كشف مصدر من رئاسة الجمهورية بالجزائر، أنها ستعلن عن وثيقة
الدستور الجديد للبلاد، أوائل شهر سبتمبر/ ايلول القادم.
وقال المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لـ"عربي21"، الجمعة، أن رئاسة الجمهورية، على مشارف الانتهاء من الصياغة النهائية لوثيقة الدستور الجديد، تحسبا لعرضها بداية شهر سبتمبر / أيلول الداخل، وتكشف الوثيقة النهائية "تعديلات جوهرية" على الدستور المعمول به حاليا والذي عدل هو الآخر العام 1996 من قبل الرئيس السابق إليامين زروال.
وأوضح المصدر أن " مراجعة معمقة بالدستور الجديد قد أقرت بإيعاز من الرئيس
بوتفليقة نفسه، وذلك نزولا عند رغبة الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية التي تم التشاور معها".
وكان أحمد أويحي، مدير الديوان برئاسة الجمهورية، في
الجزائر، قد أنهى منتصف شهر يوليو/ تموز، مشاورات حول مراجعة الدستور أجراها مع الأطراف المذكورة، بقرار من الرئيس بوتفليقة.
ودامت المشاورات أربعون يوما، وشرع فيها بداية حزيران/ يونيو، وأعلنت أحزاب المعارضة مقاطعتها، وبمقدمتها "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" التي أعلنت الأربعاء 6 اغسطس/ أب، أرضيتها للانتقال الديمقراطي، وابرز ما ورد بها "إخراج
الجيش من التجاذبات السياسية تنصيب حكومة توافقية ودستور توافقي".
وقال مصدر "عربي21" أن " الرئيس بوتفليقة وافق على مقترح أغلبية من تم التشاور معهم والقاضي بتقييد الفترات الرئاسية بفترة رئاسية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة أي فترتين رئاسيتين فقط)".
وحتى هذا المقترح أدرج ضمن مسودة المراجعة الدستورية الأولية التي كشفت عنها ما أصطلح على تسميتها بلجنة "عزوز كردون" التي كلفها الرئيس، شهر حيزران / ابريل 2013 بصياغة المراجعة الدستورية، والتي على أساسها تمت المشاورات بمقر رئاسة الجمهورية بالعاصمة، الجزائر.
وبهذا تكون الجزائر قد عادت إلى العمل بدستور الرئيس السابق إليامين زروال الذي أقر مدة
الرئاسة بالجزائر بفترة واحدة من خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة. لكن الرئيس بوتفليقة أوعز إلى مراجعة هذا البند، شهر سبتمبر / أيلول من عام 2008، إلى إبطال هذا القيد، ومرر التعديل الدستوري على البرلمان الذي ألغى "الفترتين الرئاسيتين" وأقر الحكم المفتوح، عن طريق الانتخابات.
وحينها قال عبد العزيز زياري، الرئيس السابق للبرلمان الجزائري أن " الفترة الرئاسية الواحدة القابلة للتجديد مرة واحدة، دخيلة على الجزائر وقد فرضتها ضغوطا خارجية لما كانت البلاد تمر بأزمة دموية".
لكن الرئاسة بالجزائر وفي فترة حكم الرئيس بوتفليقة نفسه، عادت إلى تقييد الفترة الرئاسية، رغم أنها هي من ألغاها العام 2008، ما أثار استغراب الطبقة السياسية وخاصة منها المعارضة.
وتطرح تساؤلات بالجزائر حول مدى تأثر الضغط الخارجي على صياغة الدساتير بالجزائر، خاصة بعد خطاب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، خلال القمة الأمريكية الأفريقية التي انعقدت الأربعاء 6 اغسطس/ آب الجاري، والذي دعا فيه الأنظمة الإفريقية إلى التقيد فترتين رئاسيتين فقط ومباشرة إصلاحات سياسية جدية.
وشارك الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال بالقمة، وقال إنها "كانت ناجحة".
وفهم العديد من الأطراف السياسية بالجزائر أن "دعوة الأمريكيين إلى التقيد بفترتين رئاسيتين فقط، تعنى بها الجزائر أكثر من غيرها"، وعزت ذلك إلى جدال وسجال رافق ترشح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية رابعة بموجب انتخابات الرئاسة ل17 نيسان/ أبريل الماضي، وهو على كرسي متحرك.
لكن عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم" المعارضة، لا يرى أن أمريكا، بلدا يعتبر قدوة للآخرين في مجال الديمقراطية.
وقال مقري لـ"عربي21"، الجمعة " واشنطن تتحدث عن الديمقراطية بينما دماء الفلسطينيين مازالت تنزف، وواشنطن هي من وفر الغطاء السياسي للإسرائيليين لضرب غزة. وأضاف" إن أمريكا تبحث عن مصالحها والغرب بشكل عام لا تهمه إلا مصالحه".
وتابع المتحدث" نحن لا ننتظر من أمريكا شيئا ولا نريدها أن تتدخل في شؤوننا الداخلية، إن على الحكومة الجزائرية، أن تتحصن بالجبهة الداخلية، لا أن تنتظر ما يملى عليها من الخارج".
وكان مقري من أشد منتقدي الفترة الرئاسية الرابعة للرئيس بوتفليقة.
من جانبه، أفاد مصطفى بوشاشي، الحقوقي والنائب الذي استقال من البرلمان الجزائري، شهر أيار/ مايو الماضي، احتجاجا على الغلق السياسي بالبلاد، لـ"عربي21"، أن " النظام الجزائري يعرف انه مراقب من قبل قوى أجنبية كبرى، خاصة ما تعلق بغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة والفردية، لكن هذا النظام يعرف جيدا أنه سواء أمريكا أو الغرب عموما يبحثون عن مصالحهم فقط".
ويعتقد بوشاشي أن "النظام الحالي وجد دستورا أمامه، ويريد تعديله بما يضمن صلاحيات واسعة لمؤسسة الرئاسة، حتى صارت هذه الصلاحيات اكبر من صلاحيات ملك في نظام ملكي".
لكن السؤال المطروح، هل يمرر النظام بالجزائر، الدستور الجديد، على البرلمان، للمصادقة عليه، أو عبر استفتاء شعبي؟
وما يتردد بأروقة رئاسة الجمهورية، يشير إلى أن الرئيس بوتفليقة يعتزم إحالة الوثيقة الدستورية الجديدة على البرلمان للمصادقة عليه، وهذا ما أعلن عن رفضه، قادة أحزاب خلال المشاورات التي أدارها أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس الجزائري.
ورفضت لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، اليساري، إحالة المراجعة الدستورية على البرلمان، وقالت لـ"عربي21"، الجمعة، " إن البرلمان الحالي فاقد الشرعية ومزور ولا يمكنه مناقشة قضية بحجم دستور يحكم البلاد".
وأضافت حنون" لا يمكن إخراج الحي من الميت، ولا يمكن إخراج دستور من برلمان ميت يتحكم به أصحاب المال الفاسد".
ودعت حنون إلى إحالة الدستور الجديد إلى الاستفتاء الشعبي" لأن الشعب وحده صاحب القرار".
وسبق لعمار سعداني، الأمين العام لحزب " جبهة التحرير الوطني" وهو الحزب الحاكم بالجزائر، أن صرح منتصف شهر يوليو /تموز، المنقضي أن " الدستور الجديد سيمرر على البرلمان، لكن إذا كانت هناك مراجعة جوهرية سيتم إحالته على استفتاء شعبي".