يقول دبلوماسيون نقلا عن معلومات
مخابرات من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة إن
سوريا تحتفظ بالقدرة على نشر أسلحة
كيماوية، مما قد يعزز مزاعم بأن الجيش السوري استخدم غاز الكلور في الآونة الأخيرة.
وتعكس هذه التصريحات قناعة متزايدة لدى العواصم
الغربية، بأن الرئيس السوري بشار الأسد لم يكشف بالكامل عن برنامج الأسلحة الكيماوية السورية على الرغم من وعوده بإنهائه، ويصرون على أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيقاومون دعوات الأسد لإنهاء مهمة دولية خاصة لنزع السلاح الكيماوي، شكلت للتعامل مع سوريا.
وتنفي سوريا احتفاظها بالقدرة على نشر أسلحة كيماوية وتصف الزعم بأنه محاولة أمريكية وأوروبية لاستخدام سياساتها "الصبيانية" في ابتزاز حكومة الأسد.
لكن في اعتراف ضمني بوجود نقص في الإعلان الأصلي، قدمت سوريا في وقت سابق من الشهر الجاري قائمة أكثر تحديدا بأسلحتها الكيماوية لبعثة نزع السلاح الدولية، بعد أن أبلغ مفتشون عن وجود تناقضات على الأرض وذلك حسبما ذكر مسؤولون.
وتحت تهديد من الولايات المتحدة بشن غارات جوية اتفق الأسد مع واشنطن وموسكو في أيلول/ سبتمبر الماضي على التخلص من أسلحته الكيماوية، بعد مقتل مئات الأشخاص في هجوم بغاز السارين في آب/ أغسطس على أطراف دمشق.
وقالت واشنطن وحلفاؤها الغربيون إن قوات الأسد هي التي شنت هجوم السارين، وهو أسوأ هجوم كيماوي يشهده العالم منذ ربع قرن. وأنحت الحكومة السورية باللائمة عنه على مقاتلي المعارضة في الحرب الأهلية السورية التي دخلت الآن عامها الرابع.
ويتولى فريق مشترك من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عملية التحقق من إعلان سوريا بشأن ترسانتها من الغازات السامة وتدميرها.
ويقول دبلوماسيون إن الحكومات الغربية تشك منذ فترة طويلة في أن سوريا لم تفصح عن كل جوانب برنامجها من الأسلحة الكيماوية. ولكن مبعوثين يقولون إنهم التزموا الصمت بشأن هذه المسألة لتفادي منح الأسد ذريعة لتقليص التعاون مع بعثة الأمم المتحدة، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتأخير جدول زمني لشحن المواد السامة إلى خارج البلاد.
وبعد أن أصبح أكثر من 90 في المئة من المخزونات الكيماوية السورية المعلنة خارج البلاد الآن، بدأ المسؤولون الغربيون في الخروج عن صمتهم.
قال دبلوماسي غربي لرويترز "إننا مقتنعون ولدينا بعض معلومات المخابرات التي تظهر أنهم لم يعلنوا كل شيء."
وأضاف إن معلومات المخابرات تلك جاءت من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وردا على سؤال بشأن حجم ما أخفته سوريا من برنامجها قال الدبلوماسي إنه "كبير"، ولم يذكر تفاصيل.
ورفض بشار الجعفري سفير سوريا لدى الأمم المتحدة الاتهام، وقال لرويترز في رسالة نصية عبر الهاتف المحمول "هذه الدول غير موثوق فيها فعلا، وسياساتها تجاه تنفيذ الاتفاق بين الحكومة السورية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا تقوم على مبادئ وإنما بالأحرى صبيانية. إذا كان لديهم بعض الأدلة فعليهم أن يتقاسموها مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بدلا من التظاهر بأن لديهم أدلة سرية".
وقال الجعفري إن هدف القوى الغربية الثلاثة هو تمديد مهمة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية دون حاجة لذلك من خلال "مواصلة فتح (الملف الكيماوي) لأجل غير مسمى، ومن ثم يمكنهم أن يواصلوا ممارسة الضغط على الحكومة السورية وابتزازها."
وقال مسؤول غربي آخر لرويترز -وطلب عدم ذكر اسمه- إنه لا يوجد يقين تام باحتفاظ سوريا بأسلحة كيماوية، لكن القوى الغربية الثلاث اتفقت على وجود "احتمال كبير" بأن سوريا لم تعلن عن كامل مخزوناتها من المواد الكيماوية المتعلقة بالأسلحة.
وأشار المسؤول إلى كمية كبيرة من مادة أولية تستخدم في صنع السارين اختفت في سوريا، ومزاعم لم يتم التحقق منها أطلقتها دمشق عندما قالت إنها دمرت معظم مخزوناتها من غاز الخردل قبل وصول بعثة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إلى غير ذلك من التناقضات بين تصريحات الجانبين.
وفي مقابلات أجريت خلال الشهرين الماضيين مع مسؤولين غربيين مطلعين على معلومات المخابرات بشأن سوريا، علمت رويترز أن المخاوف تشمل غاز الأعصاب الريسين، وغاز الخردل، ومواد أولية تستخدم في صنع السارين، وغاز الكلور الذي ترددت أنباء في الآونة الأخيرة عن استخدامه في سوريا.
وتحدث مسؤولون أمريكيون وبريطانيون عن غموض ومشاكل في إعلان سوريا عن أسلحتها الكيماوية. وحذر مسؤولون أمريكيون في تشرين الثاني/ نوفمبر من أن معلومات المخابرات تشير إلى أن سوريا قد تحاول إخفاء بعض المواد السامة.
وتعمقت الشكوك بشأن عدم اكتمال إعلان سوريا، عندما لم تبلغ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بامتلاكها لغاز السارين الذي استخدم على مشارف دمشق يوم 21 آب/ أغسطس، أو كيفية توصيل ما يقدر بنحو 300 لتر من الغاز السام.
وقال الدبلوماسي الغربي الكبير إن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة قدمت معلومات إلى المنظمة قبل شهور، من بينها مواقع محددة للأسلحة الكيماوية لم تكشف عنها دمشق. وأضاف أن الدول الثلاث أمدت روسيا حليفة الأسد بهذه المعلومات "لكن لم يصدر عنها رد فعل."
ولم ترد المنظمة على طلبات للتعقيب على الأمر. وقال متحدث باسم بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة إنه ليس لديه تعليق، لكن موسكو أكدت أمس الجمعة أن مزاعم استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية خاطئة.