يفضل دائما أن يكون الرجل القوي ولكن في الظل.
يصفه بعض الإعلاميين بـ"
الجنرال العجوز"، ولا يكاد كثير من
اليمنيين يعرفون عنه الكثير رغم أنه -واقعيا- صانع الأحداث في اليمن منذ عام 1994.
يعد أقوى رجل في المؤسسة العسكرية اليمنية رغم أن وصفه الوظيفي مستشار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للشؤون الأمنية، ونفوذه في الدولة والمؤسسة العسكرية، لم يمنع
الحوثيين من اقتحام مكتبه وهربه بعد ذلك إلى السفارة السعودية في صنعاء خشية إلقاء القبض عليه من قبل الحوثيين، وفقا لأنباء صحفية رشحت حديثا.
تعرض للعديد من محاولات الاغتيال على مدى خدمته العسكرية، ويربط خصومه بينه وبين ملفات شائكة شهدتها اليمن منذ صعوده، من بينها صعود تنظيم "القاعدة" والحرب الدامية في صعدة، وتهريب الأسلحة إلى الصومال وأثيوبيا.
ويؤمن العديد من اليمنيين وخاصة سكان المناطق الجنوبية بأنه مشترك في تهم الفساد وأنه يعد من أكثر من استولوا على أراض شاسعة تعود ملكية معظمها للمواطنين وبعضها تابعة لأملاك الدولة في الحديدة، عدن، حضرموت، وصنعاء.
كان قائد المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع، ومن المؤسسين لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" الذي كان مقربا من السعودية والجماعات الوهابية في اليمن.
علي محسن صالح الأحمر المولود في يونيو/ حزيران عام 1945 في مديرية سنحان في محافظة صنعاء، عسكري مخضرم التحق بالجيش اليمني عام 1961، وفي عام 1968 رُقِّيَ من جندي إلى رتبة ملازم أول، ثمّ التحق بالكلية الحربية اليمنية عام 1971، وحصل منها على البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1974، ورقّيَ إلى رتبة نقيب.
والتحق بعدها بمعهد "الثلايا" في تعز، فحصل على شهادة قادة كتائب، كما حصل على زمالة الدكتوراه من أكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة عام 1986، وظل يترقى حتى وصل إلى رتبة عميد.
ساهم في الدفاع عن النظام الجمهوري في عدة جبهات، وشارك في الحرب التي دارت بين المؤيد للنظام الملكي وقوات الجيش المصري والجيش الجمهوري، والمعروفة بـحصار السبعين.
كما ساهم في تحديث وبناء القوات المسلحة اليمنية، وتشكلت الفرقة الأولى مدرعات تحت قيادته، كما ساهم في استعادة تحقيق الوحدة اليمنية، من خلال عمله في عدد من اللجان الوحدوية، وبوقوفه ضد الانفصال في حرب 1994، حيث كان قائدًا ميدانيًّا لجبهة عدن، كما عمل عضوًا في إعادة تنظيم ودمج القوات المسلحة اليمنية بعد ذلك.
كان الرجل الثاني في اليمن بعد علي عبد الله صالح، ويد صالح اليمنى ومُنَّفذ النظام، توجيهاته وأوامره كانت نافذة تماما كتوجيهات الرئيس صالح، لكنه لاحقا قال في أوج العداوة بين الرجلين وبعد تخلي صالح عن السلطة: "كنت الرجل الأول طوال الثلاثة عقود الماضية"، وكان آنذاك قائدا للفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الشرقية العسكرية.
بدأت الخلافات بينه وبين صالح مع ظهور نوايا صالح بتوريث ابنه أحمد القائد السابق للحرس الجمهوري رئاسة الجمهورية، وربما يكون هذا العامل هو الأساس في انضمامه للاحتجاجات الشعبية في اليمن عام 2011.
ولم تكن حركة التغيير اليمنية التي طالبت بالإطاحة بالرئيس صالح وأحداث مقتل متظاهرين في جمعة الكرامة هي من دفعت الجنرال محسن للانشقاق عن نظام صالح، فحالة التوتر بينهما كانت قد بدأت قبل سنوات وتحديدا أثناء خوض قوات اللواء محسن لحربها السادسة ضد جماعة الحوثيين في صعدة، حين طلب صالح من قائد القوى الجوية تحريك طائرة عسكرية لاغتيال الأحمر.
