لم تكن تدرك سمر، وهي إحدى الفتيات السوريات اللواتي يسكن جبل الأكراد في ريف
اللاذقية الذي تسيطر عليه كتائب الثوار، عندما تزوجت من مقاتل أجنبي لم تعرف اسمه ولا نسبه سوى "أبو فلان"، وضع ابنها الذي سيأتي للحياة وسيكتب له أن يحيا دون "نسب".
والد سمر زوّجها مقابل مبلغ كبير من المال وجد فيه هناء لعيشه، أما شرط زوجها على والدها كان عدم إنجاب الأطفال مقابل المهر الذي سلمه إياه. ولم تمر ستة أشهر على
زواج سمر حتى تركها زوجها و"رحل إلى جهة غير معلومة" على حد قولها، مرجحة انضمامه إلى "تنظيم الدولة الإسلامية"، لتصبح الآن في منزل والدها، لكنها تحمل في أحشائها طفلا غير معروف النسب، والحل الوحيد هو أن ينسب لجهة والدته بسبب هوية والده المجهولة.
انتشرت قصة الفتاة في ريف اللاذقية، الأمر الذي أدى إلى حالة من السخط على الوالد الذي سلم بنته إلى شخص مجهول، وبدأت حالة من الوعي تتشكل لدى بقية الشابات في المنطقة بأن هذا الزواج خطير ويجب الابتعاد عنه، واللواتي أصبحن يلجأن لوسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لمعرفة حقوقهن المسلوبة كونها المتنفس الوحيد لهن.
منال شابة أيضا من جبل الأكراد في ريف اللاذقية، سمعت بقصة الفتاة "سمر" وما حل بها، وهي الأخرى تعرضت لموقف كاد يودي بها إلى نفس النتيجة، إلا أنها رفضت هذا الزواج بعد أن تقدم لها شاب من "المهاجرين" للزواج بعد أن انتظرها على أحد طرق قريتها.
تقول منال: "سألني إن كنت أقبل الزواج به فأجبته بأنني مرتبطة. وسألته كيف تطلب من امرأة مرتبطة الزواج، أليس حراما؟ وتفاجأ المهاجر من كلامي، لكنني عندما عدت إلى منزلي علمت أنه تقدم إلى والدي لطلب يدي إلا أن الأخير طلب منه الوقت ليخبره بقرارانا".
تضيف منال: "لم أكن مرتبطة بأحد حينها، لكنني قلت ذلك للشاب خوفا من الخطف في حال رفضت، وكان سبب رفضي الرئيسي هو قصة الفتاة سمر التي سمعت بها على فيسبوك".
وقالت إحدى الشخصيات الدينية، فضلت عدم ذكر اسمها لـ"عربي 21"، إنها "ضد هذا الزواج، فالشباب السوريون معظمهم فقراء وتزويجهم هو الأبدى، فالمهاجر يأتي إلينا وجيوبه مليئة بالمال، وفي الأسبوع الأول لوصوله يسأل عن مكان الرباط، وفي الأسبوع الثاني يطلب زوجة".
ويبين أن عزوف الشباب السوري عن الزواج، بسبب الفقر وعدم الاستقرار في ريف اللاذقية، هو السبب الرئيسي لعنوسة الفتيات اللواتي يراودهن إحساس بأنهن أصبحوا حملا ثقيلا على أسرهن، ما يدفعهن في الكثير من الأحيان إلى قبول أول المتقدمين للزواج حتى بدون مهر.
وتضاف هذه المأساة الجديدة إلى مشاكل المجتمع السوري الداخلي، حيث بدأت ظاهرة زواج الفتيات السوريات من
المقاتلين الأجانب "المهاجرين" تتزايد في ظل فقر الشبان الشديد نتيجة الأوضاع الراهنة، وانعدام الخيارات البديلة.
وسجلت المحكمة الشرعية في ريف اللاذقية أكثر من ثمانين شكوى في قضايا تتعلق بمثل هذا النوع من الزواج، بالإضافة إلى ثماني حالات طلاق مسجلة بالأوراق الرسمية.