صوت البرلمان التركي بالموافقة على تدخل الجيش في العمليات العسكرية ضد
داعش, والسماح باستخدام القواعد العسكرية, وتوظيفها في ما من شأنه أن يدعم جهود التحالف الدولي في عملياته الجوية , ومن الملاحظ أن موافقة البرلمان تزامنت مع زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لتركيا , وإعلان الحكومة البريطانية إرسالها لطائرات تورنيدو لأجل المشاركة في الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف الدولي ضد التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا .
لقد أوضحت
تركيا في وقت سابق نيتها وعزمها على إقامة مناطق عازلة على الحدود مع
سوريا, وأعلنت عن استعدادها لنشر قوات برية من أجل المشاركة في القضاء على التنظيمات الإرهابية التي لم يقتصر تهديدها للعراق وسوريا فقط , وإنما تجاوز وعبرالحدود للداخل التركي عبر أكثر من باب , وعلى الرغم من الاتهامات التي وجهت للحكومة التركية بأن لها اليد الطولى في زيادة انتشار المتطرفين الأجانب ,من خلال تسهيل عبورهم إلى الأراضي السورية عبر حدودها وتمويل داعش وأخواتها من خلال شراء النفط والغاز المستخرج من الأراضي التي استولت عليها التنظيمات .
إلا أنها نفت ذلك وأعلنت في خطاباتها الموجه للشعب السوري بأنها تعمل على تكثيف الجهود لأجل الحد من تدفق المجاهدين إلى الأراضي السورية عبر حدودها , وأنها تحاول جاهدة تجفيف منابع التمويل التي ترفد التنظيمات الإرهابية عابرة من الحدود التركية .
وزير الدفاع التركي يلمظ في تصريح له لم يتوقع حدوث تدخل فوري, وكذلك كانت الرؤيا لدى العديد من المحللين والسياسيين الذين شاركوا يلمظ توقعاته ويرون بأن القرار الذي صدر عن البرلمان التركي يمهد الأرضية القانونية للتدخل البري ولكن الملامح والاستراتيجية مازالت غير واضحة .
لم نكن نستبعد هذه الرؤيا حتما وخصوصا بأن مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية
تحدث في تقارير ودراسات سابقة له على أن الضربات الجوية سوف تتضمن انتشار قوات أميركية بشكل خفيف , ولكن لا يوجد إلى الآن أي استراتيجية واضحة تجاه هذا التدخل وتقول التقارير أيضا بأن الحرب البرية تكلفتها مرتفعة ولكن بكل تأكيد أقل من تكلفة الضربات الجوية التي تستخدم في الطائرات وأسلحتها أكثر قيمة من الأسلحة التي تستخدم في المعارك البرية , وبينت التقارير أيضا بأنه لا يوجد أرقام دقيقة يمكن أن تقدر تكلفة العمليات البرية وخصوصا بأنه إلى اليوم لم يتم تحديد شكل الضربات مكثفة أم معتدلة الكثافة , ومن جهة أخرى لم يتم تحديد نوعية الطائرات المشاركة ونوعية وكمية الأسلحة المشاركة في الضربات والمدة الزمنية التي سوف تستغرقها العمليات العسكرية.
أوباما من جهته وعد الشعب الأميركي, بأنه لن يقحم قوات الجيش الأميركي في حروب برية ويبدو هذا واضحا من خلال الاستراتيجة التي تسيرعليها الإدارة الأمركية , ولكن دعونا نتتبع خطوات كاميرون الذي لجم روحاني في زيارته الأخيرة لطهران ونتوقع بعد هذه الزيارة أن تعدل طهران من أهدافها ومواقفها الإقليمية على أقل تقدير, وخصوصا إذا ما تم تحديد ملامح الدور الإيراني في التحالف والذي يمكن اعتباره مع الدورالتركي أهم القوى الإقليمية القادرة على تغيير ميزان القوى بين القوى المتصارعة في داخل سوريا.
إلى اليوم لم تحصد الضربات الجوية ضد داعش داخل الأراضي السورية والتي تقدر كلفتها الحالية ب 780 مليون دولار ,أي تغيير لصالح الشعب السوري فالنظام استعاد سيطرته على أكثر من ستين قرية , وقيادات هامة تم تصفيتها بذريعة التطرف, وأخرى بحجة التمرد, وما يثير من قلقنا أكثر أن هذه الضربات لن تجدي نفعا حقيقا ما لم يتم التدخل العسكري لمواجهة التنظيم على الأرض , وهذا ما يلمح إليه للفترة القادمة .
تحولت الأراضي السورية اليوم إلى مسرح لحرب تخوضها عصابات من غيرالممكن حسمها جويا دون تدخل بري , فهل ستتمكن تركيا بالتعاون مع قوات التحالف الدولي والقوات السورية المدربة خارجيا على التدخل والحسم ؟ ولصالح من؟