمان بتشريع قوانين داعمة للصناعة، ومنظمة لواقع السوق المحلي.