صفق جمهور الدورة 15 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة ( أقصى الشمال الغربي)، الجمعة، للفيلم الطويل "
الصوت الخفي" للمخرج
المغربي كمال كمال، المشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة.
يستعيد فيلم "الصوت الخفي" جانبا من تاريخ العلاقات المغربية
الجزائرية، أثناء حرب التحرير الجزائرية، حيث تقطع السلطات الاستعمارية الفرنسية في عام 1958، طريق الإمداد الرئيسي في منطقة بني بوسعيد على الحدود الجزائرية المغربية عن طريق بناء حزام مكهرب ومنطقة عازلة مزروعة بالألغام بطول 700 كيلومترا، وذلك بهدف تشديد الخناق على جيش التحرير الوطني الجزائري.
وكان موسى، الصديق المغربي للثورة الجزائرية، يساعد اللاجئين الجزائريين على اجتياز جبال تلمسان، إلا أنّ عليه المرور عبر منطقة بني بوسعيد التي أصبحت معبرا غير آمن، فيستعين بهانز، الجندي الشيوعي من جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة.
وأثناء هذه المهمة يفقد هانز إحدى ساقيه خلال محاولته نزع لغم، وتقتضي ضرورات الحرب قتل الجرحى والمرضى حتى لا يعيقوا تقدم الجماعة، ويحتسبون عند ربهم، آنذاك من بين الشهداء، إلا أن هانز ليس مسلما ولن تكون الشهادة، برأي المجموعة، من نصيبه.
"الصوت الخفي" فيلم سينمائي أوبرالي، يستند على الموسيقى لتقديم حكايتين متوازيتين: حكاية العبور التراجيدي من تلمسان إلى وجدة (شمال غربي الجزائر)، وحكاية الموسيقى الأوبرالية، حيث يكشف الفيلم عن عمق العلاقات المغربية الجزائرية، وعن التواطؤ الإيجابي بين المغاربة وإخوانهم الجزائريين.
وعن هذا الفيلم قال
المخرج والموسيقي المغربي كمال كمال إنه في فيلمه السابق "السمفونية المغربية" استند على الموسيقى كسمفونية لإثارة المشاكل التي كان يعرفها الموسيقيون الشباب بالمغرب بسبب تقديمهم لألوان موسيقية مختلفة عن سابقيهم.
أما في فيلمه الأخير "الصوت الخفي"، فقال إنه يتمحور حول نوع آخر من الموسيقى، وهو الأوبرا، والمزج بين ما هو واقع وحقيقة، وبين ما هو خيال كأوبرا، من خلال توازي قصتين واحدة في الواقع، وأخرى في الخيال.
وأشار المخرج إلى أن هذا العمل فيه جانب من سيرته الذاتية، معللا ذلك بأنه "لا يمكن أن نكتب عن أشياء نجهلها"، وقال إن والدته كانت جندية في الثورة الجزائرية، وقامت بالعبور سرا إلى المغرب من تلمسان إلى وجدة عام 1958، حيث حكمت عليها السلطات الفرنسية المستعمرة بالإعدام.
وقال المخرج إنه سمع هذه الحكاية من والدته مرات عديدة، وطبعت مخيلته، لدرجة جعلته يفكر في استثمارها سينمائيا، موضحا أن القصة تراجيدية، وأنه لا يوجد أحسن من الأوبرا للتعبير عن التراجيديا.
وأوضح المخرج أن إثارته لجزء من ذاكرة العلاقات المغربية الجزائرية، ومساعدة المغرب للجزائر في مواجهة الاستعمار الفرنسي، لم يكن بهدف سياسي، لكن من أجل طرح الجانب الإنساني في هذه العلاقات.
وقال المخرج إن ظروف تصوير هذا الفيلم كانت صعبة جدا، بسبب البرد والثلوج، حيث صور العمل في جبال الأطلس، في مدينة أزرو، وخصوصا في جبل "هبري"، لكن حب الممثلين، والطاقم التقني للعمل السينمائي، جعلهم يتحملون كل الصعاب، على حد قوله.
وأوضح كمال أنه اختار العمل مع نفس الممثلين الذين اعتاد العمل معهم، لأنه يرتاح إليهم ولمهنيتهم، لأنه في بعض الأحيان، كما يقول: "بدل أن نحل مشاكل الأفلام، نغرق في حل مشاكل الأشخاص، ولهذا فأنا أحاول الابتعاد عن مشاكل الأشخاص، وأختار ممثلين محترفين وكبارا، يضحون من أجل الفن".
وعن أسباب إسناده لابنته جيهان، دورا في الفيلم، قال إن ابنته درست بالمعهد العالي للفن بدمشق، وقامت بدور لم يكن مسندا إليها في البداية، لأن صاحبة الدور تهربت منه بسبب ضرورة حلق شعر رأسها، وهو ما قبلته ابنته بأريحية كبيرة.
وأضاف المخرج المغربي، أنه سعيد بتجربة ابنته ولم يندم على منحها هذا الدور.
يشار إلى أن فيلم "الصوت الخفي"، عرض في مهرجان دبي السينمائي الأخير، وحظي باستقبال كبير من جانب الجمهور، وهو ما تكرر في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حيث يتنبأ له النقاد بحصد بعض جوائز المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة.
وتختتم مساء السبت الدورة 15 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، الذي بدأ في 7 شباط/ فبراير الحالي، بالإعلان عن جوائز المسابقتين الرسميتين للفيلم الطويل والقصير (12 جائزة للفيلم الطويل و3 جوائز للفيلم القصير)، وجائزة النقد في المهرجان، التي تمنحها الجمعية المغربية لنقاد السينما.
وشارك في الدورة 15 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، 22 فيلما طويلا عكست تجارب وأجيال إبداعية مختلفة في خريطة السينما المغربية، و21 فيلما قصيرا، أغلبها لمخرجين شباب من داخل وخارج المغرب.