قام علماء من مؤسسة باتيل – وهي منظمة بحثية غير ربحية – باختراع تكنولوجيا يمكن أن تعطي أملاً للمصابين بالشلل لتحريك أطرافهم بواسطة الأفكار، وذلك عن طريق سد العجز الموجود ما بين
الدماغ والعضلات.
قامت صحيفة واشنطن بوست بنشر رسم توضيحي لآلية عمل الجسور العصبية، قام برسمه كل من (البرتو كوادرا) و(جيم تانكيرسلي)، حيث قام العلماء أولاً بربط النهايات الرمادية النخاعية الصادرة من جمجمة المريض (إيان بوركهارت) باسطوانة معدنية، ثم قامو لاحقاً بوضع ساعده الأيمن في اسطوانتين اسفنجيتين، وتم لف الاسطوانتين بشرائح رقيقة تشبه شريط أفلام الكاميرات المنزلية القديمة، ثم جعلوا المريض يقوم ببعض التمارين التدريبية حتى يصبح جاهزاً للبدء بالتجربة.
كانت آخر مرة تمكن فيها (بوركهارت) البالغ من العمر 23 عاماً من تحريك يده في عام 2010، عندما كان في رحلة إلى المحيط الأطلسي مع أصدقائه للاحتفال بنهاية السنة الدراسية الأولى في الجامعة، واصطدم بحاجز رملي في البحر مما أدّى إلى كسر عنقه وعدم قدرته على تحريك أي عضو من الأعضاء الموجودة تحت المرفقين.
بعدها تطوّع (بوركهارت) للتجربة، التي تقوم على جعله يحرّك يده بواسطة أفكاره، حيث يفترض أن تنتقل أفكاره عبر عموده الفقري المكسور، وبعد ذلك وبمساعدة علم الخوارزميات وبعض الأقطاب الكهربائية، سيتمكن من تحريك أطرافه التي كانت يوماً ما ميتة.
قام الأطباء بفتح جمجمة (بوركهارت)، وثبّتوا فوق رأسه أسطوانة معدنية تشبه التاج مثبتة بالعظم بواسطة مسامير، ثم قاموا بتمرير سلك يصل بينها وبين رقاقة قاموا بربطها بالدماغ بواسطة ما يشبه الخطاف، بهدف التقاط الإشارات الدماغية، وتم وضع خوازمية معينة من قبل المهندسين تقوم بترجمة الأفكار إلى حركات، أما شرائط الفيلم المربوطة حول ساعده، والمسماة بالأكمام، فإنها من المفروض أن تعمل على تحفيز عضلاته لتقوم بالتحرك وفق الحركات التي تترجمها الخوارزمية.
بعدها، وعلى مدى أربع سنوات تم ربط مقعد (بوركهارت) المتحرك بجهاز كومبيوتر لثلاث مرات كل أسبوع، كان خلالها يقوم بمشاهدة حركة اليد الرقمية على الشاشة، ويفكر بتحريك يده بذات الطريقة، وبعدها يقوم الكمبيوتر بقراءة أفكاره ومن ثم يحرّك اليد الرقمية الثانية بالاتجاه الذي فكر فيه (بوركهارت)، وكانت هذه الفترة عبارة عن تحضير لليوم الحاسم الذي سيقوم فيه المريض بتطبيق ما تعلمه على أرض الواقع.
عند القيام بالتجربة الحاسمة، قام (بوركهارت) بتجميع كل أعصابه، وفكر بيده، على أمل أن يستطيع تحريكها، نجح (بوركهارت) أولاً بفتح يده بصعوبة، وبعد دقيقة قام بقبض يده، ومن ثم قام بتحريك القبضة باتجاهه، وكرّر هذه الحركة لعدة مرات.
تعد هذه التجربة البداية للكثير من الاحتمالات التي يمكن للمستقبل الالكتروني أن يقدمها، حيث من الممكن أن يتم وضع الأكمام على الأطراف المشلولة، ويمكن أن يتم استبدال الرقاقات التي يتم زرعها داخل الدماغ بعصبات للرأس تقوم بذات الوظيفة، ومن المحتمل أن تعمل الهواتف الذكية عمل الكمبيوتر، إلّا أن الأمر ما يزال يحتاج إلى وقت طويل.