يبدو أن الانقلاب يأكل صانعيه يوما إثر يوم. وبعد هجرة الدكتور محمد
البرادعي من مصر، يبدو أن الدور قد حلَّ على رجل الأعمال القبطي
نجيب ساويرس من خلال الأذرع الإعلامية للجنرال عبد الفتاح السيسي، بعد أن تسلح الأول بـ"شحه" ضد "طمع" الثاني في تبرعه، ورجال الأعمال، للصندوق الذي دشنه باسم "
تحيا مصر"، قبل أسابيع، وذلك في مواجهة تدور رحاها بين أصحاب السلطة ورجال المال، على حلبة جمع أكبر قدر من "مغانم الانقلاب".
فقد كشف الإعلامي عبد الرحيم علي (المعروف بصلاته بأجهزة الأمن والمخابرات) سر المعركة التي انفتحت بينه وبين رجل الأعمال القبطي فجأة على إثر تخصيص حلقته الأخيرة من برنامجه المثير للجدل "الصندوق الأسود" في الأسبوع الماضي على قناة "القاهرة والناس"، لمهاجمة رجل الأعمال القبطي، تحت عنوان "الصندوق الأسود يفتح ملفات نجيب ساويرس"، وذلك ردا منه على وصف ساويرس له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بأنه "مخبر".
لكن إدارة القناة قامت بقطع بث البرنامج، وطردت "علي" من العمل بها، الأمر الذي لم يأبه له، إذ راح يهاجم ساويرس في حواراته المختلفة، وعلى موقعه "البوابة نيوز"، وفي صحيفة "البوابة" التي يرأس مجلس إدارتها، ومجلس تحريرها.
فقد قال "عبد الرحيم علي" في عدد الاثنين من الجريدة، تحت عنوان: "صندوق ساويرس الأسود"، و"ادفع يا نجيب": "لأول مرة أفتح الصندوق الأسود لنجيب ساويرس، أما لماذا الآن، فهذه قصة تستحق أن أرويها".
وتابع علي: "في لقاء الإعلاميين بالرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية، سأله أحدهم عن صندوق "تحيا مصر"، وعن الأموال التي تم التبرع بها، فقال بما يشبه الصدمة إن الصندوق به مليار ونصف المليار جنيه من بينها مليار دفعها الجيش، سألت بشكل مباشر، ودون مواربة: "أين إذن الـ 3 مليارات التي أعلن ساويرس وعائلته أنهم سيتبرعون بها للصندوق؟ رد السيس]: "عندكم هشام رامز محافظ البنك المركزي، يمكن أن تسألوه"..
وأضاف: "صدقت السيسي على الفور، وقلت: يعنى ينفع ساويرس يدفع لمحمد مرسي 7 مليارات عشان يشتري بها سلاحا يقتل به أولادنا في الجيش والشرطة، ولا يدفع شيئا لمصر"، على حد مزاعمه.
وأضاف: "لم ينتظر ألبرت شفيي رجل ساويرس في الإعلام (يدير قناة أون تي في ومسؤول عن وكالة أونا للأخبار وما خفي كان أعظم)، أرسل لي ورقة صغيرة (أحتفظ بها حتى الآن) كتب فيها: إن نجيب لم يعلن بنفسه أنه سيتبرع بـ 3 مليارات دولار، وقال إنه عندما سيتبرع هو والعائلة فلن يعلن عن ذلك"..
وبعد استعراض ما اعتبره "صندوق ساويرس الأسود" علق عبد الرحيم بالقول: "المعركة ليست شخصية، إنها معركة من أجل مصر، التي باعها، ولا يريد أن يقدم لها شيئا مما حصل عليه طوال سنوات مضت.. لقد فعل كل شيء من أجل أن يحافظ على أمواله، كان عبدا طيعا لنظام مبارك، وكان نصيرا وداعما للإخوان المسلمين، لأنهم كانوا يرفعون في وجهه العصا، وعندما جاء نظام يتعامل مع رجال الأعمال باحترام تمرد.. وتخلى، ولم يقدم شيئا حتى الآن".
واختتم مقاله بقوله: "سوف أحكي لكم على مدار حلقات قادمة عن نجيب ساويرس.. لتتعرفوا أكثر على الرجل الذي بلغت به الصفاقة أن يترك بلاده التي تغرق دون أن يمد لها يد العون، بل يشن حربا ضروسا ضد من يحاول أن يتحدث".
