احتاج
حمدي أولوكايا (41 عاما) إلى سبع سنوات ليفرض ماركته في المتاجر الأميركية الكبيرة جاعلا من "شوباني" شركة عملاقة في مجال
الألبان.
وصل أولوكايا إلى الولايات المتحدة ومعه ثلاثة آلاف دولار فيما باتت قصته تصلح سيناريو لفيلم هوليوودي عن الحلم الأميركي.
فقد حل في نيويورك آتيا من تركيا لمتابعة دروس باللغة الإنكليزية، هو المولود في عائلة من البدو في أحد أيام "نهاية تشرين الأول/ أكتوبر" من العام 1972 في الأناضول.
وهو يحنّ، شأنه في ذلك شأن الكثير من المهاجرين، إلى البلد الذي هجره لأسباب سياسية، وقد اقتنع بالبقاء في الولايات المتحدة بعد عمل صغير قام به وهو طالب في مزرعة في "وادي اللبن" في شمال ولاية نيويورك.
ويتذكر حمدي الذي سجل في كلية التجارة في جامعة الباني عاصمة ولاية نيويورك بعد ذلك، "شعرت أني في دياري وسط المزارع والحقول".
وخلال إحدى زياراته اشتكى والده من نوعية جبنة الفيتا اليونانية التقليدية المتوافرة في السوق. وقال له "ينبغي عليك أن تنتج جبنك الخاص".
فأسس شركة "يوفريتيس" لإنتاج الفيتا، وراح يبيعها إلى المطاعم والمتاجر المحلية.
في العام 2004 وقع على إعلان لبيع مصنع لإنتاج مشتقات الحليب تملكه مجموعة الصناعات الغذائية السابقة "كرافت فودز"، بسعر 700 ألف دولار، وفي اليوم التالي قطع بالسيارة مسافة ثلاث ساعات لزيارة المصنع الواقع في ساوث أدمستون (نيويورك).
وبفضل مساعدة قدرها مليون دولار أتت بجزء كبير منها من برنامج قروض للشركات الصغيرة، أصبح مالكا للمصنع في آب/ أغسطس 2005.
وتلا ذلك 18 شهرا من التجارب للوصول إلى الوصفة المناسبة. واختار حمدي وعاء أكبر من ذلك المتوافر في السوق.
ويروي وهو جالس حول طاولة في حي سوهو في مانهاتن "هذا، أي الوعاء، لفت الانتباه" فيما تكفلت نوعية المنتج في جذب الزبون نهائيا.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2007 ولدت البان شوباني المأخوذ اسمها من كلمة راع باللغة التركية، وهي خالية من الدسم كليا، وتحوي كمية مضاعفة من البروتين، مقارنة مع منافساتها، ولا تحوي أي مادة اصطناعية.
وقد باغت هذا الأمر المنافسين. في تلك الفترة كانت تسيطر
منتجات "دانون" و"يوبليه" (جنرال ميلز) على 71% من السوق الأميركية للألبان على ما تفيد "شركة "الاينس برنشتاين".
أما اللبن على الطريقة اليونانية فكانت حصته من السوق 2% فقط. وقد نجح حمدي في إقناع صاحب متجر في لونغ آيلاند (نيويورك) ببيع منتجاته.
إلا أن الأمور لم تقلع فعلا إلا اعتبارا من العام 2009، عندما وافقت سلسلة متاجر "شوب آند شوب رايت" على
بيع ألبان شوباني.
وقد حذت متاجر "ترايدر جوز" و "كوستكو" و"هول فودز" (التي قررت العام 2013 التوقف عن بيع هذا المنتج) حذوها.
وارتفعت المبيعات تاليا متجاوزة مليار دولار العام الماضي، ويتوقع أن تصل إلى 1.5 مليار هذه السنة، ويبدو أنها لم تتأثر باسترداد مجموعة من الألبان لأسباب تتعلق بسلامة الأغذية بين أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 2013.
وقد أعيد توزيع الأوراق في سوق الألبان، فبات اللبن المعد على الطريقة اليونانية يهيمن على حوالي 40% من السوق الإجمالية للألبان في الولايات المتحدة، البالغة قيمتها ثمانية مليارات دولار. وتؤكد شركة شوباني التي توظف ألفي شخص، أنها تسيطر على 40% من السوق.
ويقيم حمدي مع كلبيه في نيو برلين (نيويورك) غير محاط بكل بهرجة الأغنياء، وهو لا يشارك في المناسبات الاجتماعية والسهرات.
ويقول إنه "عازب" وليس مطلقا فيما تطالبه زوجته السابقة أمام المحاكم بمليار دولار وبثلث رأسمال الشركة التي تؤكد أنها مولتها.
ولا تزال الطريق طويلا أمام حمدي في بلد يبقى فيه استهلاك الألبان ضئيلا مع 6.36 كيلو غرامات للفرد في السنة، في مقابل 27.2 كيلو غراما في ألمانيا وفرنسا على ما تفيد وزارة الزراعة الأميركية.
ويريد أن يفرض استخدام ألبان شوباني في وجبات أخرى غير الفطور في الولايات المتحدة مع ابتكار صلصات باللبن تنافس الكريما وأخرى مخلوطة بحبوب الفطور.
وقد استثمر 450 مليون دولار لشراء مصنع في توين فالز (إيداهو شمال غرب الولايات المتحدة) يعتبر أكبر وحدة إنتاج للمنتجات الطازجة في العالم.
وعلى المدى المتوسط، قد تطرح أسهم شوباني في البورصة أو قد تعقد المجموعة شراكات استراتيجية.
وهذه السنة حصل حمدي على 750 مليون دور من صندوق "تي بي جي كابيتل" في مقابل أقل من 20% من رأسمال الشركة.
وقيّمت الصفقة الشركة بحوالي أربعة مليارات دولار، ورغم بعض التجارب في آسيا وأوروبا، أرجأ حمدي مشاريع التوسع في العالم، وسيعمل على فتح مقره في الولايات المتحدة تشكل وسيلة لتسويق منتجات شوباني. ويؤكد هذا الرجل العصامي "أحب أن اكسب وأكره الفشل".