أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"
خالد مشعل، أن كل الخيارات مفتوحة لكسر حصار
غزة، محملا
قيادة السلطة ومؤسساتها وحكومتها المسؤولية عن تأخر عملية إعمار القطاع.
وقال مشعل في حوار له مع صحيفة "الرسالة" الفلسطينية، إن هناك تقصيرًا من حكومة التوافق في ملف الإعمار، مضيفا أنه "لا يعقل أن غزة التي خاضت معركة خالدة، وصمدت في وجه العدوان، وحققت إنجازات وانتصارات، وقدمت إبداعًا في المواجهة، أن يهضم حقها، فالأطراف التي تكلمت عن الإعمار، كثير منها لم يفعل شيئا، والمجتمع الدولي مقصر".
وأكد أن حركة حماس تسير في مسارين متوازيين لمعالجة الأمر؛ الأول مطالبة القيادة الفلسطينية ومؤسساتها وفي مقدمتها الحكومة، بأن تتحمل مسؤولياتها في إعمار غزة، وفي المسار الثاني نتحرك مع كثير من الأطراف الرسمية والأهلية التي لديها القدرة على المساهمة في الإعمار.
وقال إنه من حق غزة أن يكسر الحصار عنها، وأن يسرع في عملية الإعمار والإيواء، وإنشاء الميناء والمطار، و"كل ذلك نستطيع أن نصل إليه بكل الوسائل، فهو أمر لا يحتاج لأن نتحدث به أو نلوح فيه، وخياراتنا مفتوحة في كل الأحوال".
وشدد مشعل على التزام حركته بالثوابت الفلسطينية، وأهمية المصالحة، باعتبارها ضرورة وطنية لا غنى عنها. وجدد تأكيد "حماس" أنها لم تتدخل ولن تتدخل في أي شأن عربي أو إقليمي، وأنها حريصة على علاقات جيدة مع جميع الأطراف، على اختلاف طبيعة كل طرف ومكانته من القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن المرحلة التي تمر بها المنطقة في غاية من التعقيد في الساحة الفلسطينية، وفي المنطقة وعلى المستوى الدولي، و"بالتالي، فنحن نبحر عبر هذا المحيط المتلاطم في الأحداث والصراعات والاستقطابات، وتغير الاصطفافات وتبدل المعادلات".
استراتيجية حماس وعلاقاتها
وحول الحديث عن تغيير الحركة لاستراتيجيتها؛ قال مشعل: "حماس لم تقدم تنازلات في رؤيتها وبرنامجها السياسي بما يمس ثوابتنا الوطنية وحقوق شعبنا، وبالتالي برنامجها القائم على مقاومة الاحتلال، وتحرير المقدسات، وإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني (..) السياسات تتغير لكن الثوابت والحقوق لا تتغير، أن تمارس حماس حراكا سياسيا واعيا، وفيه من الأخذ والعطاء، فهذا أمر طبيعي، وهو تكتيك، ولكن المهم أن ذلك هو طريقنا للوصول إلى أهدافنا التي لا تغيير عليها، ولكن وسائلنا وأساليبنا تتطور باستمرار".
وبشأن علاقاتها في المنطقة، قال: "تحالفات حماس وعلاقاتها السياسية في جوهرها، تنطلق من أسس ثابتة، ولكنها في أشكالها ومقارباتها لا شك أنها متغيرة، وإننا في حماس لدينا قضية وثوابت في الصراع مع المحتل، فقضية فلسطين هي قضية الأمة العربية والإسلامية، وهي قضية عادلة على المستوى الإنساني، وتهمّ الجميع، والكيان الصهيوني يشكل خطرا على المنطقة، وكل هذا يدفعنا إلى إقامة شبكة علاقات وتحالفات، معيارها ما يخدم قضيتنا وشعبنا، ويعينه على ثباته وصموده، وما يعزز مشروع المقاومة، ويضيف لها مزيدا من الإمكانات، ويقوي موقفنا السياسي في مختلف المنابر الإقليمية والدولية".
وأكد أن مشهد المصالحة الفلسطينية غير مرضٍ، ومتعثر، وهو شيء مؤلم ومؤسف، و"ينبغي أن يستفزنا وأن يشكل تحديًا لنا، لأنه ليس موضوعًا هامشيًا، والإقرار بالمشكلة ضروري لدفعنا إلى العلاج وإنقاذ الموقف".
