يُجمع الكثير من السياسيين
اليمنيين أنّ غياب التأثير
الخليجي الفاعل في اليمن، منذ اتفاق نقل السلطة في 2011، ترك الباب مفتوحا لإيران بملء الفراغ الخليجي، حيث ألقت بثقلها السياسي والعسكري بدعم تحركات
الحوثيين الشيعة لترسيخ نفوذها الاقليمي، بدءا بإسقاط محافظة عمران شمال
صنعاء وأخيرا بسقوط العاصمة اليمنية صنعاء بأيديهم بكل مؤسساتها المدنية والعسكرية .
ورعت دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء قطر، اتفاق نقل السلطة بين الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، إلى نائبه حينها، الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي في كانون الأول/ نوفمبر 2011.
ويرى رئيس مركز الجزيرة للدراسات نجيب غلاب أنّ "المشكلة ليست في دول الخليج، بل في جماعة الحوثي ودورها في الصراعات الإقليمية، التي جعلت من اليمن منطقة نفوذ
إيرانية، في مسرب تاريخي خطير يهدد وجود البلاد"، حسب تعبيره.
وشبه غلاب في حديثه لـ"عربي 21" جماعة الحوثي بالجهاز الأمني المعقد الذي شكلته حاجات مذهبية إيرانية.
وأوضح أن "هناك دولا غربية لديها سيناريوهات بديلة، ولا تكترث بنتائج معطيات سيطرة الحوثيين على صنعاء، بيد أن لديهم مخططا لجعل اليمن بؤرة ضاغطة على أمن دول مجلس التعاون الخليجي". على حد وصفه.
من جهته، أكد الباحث والمحلل السياسي رياض الأحمدي أنّ "ما حدث في اليمن ناتج عن ترك دول الخليج البلاد في المرحلة الانتقالية لصالح الدول الغربية، التي يبدو مشاركتها في مؤامرة تسليم صنعاء للحوثيين، لتنضم بذلك البلاد للفوضى الطائفية وتكون المناطق الشمالية مسرحاً للانطلاق باستهداف السعودية". على حد قوله.
وقال الأحمدي لــ"عربي 21" إن محاولة دول الخليج، اختراق احتكار التأثير الغربي في المشهد السياسي اليمني، عبر تعيين مبعوث خليجي خاص لصنعاء جاء متأخرا، لتقع دول مجلس التعاون الخليجي، على الأرجح، كبقية اليمنيين ضحية الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي الذي سلم صنعاء للحوثيين".
ولفت الى أنهّ "لا يزال بإمكان السعودية والدول الخليجية الأخرى، فرصة للتحرك في اليمن، وفرض واقع أخر، عبر استخدام كافة الأدوات الممكنة لمنع ديمومة الانهيار الحاصل ".
ويعتقد الصحفي مصطفى حسان أنّ الدور الخليجي لم يغب عن اليمن منذ عقود، بل كُثف في الفترات الأخيرة، "فموقف الرئيس هادي وتطورات اللحظة في صنعاء، لم تكن مغيبة عن الدور الخليجي وتحديدا عن الرياض، التي أعطت الرئيس هادي الضوء الأخضر، لتسليم صنعاء كمعلب ثلج أمام الحوثيين وبسرعة فاقت التوقعات ".
وأضاف لــ"عربي 21" أنّ "رعب الرياض من شبح الدولة الإسلامية والتقارب الأمريكي الإيراني، سهل للساسة السعوديين تقبل الحوثيين، مقابل تطمينات أمريكية لهم بهذا الشأن، واستخدام جماعة الحوثي الشيعية كأداة للقضاء على حزب الإصلاح (إخوان اليمن)، حيث شاركتها بذلك الإمارات أيضاً" على حد قوله.
وأشار حسان الى أنّ "طهران نجحت في ملء فجوة التأثير الخليجي المحدود، ودعمت الحوثيين الذين سيطروا على صنعاء، ما يوضح امتلاك القادة الإيرانيين إستراتيجية واضحة بضم صنعاء ضمن الهلال الإيراني في المنطقة، يصاحبه جمود خليجي في اليمن".
هذا ورحبت الرياض الاثنين، بالاتفاق الذي وقعته الرئاسة اليمنية مع الحوثيين، بمشاركة القوى السياسية باستثناء التنظيم الناصري اليمني الرافض للتوقيع بسبب عدم توقيع ممثلي الحوثيين للملحق الأمني بالمسودة، وتحفظ حزب الرشاد السلفي على بعض بنود وثيقة الاتفاق.