انقلب على الرئيس صالح بعد مجزرة جمعة الكرامة في ساحة التغيير بصنعاء عام 2011، التي كان وقتها ساحة للمتظاهرين المعارضين للنظام التي قتل فيها مسلحون على مدار ثلاث ساعات ما لا يقل عن 45 متظاهراً وأصابوا نحو 200 آخرين، فيما وصفه مسؤولون طبيون ومحامون ومتظاهرون بأنه عمل رماة مُدربين مهرة يقصدون القتل.
هذه الخطوة شكلت ضربة موجعة للرئيس صالح ونظامه بعد انضمام الكثير من القادة العسكريين وعدد كبير من السفراء والقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، كما بدأ صادق الأحمر رئيس تجمع حاشد القبلي القوي، في دعم المعارضة.
وخاضت قواته معارك متعددة مع الحرس الجمهوري انتهت بتوقيع المبادرة الخليجية عام 2012، وكجزء من خطة مُعلنة لهيكلة الجيش اليمني، حلت الفرقة الأولى مدرع وعُين الأحمر مستشارا لرئيس الجمهورية، لكن الأحمر حافظ على ثقله في المؤسسة العسكرية.
ولم تُفكك الفرقة الأولى مدرع، ولم تُسلم لوزارة الدفاع حتى اقتحام مقرها في صنعاء من قبل الحوثيين في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، وتوارى الأحمر عن الأنظار من ذلك الحين، ولا يعرف حتى الآن الأسباب التي دفعت بالجيش اليميني إلى عدم قتال الحوثيين الذين سيطروا على البلاد بسهولة وبسرعة لا تصدق.
ورغم أن السعودية تبذل جهودا مضنية لاستعادة دورها في اليمن، بالتنسيق مع علي
محسن الأحمر، بعد أن فقدت تأثيرها التاريخي في جارتها الجنوبية؛ إثر سيطرة الحوثيين على العاصمة. إلا أن الذين يحكمون اليمن عمليا (الحوثيون وإيران) يعولون على سالم البيض (رئيس اليمن الجنوبي السابق) بأن يساعدهم في السيطرة على البلاد.
وبعد أن وضعت السياسة السعودية حليفها السابق "حزب الإصلاح" في قائمة الإرهاب دون أن تسميه، باعتباره فرعاً للإخوان المسلمين (الإرهابيين) باتت بلا حلفاء على الأرض.
ورغم أن الرياض حاولت أن تقود مبادرة للمصالحة بين حلفائها السابقين: الرئيس السابق علي عبد الله صالح، واللواء الأحمر، والرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، بهدف إضعاف خصميها الرئيسيين في اليمن وهما "الحوثيون" و"التجمع اليمني للإصلاح"، إلا أن الوساطة السعودية فشلت بسبب تفضيل صالح دعم الحوثيين للانتقام من خصميه الرئيسيين اللذين يتهمهما بالمسؤولية عن إنهاء حكمه وهما "الإصلاح" والأحمر.
والواقع أن السعودية كانت تفضل سيناريو الصراع العسكري بين "الحوثيين" و"الإصلاح"، بهدف استنزاف الطرفين، لكن امتناع " الإصلاح " والقبائل المؤيدة له عن خوض الحرب ضد الحوثين أفشل الخطة، وأظهر أن المعركة هي بين "الدولة" اليمنية وبين الحوثين، ولذلك مثل انتصار الحوثي هزيمة للدولة اليمنية، وخسارة للسعودية، وانتصارا واضحا لطهران في مواجهة الرياض.
فهل تشهد الأسابيع القادمة تحركات واسعة للسعودية بالتنسيق مع الأحمر، في محاولة من الرياض لاستعادة موطئ قدم لها في صنعاء، بعد أن "أدركت فشل استراتيجيتها التي أدت إلى سقوط البلد بيد الإيرانيين"؟.
اليمن أمام مأزق حقيقي، والجيش اليمني مشغول بحربه ضد "القاعدة"، وهو مفكك، وستكون الحرب مبررا إضافيا لتفتته، وربما انهياره، فضلاً عن أن خوضه للمعركة غير ممكن في ظل انقسام سياسي حاد، وتوتر في المنطقة في أكثر من بؤرة.
الدول الخليجية وبعد عزلها حزب "الإصلاح" وإقصائها لـ"الإخوان" باتت بلا حلفاء على الأرض في اليمن، بينما إيران تتحالف وتدعم الحوثيين الحكام الفعليين للبلاد.
البعض شاء أم أبى سيضع يده في عش الدبابير اليمني..!