ويرى مراقبون أن استمرار "عبد الرحيم علي" في فتح ملف رجل الأعمال القبطي، وفضح تسجيلاته، ليس اجتهاد إعلاميا جاء بمحض الصدفة، وإنما هو ترتيب منظم بين علي وأجهزة السيسي المخابراتية والأمنية، من أجل إحداث "صدمة ورعب" لساويرس، لإجباره على التبرع لصندوق "تحيا مصر"، بمبلغ قد لا يقل عن عشرة مليارات جنيه، قياسا على أن ساويرس نفسه كانت لديه نية سابقة في سداد سبعة مليارات جنيه في عهد الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي، كمتأخرات ضريبية.
وكان "علي" قال في حلقة برنامجه عن ساويرس (التي لم يكتمل بثها) إن "ساويرس لم يشارك بمليم واحد في صندوق دعم مصر، في وقت دعم فيه الإخوان بـ7 مليارات جنيه"، بحسب قوله.
يقصد بذلك الاتفاق الذي تم في عهد حكومة الدكتور هشام قنديل على أن تتم جدولة المتأخرات الضريببة على ساويرس، بحيث يسدد للدولة في المرحلة الأولى سبعة مليارات جنيه، على أقساط لمدة عامين، وهو الاتفاق الذي عاد على إثره ساويرس إلى مصر بعد أن كان قد غادرها في وقت سابق.
وعاتب "علي" في برنامجه البابا تواضروس على سماحه لساويرس، باستغلال الكنيسة المصرية في الدعاية البرلمانية لتحالف ساويرس الانتخابي، على حد قوله.
وتابع هجومه: "ساويرس الذي يدعي أنني مخبر للداخلية، كان يحركه عقيد في أمن الدولة لن أذكر اسمه الآن".
وفي مقاله بجريدة البوابة "الاثنين" كشف عبد الرحيم عن تفاصيل لقائه بساويرس في فرنسا يوم 14 فبراير 2013، إذ أكد أنه جلس معه أكثر من ساعة ونصف الساعة يترجاه أن يتوقف عن "دعم الإخوان المسلمين بالأموال"، لكن ساويرس رفض طلبه، واتهم عبدالفتاح السيسي بأنه من الإخوان، وكذلك الجيش المصري، إذ قال: "البلد مش هتقف.. الجيش إخوان والسيسي كمان إخوان.. أنا هدفع حماية لأسرتي عشان أرجع مصر ولو عليك شوفلك بلد إنت وولادك عشان هما مش هيسبوك.. وإنتو مش قد الأمريكان.. الأمريكان أعلنوا خلاص أن الإخوان هيقعدوا 500 سنة في مصر"، على حد زعمه..
وتحدث عبد الرحيم عن "البيزنس الحرام بين ساويرس والجهاديين"، مؤكدا أن رجل الأعمال القبطي مول تنظيمات جهادية بمليون دولار، من خلال وساطة سعد الدين إبراهيم بحجة تأسيس حزب سياسي، مشيرا إلى اجتماع سري تم عقده مع 30 جهاديا بعد خروجهم من السجن.
وكشف عن أن عين ساويرس على السلطة، وأنه يُخطط لحصد أكبر عدد من مقاعد مجلس الشعب القادم تمهيدا لتشكيل الحكومة.
وذكرت تقارير صحفية أن بداية الحرب الكلامية بين الطرفين بدأت بـ"تويتة ساخرة" من رجل الأعمال القبطي ضد عبد الرحيم قال فيها: "مشاهدة حلقة ثانية من المخبر عبد الرحيم علي.. ستجعلني أتعاطف غصب عني مع الإخوان المسلمين".
وردا على ساويرس؛ توعده عبد الرحيم بحلقة خاصة من برنامجه ليفتح "الصندوق الأسود" له باعتباره "الأكثر جدلا" في الساحة السياسية والاقتصادية، ولتستمر فصول الحرب دائرة بينهما؛ ليصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم، وليكشف كل منهما عن كلمة السر في الانقلاب الحاصل في مصر حاليا، ألا وهي: "زواج المال والسلطة"، الذي يبدو أنه يمر حاليا بما يشبه "الأزمة العاطفية" بين الطرفين.