ما يجري في العالم العربي والإسلامي من حروب وقتل ودمار، تتحمل أمريكا مسؤوليته، لأنها الدولة التي تملك اوراق اللعبة الدولية دون سواها، فمنذ أن انهار الاتحاد السوفياتي لم يعد هنالك سوى لاعب واحد على الساحة الدولية، وهو اللاعب الأمريكي، الكاوبوي، الذي استباح لنفسه إبادة الهنود الحمر أصحاب الحق والأرض ليقيم كيانه على انقاضهم متذرعا بالتقدم والحرية والديمقراطية، وهو الذي ينظر إلى العالم كساحة يريد أن يجتني منها ما يمكنه من الفوائد دون أي اعتبارات حقوقية أو أخلاقية، وتتذرع أمريكا بقائمة طويلة من الاسماء والعناوين التي تبرر لها ما تفعله، من مثل حقوق الانسان والديمقراطية والامن والسلم الدوليين، والمصالح العليا للشعب الامريكي وامن الدول المتقدمة والديمقراطية، ذلك الشريك الذليل التابع ل أمريكا الذي قتات على العظام التي تلقيها له بين فترة وأخرى.
الخطر الوحيد الذي رشحته أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، هو الإسلام، وبالطبع ليس هو الإسلام المتطرف الذي تمثله القاعدة وداعش وأخواتها، فهذه الحركات المتطرفة تم صناعة الكثير من مكوناتها في أجهزة المخابرات العالمية والعربية لتبرير الحرب على الاسلام، ولتشويه صورته بالكلية، ولجعل الناس ينفضون عنه، وما جرى في سوريا ومصر والسعودية واليمن والعراق وغيرها بطريقة أو بأخرى يثبت صحة ما ذهبنا اليه، فالمستهدف هو الإسلام الوسطي والمعتدل والسلمي الذي يسعى للمشاركة وبناء حياة تسودها قيم الحرية والعدل والمساواة والتفاهم بين شعوب الأرض، ومن خلال الأدوات الديمقراطية التي تعارف عليها الناس وشعوب العالم، ولما كانت هذه الأدوات ستأتي بالإسلاميين المعتدلين، فكان لا بد أن تتحرك أمريكا وحلفاؤها من خلال عمل الثورات المضادة واللجوء إلى العنف لإبعاد التيار الإسلامي الحضاري عن الوجود والشهود، لأنه الخطر الحقيقي الذي يتهدد قيم الرأسمالية الغربية والمطامع الاستعمارية في خيرات الشعوب ومقدراتها، ويجعلها تفكر بالتطوير والاستقلال الحقيقي والسيادة الفعلية على ارضها ومقدراتها، وهذا هو آخر ما ستسمح به أمريكا وحلفاؤها، لأن ذلك يعني انتهاء عصر السيادة الغربية في المنطقة والعالم، لأن الاسلام هو الذي يشكل البديل الحضاري لقيم الغرب التي لا تؤمن بالحرية والعدالة الا لشعوبها والمنتسبين اليها دون سواهم، وهذا ما اثبتته الاحداث على مدار قرن من الزمان، ولو اردنا ان نفرد لهذا الموضوع بحثا لاحتاج الى مجلدات من الادلة الدامغة على صحة ما نقول.
ما جرى في اليمن مؤخرا وما يجري منذ مدة على الساحة السورية والعراقية والمصرية والليبية والمحاولات التي لم تتوقف في تونس وغيرها يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن أمريكا تقف وراء ذلك كله، وتلعب بالنار، وتستخدم الفوضى الخلاقة لتحقق اهدافها في الوصول الى ما تريد، وهي بالرغم من شعورها بخطورة ما تقوم بها، وتوقعها انها يمكن ان تفقد السيطرة على نتاجات ما تخطط له، الا ان الحقد الاعمى على الاسلام والعرب والفلسطينيين (بتوجيه صهيوني واضح)، لا يزال يجعلها غير قادرة على رؤية المشهد النهائي الذي قد تصل اليه الامور، و أمريكا وهي تدير ماكينة الفوضى وترتكب الجرائم وتتجاوز على القيم والاخلاق وما تعارف عليه البشر، تكون قد وقعت في المحظور، فمن هو الذي يضمن سير الامور لصالحها، وماذا لو اكتشفت بعض القوى الدولية والمحلية ان ما يجري هو تدمير لكل ما توصلت اليه البشرية وانه لا يصب في مصلحتها، حتى من قبل القوى التي لا تؤمن بدين ولا تنتمي الى عقيدة، وماذا لو تشكل تحالف جديد لوقف هذه الجرائم واعادة الامور الى نصابها، اين سيكون وضع أمريكا ساعئذ، حين يحملها الناس مسؤولية جرى ويجري؟
أمريكا بعدائها للإسلام والمسلمين، وحرصها الزائد على مصالحها الموهومة، وانصياعها لحفنة من الصهاينة الحاقدين على البشرية كلها، ستورد نفسها والعالم إلى الهلاك، فالسلوك الامريكي المتصهين هو سلوك متطرف بشدة، و لا يسعى الى الاقرار بحقوق الشعوب الاسلامية والعربية وعلى رأسها حق الشعب الفلسطيني الذي اعترف العالم به، وهي بسكوتها على الظلم ومشايعتها سرا وعلنا للانظمة الفاسدة والمستبدة ستخسر كل شيء، ستخسر سمعتها، ومصالحها، ووجودها في العالم، وسيلاحقها ذلك الى داخلها حين تنعكس هذه الازمات الطاحنة الى مجتمعها الهش واقتصادها الزائف الذي قام على السمعة والقوة الظالمة، والمهدد بالانهيار عند اول منعطف حقيقي مؤثر في العالم.
أمريكا تقودنا وتقود نفسها الى الهاوية، فالحياة والدول والمجتمعات تقوم على الحق والعدل والميزان، ودولة الظلم والبغي والفساد والعدوان وان عاشت زمنا، فانها سرعان ما تنهزم وتزول، هذه سنه الله في الخلق منذ ان وجد الانسان على وجه هذه الارض.
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون )
صدق الله وكذبت أمريكا ودعاياتها وابواقها، وكل عملائها الذين يظنون انها قادرة على حمايتهم، فهي كالشيطان، وستكون أول من يتبرأ منهم ويتخلى عنهم، فهل يعقل أو يفهم عملاء أمريكا ما ينتظرهم قبل فوات الاوان، ام يبقوا في غيهم يعمهون وفي ضلالهم سادرون، اللهم فاشهد.