بعد اشتباكات ومعارك طاحنة دامت عدة أيام، دخل مقاتلو ميليشيات "الحشد الشعبي" إلى قضاء
الدور جنوب مدينة
تكريت، بأعداد كبيرة، مدعومة بقوات عسكرية ضخمة تضم مئات المقاتلين، بينهم إيرانيون، وعشرات السيارات والمدرعات والدبابات.
وقال علي أبو مصعب، وهو من قضاء الدور، وكان شاهداً على دخول هذه المليشيات إلى تل كصيبة في القضاء: "منذ لحظة دخولهم المدينة رأيت الميليشيات، وكان أغلب مقاتليها يحمل أعلاماً سوداء وصفراء، ويهتفون بشعارات طائفية للثأر، وأول شيء فعلوه هو مداهمة المنازل، وسرقة ممتلكات الأهالي بحجة أنها مفخخة بالعبوات".
وأضاف أبو مصعب، في حديث خاص مع "عربي21"، أن الميليشيات بعد سيطرتها على الدور قامت باختطاف عدد من الشباب والعائلات، ونقلوهم إلى جهة مجهولة للتحقيق معهم.
وكانت بعض وسائل الإعلام قد ذكرت أن عدد المخطوفين يتجاوز 25 شخصاً، إلا أن أبا مصعب أكد أن هذا الرقم غير دقيق، وأن عددهم أكثر من ذلك، فضلاً عن اختطاف 15 امرأة مع أطفالهن.
وأشار أبو مصعب إلى أن المواجهات المسلحة لم تتوقف منذ دخول تلك الميليشيات والقوات الأمنية بأرتالها العسكرية إلى الدور والجلام وكصيبة، إضافة إلى قصف للطيران الحربي
العراقي على محيط الدور، مضيفاً: "لكن لا نعرف إن كان عناصر المليشيات والقوات الأمنية قد سيطروا على كامل الدور والقرى المحيطة به (..) أم لا، بسبب شدة المعارك هناك".
وتحدث شخص آخر يسكن في الجلام، لـ"عربي 21"، عن تفاصيل وحجم المأساة التي تعرّض لها الأهالي أثناء الاشتباكات، عندما حاولت المليشيات التقدم نحو المدينة.
وقال الشاهد: "لم يكن دخول عناصر الحشد وآلياتهم العسكرية إلى قضاء الدور بالأمر السهل. رافق هذا التقديم تدمير للدور السكنية، من خلال القصف بصواريخ الراجمات الإيرانية، وحرق وتجريف البساتين بطريقة وحشية، وكأنهم ذاهبون لتحرير فلسطين من يد إسرائيل، وليس للسيطرة على مدينة تكريت العراقية العربية التي تقطنها عشائر عربية أصيلة".
وأضاف: "أنا أستغرب من صمت العالم العربي، هو يرى الدول العربية تتساقط الواحدة تلوى الأخرى بيد الإيرانيين، وبالتأكيد بعد انسحاب تنظيم الدولة الإسلامية من صلاح الدين، فإن الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني هو من سيملأ الفراغ"، حسب قوله.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أعربت عن قلقها الشديد إزاء حدوث هجمات انتقامية تطال المدنيين على أيدي المليشيات، في حال تمكنت من الدخول إلى مدينة تكريت، وذلك بعد توثيق العديد من المذابح التي ارتكبتها الميليشيات الحكومية وقوات الأمن بحق مدنيين من
السنة، بعد استردادها بلدات ومناطق مثل ديالى وجرف الصخر واللطيفية وسامراء.
ويعدّ قضاء الدور رمزاً من رموز الحضارة العراقية على أرض الرافدين، ويقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة، بين مدينة سامراء ومدينة تكريت، ويبعد عن سامراء شمالاً بحوالي 30 كليو مترا، وعن تكريت جنوبا بحوالي 25 كيلومترا.