حول العالم

"خلود".. موقع لبناني يوثق لما بعد الحياة

منشئ الموقع يقول إن "خلود" ليس موقعا للموت بل للحياة - أرشيفية
منشئ الموقع يقول إن "خلود" ليس موقعا للموت بل للحياة - أرشيفية
"خلود ليس موقعا للموت بل للحياة"، بهذه الكلمات القليلة لكن المعبّرة، يختصر ناجي تويني فكرة إنشاء موقع إلكتروني جديد اختار له اسم "خلود"، ليكون "منصّة التواصل الاجتماعيّ الأولى" لإحياء ذكرى "أحبائنا الراحلين".

التعريف الرسمي بالموقع  يشير الى أن "لكلّ إنسانٍ (راحل) حكاية في مسيرة الحياة تستحقّ أن تسرَدَ وتحفظ ويتمّ تبادلها"، وهو المفهوم الذي يؤمن به تويني الذي قال: "أنا لا أتكلم عن الموت، فإذا تصفحت الموقع هناك (لون) أزرق، سماء، عصافير وغيوم.. لم أحب أن أضع شيئا عن الموت لأن لا موت بالنسبة لي بل هناك الحياة، وما وراء الحياة".

وقال تويني، في مقابلة مع "الأناضول"، إنه قرر إنشاء هذا الموقع المتخصص لأنه أراد أولا "إعلام الناس (بالوفيات) ولأخلّد هؤلاء الأشخاص لأنه برأيي: الموت هو لحظة"، موضحا أنه قبل الموت "هناك حياة طويلة وكبيرة وهي غنية بعطاءات هذا الشخص (المتوفى)"، من أعمال  فكرية أو إبداعية أو مساهمات مهمة في المجتمع يجب أن لا تموت معه وعلى الأحياء بالتالي أن "يخلدوا ذكراه"، بحسب قوله.

ويخلد الموقع، الذي أطلق رسميا في الرابع من آب/ أغسطس 2014، بالاضافة إلى الناس العاديين، ذكرى مشاهير لبنانيين وعالمين راحلين، مثل الممثل الأمريكي روبن ويليامز والأديب اللبناني جبران خليل جبران.

ولا يقتصر الأمر على الأشخاص، فالموقع يتضمن قسم "أنشىء ضريحا" للأشخاص المتوفين، إلا أن أحدهم استخدم هذه المساحة لإنشاء ضريح إلكتروني لـ"الديموقراطية اللبنانية" معلنا أن 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 تاريخ للوفاة، وهو اليوم نفسه الذي مدد فيه البرلمان اللبناني ولايته لمرة ثانية لنحو ثلاث سنوات، الأمر الذي أثار اعتراض شرائح واسعة من اللبنانيين.

وشرح تويني أن "خلود" هو موقع "تواصل اجتماعي مثل فيسبوك" المتعلق بـ"حياة الأشخاص وصورهم وفرحهم"، لكنه أضاف أنه حتى لو تم استخدام فيسبوك لإنشاء "صفحة من أجل تخليد ذكرى شخص ما لن يسعى أحد للبحث عنها، بينما حين تخلق موقعا متخصصا للناس الذين فقدناهم، فستجد من يبحث عنهم فيه وزيارة أضرحتهم".

وأشار إلى أن فكرة تأسيس موقع تواصل اجتماعي مخصص "لفكرة معينة هي الموت والتعازي الخاصة بالموت" تعود إلى "عاداتنا بالعالم العربي والشرق إجمالا، حيث ما زلنا نحب تبادل التعازي مع الناس لكي نظهر لهم تأثرنا بمصابهم الأليم".

وأضاف: "أسست موقع خلود كذلك لكي أنشر الوفيات بطريقة مميزة وليس كما تنشر في الصحف الورقية الحالية.. خصوصا أن التكنولوجيا صارت تسمح لنا بالنشر بطريقة أوسع وأسرع".

