انتقادات واسعة تلك التي جرّها رئيس الحكومة
المغربية عبد الإله
بن كيران؛ على نفسه من طرف كثيرين وذلك بسبب اختياره الحديث باللغة
الفرنسية في افتتاح الدورة العشرين من المعرض الدولي للنشر والكتاب نهاية الأسبوع المنصرم بمدينة الدار البيضاء.
المستنكرون على بن كيران؛ استغربوا كيف يقوم أحد أبرز المدافعين عن
اللغة العربية بالمغرب بخطوة مثل هذه في وقت ينتصب حزبه ومختلف الهيئات الدائرة في فلكه في وجه كل من يستخدم اللغة الفرنسية في خطاباته الرسمية أو خلال تمثيل الدولة المغربية بالداخل أو الخارج.
ومن بين أبرز منتقدي رئيس الحكومة فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الذي عبر عن تفاجئه من خطوة بن كيران، وقال في حديث لـ"عربي 21": "فوجئت كما فوجئ الحضور في افتتاح المعرض الدولي للنشر والكتاب الذي ينظم تحت شعار "لنعش المغرب الثقافي"، بكلمة السيد رئيس الحكومة، ليس من حيث مضمونها ولا منهجية تقديمها، ولكن في اختياره لآلية التواصل ومخاطبة مثقفي المغرب والعالم في بداية أبرز احتفاليتهم بلغة موليير".
وأضاف بوعلي، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب، أن تبرير رئيس الحكومة حديثه بالفرنسية بوجود ضيوف أجانب مردود عليه، وأوضح قائلا: "ومناط المفاجأة ليس في التبرير الذي قدم احتفاء بحضور ثلاثة عشر وزير ثقافة لمجموعة دول غرب إفريقيا التي اختيرت كضيف شرف، وهو تبرير مردود، لكن المفاجأة الكبرى أن يأتي السلوك من قبل السيد عبد الإله بن كيران الذي عهدناه دوما معتزا بلغته ومنافحا عنها حتى في أحلك الظروف".
وتساءل بوعلي: "هل قدرنا أن نجتر على الدوام احتقار ذواتنا وجلدها أمام الغير؟ وهل هناك قناعة حقيقية برسمية العربية في المغرب؟ وهل يحق لمسؤول استعمال أي لغة في أي منبر شاء وأنى شاء؟".
وذكّر عالم اللسانيات المغربي رئيس الحكومة بمقولة مصطفى صادق الرافعي: "ما ذلّت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطّت إلا كان أمرها في ذهاب وإدبار، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضاً على الأمة التي يستعمرها ، ويركبهم بها، ويشعرهم عظمته فيها".
كما انتقدت الصحف ومؤسسات مغربية استخدام بن كيران للفرنسية، فضلا عن الاستنكار الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
يُذكر أن الدستور المغربي المصادق عليه سنة 2011 ينص في فصله الخامس على أن العربية تظل اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها". وتعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء.
كما ينص ذات الفصل على أن "يُحدَث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات. ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبَته وكيفيات سيره".
ويشار أيضا إلى أن اللغة العربية والأمازيغية على حد سواء تعاني – حسب تقارير مختلفة - من حالة من التهميش الكبير بالمغرب سواء على مستوى الإدارات والمؤسسات العمومية، حيث لغة المراسلات والتواصل في المجمل باللغة الفرنسية، على الرغم مما ينص عليه الدستور وعلى الرغم من المراسيم الحكومية التي تُلزم الإدارات بضرورة اعتماد اللغة العربية في مختلف المراسلات والتعاملات.