أثار تعيين الرئيس
الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، مدير ديوانه، أحمد أويحي، رئيسا للجنة المشاورات حول تعديل
الدستور، موجة استياء وسط
المعارضة، وأجمع قياديوها أن تعيين اويحي لهذه المهمة، بمثابة تنفير للمعارضة من المشاركة في صياغة مسودة الدستور الجديد.
وكان الرئيس بوتفليقة أعلن عن إسناد لجنة المشاورات حول تعديل الدستور، في اجتماع لمجلس الوزراء، الأربعاء، السابع من أيار/ مايو، إلى مدير ديوانه أحمد أويحي، وكان الأخير مسؤولا بحملة الدعاية الانتخابية لبوتفليقة في استحقاق 17 نيسان أبريل الرئاسي.
ومعروف عن أحمد أويحي أنه لا يتحرج بتنفيذ أي مهمة تسند إليه من قبل الرئيس بوتفليقة، وينعت وسط الطبقة السياسية بـ"صاحب المهمات القذرة"، وكثيرا ما رد أويحي على هذا الوصف "يسرني وصفي بصاحب المهمات القذرة، فانا لا أتحرج من ذلك لأنني أخدم بلدي".
وأويحي، البالغ من العمر 62 سنة، هو الوزير الأول السابق الذي أزيح من منصبه خريف 2012، والأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني الديمقراطي ثاني قوة سياسية في البلاد، لكنه استقال من منصبه، فبراير 2012، إثر دعوات من داخل حزبه بضرورة تنحيه، لأسلوبه الدكتاتوري في تسيير شؤون الحزب كما يقول معارضيه.
ويعتبر الأخضر بن خلاف القيادي في "جبهة العدالة و التنمية" الإسلامية المعارضة، أن "السلطة بتعيينها مدير ديوان الرئيس بوتفليقة لإدارة شؤون المشاورات حول تعديل الدستور، بمثابة رسالة منها إلى أحزاب المعارضة لدفعها إلى اتخاذ موقف معارض للمشاورات ومن ثمة، التخلص من محاولات فرضها منطقها في تعديل الدستور".
ويقول بن خلاف لـ"عربي21" إنه يفترض أن تسند مهمة إدارة المشاورات إلى شخصية تلقى إجماعا بين الموالاة و المعارضة، شخصية متوازنة مقبولة لدى الجميع، وأحمد أويحي يفتخر أنه "صاحب المهمات القذرة". ولا يتوقع بن خلاف نجاح المشاورات التي يفترض حسب الرئيس بوتفليقة أن تبدأ منتصف حزيران / يونيو المقبل.
وقال: "إنها مهددة بالفشل حتى قبل بدئها، والجميع يعلم أن الرئيس بوتفليقة وعد بإصلاحات جوهرية لكنه لم يف بوعوده".
ويعتبر بن خلاف أن "الإصلاح الدستوري يفرض تعيين هيئة تنصهر فيها كل التيارات وتتكون من أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني من اجل التوصل إلى أرضية دستور توافقي يرضي جميع الأطياف".
وبحسب الآجال الزمنية التي حددها مجلس الوزراء في اجتماعه الأربعاء، من أجل البدء في مشاورات الإصلاح الدستوري، فإنها تتزامن مع عقد أطياف المعارضة ضمن ما يسمى" تنسيقية الانتقال الديمقراطي" المعارضة للنظام ندوتها الوطنية الشاملة من أجل بلورة وثيقة الانتقال الديمقراطي".
ويعتبر بن خلاف أن "المعارضة كانت لها تجربة سابقة شبيهة بتجربة المشاورات التي سوف يباشرها أويحي، ويتعلق الأمر بالمشاورات التي قادها عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، في أيار/ مايو 2011، في خضم ثورات الربيع العربي، وهي المشاورات التي كانت فاشلة ومضيعة لوقت"، حيث قررت "جبهة العدالة و التنمية" عدم المشاركة في هذه المشاورات.
كما قررت "حركة مجتمع السلم" الإسلامية المعارضة، عدم المشاركة بالمشاورات، وقال رئيسها الدكتور عبد الرزاق مقري، لـ"عربي21" إن الحركة "حسمت أمرها ولن تشارك في مشاورات الإصلاح الدستوري".
وأوضح مقري، أن "الجهود موجهة حاليا لعقد ندوة الانتقال الديمقراطي" وأضاف: "سنخرج في الندوة بوثيقة تاريخية، نرسلها إلى كل الأطياف السياسية والى السلطة، وإذا رفضتها هذه الأخيرة سنواصل العمل على أن نتوجه إلى الميدان من خلال تجمعات".
ولا يختلف المحلل السياسي، محمد دخوش، في قراءته لتعيين أحمد أويحي، الذي كان معروفا بنزعته الاستئصالية، إزاء من يسميهم بـ"المتشددين الإسلاميين"، مشرفا على مشاورات الاصلاح الدستوري، إذ قال لـ"عربي21" إن "تعيين أويحي بمثابة تكريس للاستمرارية" ويتابع: "لسيد أويحي ابن أصيل من أبناء النظام ومعروف طبيعة وتوقيت المهام التي تطلب منه وتوكل إليه والمجيء به الآن معناه إرادة فوقية في تمرير تعديل على المقاس".
ويرى دخوش أنه "كان أولى إسناد المهمة لشخصية وطنية توافقية تحظى بالإجماع".
ولم تقدم لجنة المشاورات التي عينها بوتفليقة، أيار/ مايو 2011، حصيلة عملها فيما يتعلق بالإصلاح الدستوري، عدا تقديمها مقترحات قوانين سلمت للحكومة، التي بلورتها في شكل قوانين إصلاح، لقيت انتقادات حادة من قبل المعارضة.
ولا تعتقد المعارضة أن تفضي "لجنة أويحي" إلى نتائج فيما يتعلق بالإصلاح الدستوري، ويقول دخوش "إلى الساعة لم تبد السلطة أي مؤشر يوحي بالتزامها بنتائج المشاورات والأمر لن يختلف عن سابقه وهذا ما جعل المعارضة غير متحمسة من البداية لانخراط في هذا المسار".
ويؤكد جمال بن عبد السلام، رئيس "جبهة الجزائر الجديدة"، المعتدلة، لـ"عربي21"، أن تعيين أويحي للإشراف على المشاورات، يوحي بأن الرئيس بوتفليقة مخلص لعاداته" ووصف لجنة أويحي بـ" صندوق بريد"، كما اعتبر المسألة "استهتارا بالمعارضة والطبقة السياسية".
أما الكتاب والمحلل السياسي، محمد إيوانوغان فيرى أن "مسودة الإصلاح الدستوري جاهزة، بحسب المفردات التي استعملها الرئيس بوتفليقة، وما على الأحزاب إلا تزكيتها وهي ثقافة سياسية دأب على النظام انتهاجها".