تساءل الباحث من "المعهد الملكي للدراسات المتحدة" في لندن شانشك جوشي، عن سبب تردد الدول
العربية والجارة للعراق من استخدام القوة الجوية ومواجهة تنظيم الدولة الإسلامية
داعش، الذي لم يعد يهدد
العراق وسوريا فقط بل والدول العربية نفسها.
وكتب جوشي في صحيفة "
فايننشال تايمز" أن
الشرق الأوسط قوة جوية هائلة. ويبلغ عدد الطائرات التي تملكها دول مجلس التعاون الخليجي الست 600 مقاتلة، وإن أضفنا الأردن وتركيا ومصر يكون لديك 1000 طائرة أخرى".
فلماذا تقوم الولايات المتحدة وحدها بقصف الجهاديين من أتباع داعش، الذين يحاولون توسيع حدود خلافتهم في قلب المنطقة. ولماذا قامت بريطانيا بنشر عدد من المقاتلات الحربية في قبرص في وقت تنام قوة حربية كبيرة قريبا منها؟ ولماذا تسارع الدول الأوروبية لتسليح الأكراد المحاصرين؟.
ويقول الكاتب إن العالم العربي فشل في التعامل مع التهديدات الخطيرة التي واجهته منذ اجتياح صدام حسين للكويت. وفضلت الدول العربية الركوب على معاطف الدول الخارجية، وتقوم بانتقاد "تراخي" الدول الغربية. ومن هنا فقد حان الوقت كي تقوم الدول العربية وجيران العراق مثل تركيا بالتحرك.
وحتى يساعد الغرب العرب ويدفعهم للتحرك، عليه فهم ثلاث مصادر للخوف: الأول وهو أن الدول العربية السنية تنظر للعراق من خلال منظور النفوذ الإيراني فيه ومسألة التوازن الطائفي. فهذه الدول تمقت فكرة مواجهة المتشددين السنة مثل داعش من أجل تقوية الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد وعلى حساب مصلحة السنة العرب العراقيين. وهناك البعض في العالم العربي من يتعامل مع داعش كعجلة لتحقيق الطموحات السنية الشرعية ومن هنا يخاف الحكام العرب من مواجهة جيش الإسلام المفترض.
مظهر الخوف الثاني وهو خشية الدول العربية من استفادة نظام بشار الأسد في سوريا من محاولات إضعاف داعش الذي سيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا، ومن هنا فإضعاف داعش سيصب في صالح النظام السوري "فقد عارضوا وبشدة النظام الذي يرونه بؤرة نفوذ إيراني".
الثالث، تخشى الدول العربية من آثار ضرب داعش وردة فعله. فالحدود بين العراق وسوريا طويلة وانضم المقاتلون العرب للتنظيم بأعداد كبيرة. وتقول الدول العربية لنفسها لماذا أعرض نفسي للخطر، ومن جيران العراق القلقين تبرز تركيا التي تخشى على مصير 49 من الرهائن بيد الجهاديين بعد سيطرتهم على الموصل.
ويرى جوشي أن بعض المبررات هذه تعبر عن رضا ذاتي وبعضها شرعي وبعضها زائف. فالتهديد الذي يمثله داعش يتفوق على التهديد الذي يمثله داعش يتفوق على ذلك الذي تمثله طهران. فقد قضى التنظيم وقتا طويلا وهو يقاتل بقية الفصائل في سوريا وهذا يفسر سبب عدم استهدافه من قبل النظام السوري إلا في الفترة الأخيرة. وخلافا لتفكيرهم فلو قام جيران سوريا بمواجهة داعش فسيخففون من الضغط عن المعارضة الشرعية للأسد. ويتفق الكاتب هنا مع مخاوف الدول العربية من عمليات انتقامية لداعش ولهذا يجب على الغرب تقديم العون لها كي تشدد حراسة حدودها وتقوي من عزيمتها على المواجهة.
ويعتقد الكاتب أن عملية الانتقال السياسي الأسبوع الماضي في العراق تفتح فرصة جديدة. فتنحي نوري المالكي الذي فقد شرعيته وهمش سنة العراق، وتعيين حيدر العبادي الذي رحبت به السعودية وإيران، يجب أن تكون لحظة تعيد فيها الدول العربية تقييم موقفها من بغداد.
ولا زلنا بانتظار تشكيل العبادي حكومة تشارك وطني، وتفكيك الوزارة الإمبراطورية للمالكي ورأب الصدع مع الأقليات، وهذا شرط أساسي لهزيمة داعش. ويظل العمل العسكري فعلا ضروريا لتحقيق المصالحة ولن يستطيع سلاح الجو العراقي حتى بالطائرات الروسية الجديدة تحقيقه.
ويقترح الكاتب حلفا عربيا مع تركيا لتقديم الدعم العسكري لمواجهة داعش في العراق، ويجب أن تقدم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا الدعم من ناحية توفير الوقود للطائرات وتقديم المعلومات الاستخباراتية ونشر القوات الخاصة تكون جزءا من تحالف أكبر. ولكن لا يوجد أي سبب لعدم اتخاذ العرب دورا قياديا لمواجهة الخطر الكامن في ساحتهم الخلفية. فقد فعلت السعودية نقس الشيء في اليمن، وفعلت تركيا الشيء نفسه مع المتمردين الأكراد، وشاركت الإمارات في العمليات القتالية في أفغانستان. ففي الوقت الذي تعرضت فيه الدول الغربية لانتقادات بسبب بيعها أسلحة لأنظمة عربية استبدادية لكن أحدا لن يعارض حالة استخدمت للدفاع ضد عدو وبأهداف توسعية.
ويعتقد أن التقليل من الدور الغربي في العراق سيحرم داعش من واحدة من أساليب التجنيد القوية. فالطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن قد تكون مسؤولة عن زيادة عدد عناصر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي كان باستطاعته شن "جهاد دفاعي". وقيادة عربية لمواجهة داعش في العراق سيحرم الجهاديين من هذا الزعم الواهي.