خلد مئات الملايين في العالم ليل الأحد باكراً، واستطاع آخرون الجلوس مع عائلاتهم، لم يكن السبب رغبتهم بذلك، إنما اضطرهم برنامج "واتساب" لذلك.
فحالة الاستياء العارمة التي أصابت مستخدمي برنامج التراسل الفوري على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بعد تعطله لساعات الأحد، أبرز حضوراً مهماً لبرنامج الشات، الأغلى عالمياً، في الحياة اليومية للفرد، وأصبح لفقدانه -ولو لساعات- أثرٌ في كافة النشاطات اليومية.
فظاهرة الـ"واتس اب" -كما يسميها البعض- تغلغلت في المجتمعات كافة، في الغرب والشرق على حد سواء، دون أن تميّز بين كبير أو صغير، فقير أو غني، وباتت منتشرة في المدارس والجامعات، أماكن العمل إضافة إلى المقاهي والشوارع وأماكن اللقاءات والتجمعات.
هذه الظاهرة التي اكتسحت العالم منذ أعوام قليلة، ساهمت في تسهيل الحياة اليومية للفرد والجماعات بشكل ملحوظ وكبير، كاسرة حواجز المكان والزمان، خصوصا أن التطبيق خرج من إطاره الفكاهي والترفيهي، ليستعمل في إطار العمل وخدمة لأمور الناس وتلبية لحاجاتهم. وبات من المستحيل التخلي عن هذه الوسيلة شبه المجانيَّة.
الصفقة المرعبة .. وشكاوي الخصوصية
هذا الشغف والتعلق للمستخدمين بالبرنامج، والارتفاع الملحوظ في نسب استخدامه، أشعل فتيل حرب بين الشركة الأمريكية العملاقة "جوجل" ومارد التواصل الاجتماعي "
فيسبوك" للاستحواذ على البرنامج، والذي انتهى في أحضان الأخيرة، بأكبر صفقة يجريها بلغت 19 مليار دولار.
عرض "جوجل" الذي بلغ نحو 10 مليار دولار لم يكن كافياً لمؤسسي "واتساب" لبيع شركتهم لعملاقة البحث، ما أدّى إلى قبول عرض "الفيسبوك" بدلاً منها. لكن وفقاً لتقريرٍ جديد صدر عن موقع The Information، يبدو أن "جوجل" قد بذلت مُحاولة أخيرة للحصول على "واتساب" وأنها على استعداد لدفع أكثر من الذي تم إنهاء الصفقة عليه.
إذن هي "أرقام مرعبة ومخيفة في الصفقة الأخيرة،" هذا ما يقوله الناشط الإلكتروني محمد عبد الباسط لـ"عربي 21"، مشيراً إلى أن 19 مليار دولار "تمثل 4 مرات القيمة السوقية لشركة Blackberry، وأيضاً تصل إلى ما يقرب من ثلث القيمة السوقية لشركة السيارات العملاقة "فورد"، وتمثل 62% من القيمة السوقية لشركة
تويتر، كما تساوي القيمة السوقية لشركة الملابس المشهورة Gap!".
وبعد الإعلان عن الصفقة تحدث مارك زوكربيرغ مؤسس موقع "فيسبوك" عن الأسباب التي دفعته للاستحواذ على التطبيق عبر حسابه الشخصي، وقال: "سيساعدنا التطبيق الجديد على الاستمرار في تقديم خدمات التواصل للمستخدمين حول العالم، بالإضافة إلى إمكانية تبادل أي نوع من المحتوى مع أي مجموعة من الأشخاص تختارونها".
وأضاف: "خارطة واتساب لن تتغير، لكننا سنعمل في السنوات المقبلة على تطوير التطبيق بشكل أفضل وتطوير الخدمات التي يقدمها حالياً. أعرف مؤسس "واتساب" منذ فترة وأنا سعيد بانضمامه هو وفريق عمله إلى فريق عملنا في "فيسبوك".
ورغم تأكيدات زوكريبرغ بعدم التغيير في خطة العمل الحالية، إلا أن مستخدمي "واتساب" تزايدت مخاوفهم من انعدام الخصوصية، وذلك بسبب السمعة غير الجيدة التي تحظى بها "فيسبوك" في هذا الشأن.
لكن "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، هذا ما يقوله عبد الباسط، مشيراً إلى أنه بعد أيام من صفقة "الواتس اب" ارتفع عدد مستخدمي برنامج "ثريما" الألماني بشكل هائل، وذلك لأن التطبيق (ثريما) يقدم خاصية التشفير من جهة المرسل والمستقبل.
وكان برنامج التراسل الفوري "تيليغرام" أعلن عن زيادة في عدد مستخدميه عقب إعلان "فيسبوك" عن صفقة شراء "واتس اب".
وكشف القائمون على التطبيق (تيليغرام)، عبر حسابه الرسمي على موقع "تويتر"، أن عدد المستخدمين الجدد المسجلين في خدماته يوم الجمعة بلغوا 500 ألف مستخدم، وارتفع العدد مع الساعات الأولى ليوم السبت إلى ما يزيد عن 800 ألف مستخدم.
ويقدر عدد مستخدمِي "واتساب بـ450 مليون شخص شهريًّا، 70 في المائة ينشطُون عبره، بشكلٍ يومي، ويفتحُ أكثر من مليون منهم حساباتهم، بصورة يوميَّة أيضًا، كما أنَّ عدد الرسائل التِي يتمُّ إرسالها من خلاله، تضاهِي عدد الحجم الكامل للرسائل الهاتفيَّة القصيرة التِي يبعثُ بها الأفراد عبر جميع شركات الاتصالات في العالم" بحسب البوابة العربية للأخبار التقنية.