قرر مجلس النواب العراقي تأجيل جلسته إلى الثلاثاء القادم في مؤشر واضح على استمرار الخلافات بين الكتل الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
الخلافات الحالية بين الكتل البرلمانية تعود جذورها إلى أكثر من ملف، منها عدم الموافقة على إعادة ترشيح المالكي لولاية ثالثة من قبل التحالف الوطني، وأيضاً هجوم المالكي الأخير على الأكراد واتهامه إياهم بدعم تنظيم دولة العراق والشام "داعش".
وذكرت مصادر من داخل البرلمان أن "رئيس السن مهدي الحافظ رفع الجلسة بناء على طلب عدد من الأعضاء بعد الإخفاق بالتوصل لتسمية المرشحين".
وأفاد مصدر برلماني، بأن "جلسة مجلس النواب العراقي عقدت برئاسة النائب مهدي الحافظ (رئيس السن للمجلس)، وبحضور (233) نائباً، من بينهم أعضاء التحالف الكردستاني الذين تأخروا عن الموعد المحدد في الساعة (11:00) صباحاً بسبب سوء الأحوال الجوية".
وكان مصدر برلماني قد أفاد بأن رئيس السن لمجلس النواب مهدي الحافظ أجل جلسة البرلمان إلى الساعة الواحدة ظهرا بسبب تأخر حضور عدد من نواب التحالف الكردستاني.
وفي الأثناء فشل الاجتماع المغلق بين التحالف الوطني ورئيس الحكومة نوري المالكي اليوم الأحد، في مبنى مجلس النواب العراقي، في التوصل إلى نتيجة.
وقال النائب عن
دولة القانون خالد الأسدي في تصريح صحفي إن "المجتمعين اختلفوا على تسمية نائب رئيس البرلمان، إذ إن الائتلاف الوطني أجمع على همام حمودي، في حين أن دولة القانون رشحت حسين الشهرستاني، وإن الاجتماع انتهى من دون التوصل إلى نتيجة".
وعلى صعيد آخر، حذر ممثل الأمم المتحدة الخاص إلى العراق مجدداً أمس السبت من أن "البلاد قد تغرق في أتون الفوضى إذا أخفق البرلمان المقسم في إحراز تقدم، فيما يتعلق بتشكيل حكومة خلال جلسته المقرر انعقادها غداً الأحد".
وقال المسؤول الأممي في بيان إن عدم إحراز تقدم في اختيار أرفع ثلاثة مناصب حكومية (الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان): "لن يخدم سوى مصالح من يسعون إلى تقسيم شعب العراق والقضاء على فرصه في إحلال السلام والرخاء".
وحول هذا الموضوع قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مهند العزاوي، في حديث خاص لـ "عربي21": "إن جذر الأمن هو السياسة؛ وما وصل إليه العراق من انهيارات أمنية سببه النظام السياسي الذي يعتمد مبدأ الو?ء وليس الكفاءة، والانتماء للحزب والمذهب وليس الدين والوطن".
وأوضح أن من "أبرز أسباب ا?نهيار، الأدوات العاملة في هذا الحقل المشبعة بالضغينة والكراهية للعراق، فهم لديهم مشكلة مع العراق وخلفياتهم التاريخية ترتبط بثقافة المليشيات التابعة لأجندات هدامة للعراق، ولذلك فإن الخلل المحوري سياسي بامتياز يعتمد على تغيير جذري للنظام السياسي يؤطر بدستور مؤقت جديد، وإعادة رسم المهام والقوة لتحقيق الأمن".
وأضاف العزاوي أنه "خلافاً لذلك فإن الترقيع وإنعاش الوضع السياسي الحالي بعمل عسكري سيجعل من الثوار كتلة حيوية تجتاح كل الحواجز وتؤسس لوضع جديد باستخدام الخيار اأخير وهو القوة العسكرية".
ويرى بعض المتابعين للشأن العراقي أن الحل الأمثل للخروج من الخلافات بين السياسيين العراقيين، يكون بالتصويت على الرئاسات الثلاث في سلة واحدة، وهذا ما سيحرج التحالف الوطني، الذي يعاني من مشاكل داخلية بسبب إصرار دولة القانون على ترشيح نوري المالكي رئيس الحكومة المنتهية ولايته، بينما يعارض التيار الصدري وكتلة الحكيم هذا الخيار، وهذا الخلاف سيجعل العملية السياسية في مأزق حقيقي.
وبخصوص المستقبل في العراق، بين العزاوي أن "ما لم يجر فرض حل سياسي جذري يعيد رسم السياسة والقانون والقوة وفق أطر وطنية جامعة تعتمد مبدأ الوطن ودولة المواطن ومنع وإيقاف فلسفة حكومة المذهب وجيش الطائفة، إلى جانب منع
التوغل الإيراني بالعراق مع إيجاد طبقة سياسية جديدة قادرة على معالجة التحديات، فإن العراق يتجه إلى السيناريو السوري أو الصومالي أو كلاهما، وستكون الأيام القادمة أكثر سخونة وفيها تحولات أكثر".