"الــعـــنـتـلة"

ماذا حدث للمجتمع المصري؟!! فقدنا قيمنا وقل الخير وكثر الغلاء بالتزامن مع انتشار البغاء والفحشاء، عمت الرذيلة وجرى الجهر بالمعصية ولا أحد يفتضح من كشف ذنوبه وذلاته، انتشرت ظاهرة العنتلة بشكل ملحوظ واتسعت الفجوة في صفوف الأزواج، فلم تعد الزوجة تلقى كلمة طيبة من زوجها، فانصرفت نحو الألسنة الخارجية التي تداعب أنوثتها، فهناك الأرض خصبة والمياه متوفرة ليلتقي رجل ليس بالجمال أو الفتون ما يجعل النساء تسقط في الزنا، فالرجل في مصر قبل الزواج محاط بوابل من المشاكل الجمة كالرغبة في تكوين عش الزوجية فلابد من مضاعفة عدد ساعات العمل، وحينما يهنأ الشاب بعروسه التي في الغالب تصغره بسنوات تكون قواه قد وهنت وصحته قد خرت ولا يستطيع مجاراة الأنثى الزهرة اليانعة التي لم تصل إلى درجة الإشباع الجنسي والعاطفي، فالغريزة لديها يد في سقوط الذات في وحل الملذات والانتقال من القيمة الإنسانية ومن منطلق إن الإنسان حيوان ناطق إلى منتهى البهيمية الغشيمة التي تهدم أسر وتفتك بأجساد وتريق برك من الدماء التي يصعب سد منابعها فالعار موصول بأهله والألسنة تأكل في لحوم البشر وتمصمص في جيف الموتى التي لا حول لهم ولا قوة. 

كل هذا يدفعنا دفعاً للعودة إلى دين الله والبعد عن الاختلاط والتوعية الدينية الغائبة لدى الجنسين، فعندما تتوهج المشاعر لدى العنتيل وقرنيته لم يتذكرا حكم الله في الزواني، هم فقط يخافون من الناس ولا يخافوا من رب الناس ولو تأملنا أخبار من انتشرت فيديوهاتهم على الشبكة العنكبوتية ستجد من قاموا بهذه الأفعال من طبقات متفاوتة ومن مجتمعات تحمل عادات وتقاليد مختلفة.

الشعب المصري يجابه في كل الاتجاهات، لا يجد من يحنو عليه، من يتقلدون المناصب يتناسون وعودهم وطموحاتهم قبل صعودهم الكرسي الوثير والجلوس في أريحية وثبات مصحوب برغبة جامحة في السير جوار الحيط وعدم مصارعة وحوش السلطة وجبابرة المال الذين يسعون لشراء كل نفس رخيصة من أجل الظفر بمصالحهم الشخصية، حتى ولو على حساب الوطن، الدولة تمرض وتكبر في السن حتى وهنت ولم يعد يتحملها أحد، نستدير ناحية الخارج من أجل الفوز بغنيمة أو التسول على شاكلة دعم اقتصادي نخنع بها لأصحاب هذه الأموال، ونهمل ترتيب البيت من الداخل، واجتثاث جذور الرق والعبودية للفكر القديم العقيم القائم على تقديس الشعب لرجال السلطة، وإعطاء امتيازات لمن بيدهم مقاليد الحكم والاعتماد على شلة من المنتفعين كل أمانيهم ملء البطون قبل مغادرة المنصب الميمون.

في دولتنا لا أحد يستمع، المسؤولين في حالة صم، والإعلام في حالة بكم، حيث يلعب أصحاب المصالح الشخصية دورهم الرائد في تحوير القضايا وتحويل الرأي العام وتأليبه ناحية قرار معين يهدف هواهم ينفقون الكثير من أجل عودة نظامهم فعادت الوجوه المنبوذة أبان ثورة أريقت فيها دماء وصعدت أرواح لتقابل بارئها على نقاء وطهارة، ما زال الباقون يصارعون من أجل شعار ثوري يهدف للعيش في حرية وعدالة اجتماعية خالية من التميز والقهر والمحسوبية المعتمدة على تقديس المواطن لمن بيدهم الحل والعقد.

اختلت منظومة العدل ففقد المواطنون ثقتهم في الوطن فكفروا به بعدما رأوا إن ميزان الظلم يجور على أهل الحق فاتسعت الهوة بين الطبقات وأصبح الشباب يفضلون الموت عن العيش في وطن يقهرهم ويبخس الناس أشياءهم فرأينا الفلاح الذي أحرق محصول القطن بسبب انخفاض سعره، بعدما كان هذا المحصول ينعت بالذهب الأبيض وينتظره الفلاح لسداد ديون أو إنجاز زيجات في الحلال، وبدلاً من إن يلوم إعلامي التوك شو الحكومة أخذوا يقفزون الرجل بوابل من التهم بكونه إرهابيا فكره مناهض للحكومة والثورة ويهدف لزعزعة الأمن والاستقرار في الوطن.

و ما أدراك ثم ما أدراك الأنباء الواردة والمنتشرة عن حالات الانتحار لدى الشباب بسبب المرور بضائقة مالية، مثلما حدث مع الشاب المسيحي الذي خنق نفسه في شقة في مدينة العاشر من رمضان، أو كما هو الحال مع زينب مهدي الفتاة الثورية التي انتحرت بعدما فقدت ثقتها في الوطن وإحساسها بالذنب تجاه من ماتوا.

الوطن يمر بحالة من الشتات الفكري والمجتمعي، فالحرية تؤيد من أجل فكر معين وهدف مسيّر له، ومشايخ اليوم يحرمون من كان حلالا في الماضي حينما كانت حاجتهم تنطبق مع هذا الفكر السادي، فأصبحنا في دنيا الأنجاس ودولة الأقزام الذين يتصاعدون نحو فوهة الحكم بغية منصب دنيوي بائد، وينكل بأصحاب فكر يقولون الكلمة لوجه الله ليس لهم مقصد غير إرضاء الله عز وجل.