وشدد على أن أهل الفقيد يهمهم ما هو أبعد من كلمات التعزية العابرة، شارحا الخدمات التي يقدمها الموقع حيث إن هناك "سجل تعاز كي يدوّن الناس شهاداتهم بحق هذا الشخص المتوفى" تم ربطه بـالإعلان عن الوفاة، و"ضريحا افتراضيا بحيث يمكن للناس أن تضيء شمعة وهي تذوب تدريجيا إلى أن تختفي بعد عام، والنظام الموجود في خلود يذكرهم لكي يضيئوا شمعة جديدة (بعد ذوبانها الافتراضي)".

وأوضح أنه يمكن تقديم التعازي إلكترونيا من خلال "وضع وردة أو إكليل" وعندما يذبلان وينتهي عمرهما الافتراضي بعد سنة، يرسل النظام لمن وضع أيا منهما تذكيرا بتجديدهما إذا أحب "وهذه كلها (خدمات) مجانية".

ومن خدمات الموقع، قسم بعنوان "ذكرى خالدة"، حيث يتم تنزيل صور وفيديوات خاصة للفقيد كما أن كتاباته ومحاضراته وهواياته "نخلدها للأجيال القادمة،" كما قال تويني.

وذهب بعيدا بفكرة التخليد، إذ إنه يمكن زرع "أرزة افتراضية، وهذه الأرزة خالدة ولا تذوب كالشمعة أو الوردة"، كما أن هناك إمكانية إنشاء "المدفن العائلي" على الموقع حيث يمكن زيارة "أضرحة العائلة الافتراضية و"الصلاة لهم أمام الكومبيوتر سواء على الطريقة المسيحية أو الإسلامية".

ولفت إلى أن هناك أفكار مستقبلية لجعل العلاقة "أكثر روحانية مع الضريح الإلكتروني"، مثل إضافة تسجيل لآيات قرآنية إذا كان أحدهم راغبا بسماعها أو تلاوة الفاتحة أو قراءة ترتيل. هذه الفكرة موجودة لكن لم نرد خوضها الآن بانتظار معرفة رد فعل الناس".

وردا على سؤال ما إذا كان "خلود" هو فيسبوك الأموات، قال تويني: "فيسبوك (هو) للحياة وخلود لما وراء الحياة".

وكشف أن موقعه، الذي جذب حتى الآن "أكثر من 50 ألف زائر" بعد حملة ترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي انطلقت في أيلول/ سبتمبر الماضي، يهدف إلى اكتساب "مليون زائر" ويستهدف المغتربين اللبنانيين في الدول العربية والعالم.

وأوضح أن عدد اللبنانيين المغتربين، الذي يفوق بضعفين على الأقل عدد سكان لبنان، كان سببا إضافيا لانشاء هذا الموقع، ذلك أن اللبنانيين في الخارج "ليس لديهم أي وسيلة" للإعلان عن وفاة أحبائهم أو أقرباء لهم، إلا عبر الوسائل التقليدية، أي التليفون، أو الوسائل الجديدة كـ"الواتس أب" أو "الإيميل".

إلا أن "خلود" يضمن وسائل أشمل ومشاركة أكبر، كما يقول تويني، إذ إنه بالإمكان "أن تكتب تعزيتك في سجل التعازي والكل يقرأ ماذا كتبت عن الشخص المتوفى".

والموقع، الذي يبث حاليا بثلاث لغات هي العربية والفرنسية والإنجليزية، سينطلق قريبا جدا باللغتين الإسبانية والبرتغالية، للوصول إلى أكبر عدد من اللبنانيين في بلاد الاغتراب، خاصة أمريكا الجنوبية، حيث يعيش في البرازيل وحدها حوالي 9 ملايين شخص من أصل لبناني.

والموقع لن يكون مخصصا للبنانيين فقط، بل سيتم توسيعه ليشمل المنطقة العربية، وسيكون هناك قناة سعودية وأخرى إماراتية وأكثر، كما قال تويني الذي أشار إلى أن "العادات والتقاليد ما زالت نفسها عند اللبنانيين والعرب، بعكس الغرب الذي فقد هذه المواساة والتعازي".

ويقدم موقع خلود خدماته الافتراضية مجانا، إلا أنه مستعد لتلبية طلبات إرسال أكاليل إلى أماكن التعزية أو الدفن مقابل بدل مادي يتم تسديده عبر البطاقة الائتمانية.
التعليقات (0)