وقال: "لكن في ظل هذه الحقيقة المؤلمة، لا أريد أن أناقش العامل الداخلي فقط، بمعنى؛ كلنا نعلم أن العامل الخارجي أساسي في إفشال المصالحة ووضع العراقيل أمامها، والرغبة في بقائنا في مربع الانقسام. فالعامل (الإسرائيلي) وشروط الرباعية والتدخلات الخارجية والدولية، وللأسف بعضها إقليمي، دائمًا لا تغيب، وهي حاضرة، وتعمل في معظمها بما يعاكس المصلحة الفلسطينية، لكن ثمة قوى معنية بإفشالنا، سواء في المعركة النضالية أو ترتيب البيت الداخلي".
وقال إنه "بخصوص العامل الداخلي، فلا توجد
قطيعة مع فتح، فهي شريكة لحماس في النضال والحياة السياسية الفلسطينية. نعم نحن مختلفون في جملة من القضايا، لكننا حريصون على العلاقات المشتركة والتواصل والعمل المشترك، فهي اللغة التي ينبغي أن تسود بيننا، ونحن حريصون على مغادرة التوتر سريعًا".
العلاقات مع إيران ومصر
وحول الزيارة الأخيرة لوفد حماس لإيران والعلاقات معها؛ قال: "للأسف الإعلام تحدث كثيرا في موضوع علاقة حماس مع إيران، بحيث جعل عليها كثيرا من الركام والالتباسات، وبدت وكأنها تحتاج لكثير من المعالجة، وذلك ليس صحيحا. بالنسبة إلينا لا توجد قطيعة مع إيران، ولدينا تاريخ طويل من العلاقة معها، فيما يتعلق بمقاومة الاحتلال، ومعروف أننا تلقينا دعمًا عبر سنوات طويلة منها، وقد حدث تباين، خاصة فيما يتعلق بالموضوع السوري، ولكنه وإن أثّر على بعض جوانب العلاقة، إلا إنه لم يصل إلى درجة القطيعة.. فزيارة وفد حماس إلى إيران مؤخرًا تأتي في هذا السياق، وهو زيادة التواصل والعلاقات، أمّا زيارتي لإيران فستأتي في سياقها وترتيباتها الطبيعية في وقتها المناسب".
وبشأن العلاقة مع مصر، قال مشعل: إننا "لم نسئ لمصر يومًا، فنحن حريصون على علاقتنا مع أمتنا بكل مكوناتها، وحريصون على العلاقة مع مصر بحكم الجوار والتاريخ المشترك معها، ومكانتها العربية والإسلامية.. ولا شكّ أننا ظُلمنا بتوجيه الاتهامات لنا، خاصة أن كثيرا من المسؤولين في مصر عندما نراجعهم يعبّرون عن الحقيقة، وكثير منهم في مختلف العهود السياسية في مصر يدركون الحقيقة، وسيقرون بها يومًا ما، وهي أن حماس حريصة على الأمن القومي المصري؛ فنحن لم نتدخل في شأنهم أبدا. وحينما طلب منا أن نساعدهم بما يخدم أمنهم، بادرنا بكل قيادتنا السياسية ومفاصلنا الإدارية، والتاريخ سيشهد والمسؤولون المصريون يدركون الحقيقة.. ونرجو أن تتغير البيئة الإعلامية والسياسية التي تحاول أن تزج بحماس في شؤون مصر".
ونفى تأثير المصالحة الخليجية على وضع حماس في قطر، قائلا: "نبارك التفاهمات الخليجية التي حصلت مؤخرًا، كما إننا نبارك أي تفاهم عربي، لكنّ هذه التفاهمات لا علاقة لها بعلاقتنا مع أي دولة، ولا يوجد انعكاس على علاقتنا مع قطر نتيجة هذه التطورات الأخيرة، فالعلاقة مع حماس لم تكن من ملفات الخلاف في علاقات قطر بالمنظومة الخليجية، ولا نقبل أن نكون طرفا في أي خلاف. والعلاقة مع قطر لديها من القوة والرسوخ والتفاهم، ما يجعلها بمنأى عن أي تقلبات، سواء كانت سلبية أو إيجابية في العلاقات الداخلية... ونحن نبارك كل تحسن في العلاقات الخليجية والعربية، وحماس لا تقتات على خلافات الآخرين مع غيرهم".