الاستسهال‏..‏ يهددنا‏!‏

كثيرة هي الأمراض والآفات التي تهدد مسارنا السياسي الانتقالي في مفترق الطرق الذي نقف فيه الآن‏.‏ غير أن أخطر هذه الآفات هو الاستسهال الذي قد يكون فيه مقتلنا إذا واصلنا معالجة قضايا شديدة التعقيد بوسائل تقليدية وأدوات روتينية وبالطرق التي تعودنا عليها‏,‏ رغم أنها لم تكن مجدية في مواجهة أوضاع أقل صعوبة وتعقيدا واجهتنا من قبل‏.‏

فلم يعد ممكنا مواجهة موجة ارهاب شديدة الخطر بالوسائل الأمنية وحدها رغم أهميتها, واعتمادا علي الأدوات التي استخدمناها في التصدي لموجته السابقة التي استمرت نحو10 سنوات، فالموجة الراهنة أخطر وأقوي لأن قيادة الإخوان هي التي ترعاها بعد أن كانت بعيدة عن الموجة السابقة التي انتهت عام.1997

وليتنا ننتبه الي أن حضور الشعب هذه المرة في قلب المشهد السياسي, والذي تجلي مجددا في احتشاده في مختلف ميادين الثورة السبت الماضي متحديا الارهاب الذي تصاعد في اليوم السابق, يوفر فرصة تاريخية لتطوير أدوات جديدة غير تقليدية في مواجهة هذا الارهاب،وقل مثل ذلك عن ادارة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي ساعدت المساعدات الإماراتية والسعودية علي تأجيل تفاقمها مؤقتا لأننا مازلنا نفكر داخل الصندوق بالطريقة التي تعودناها منذ عقود، وحتي هذه المساعدات استسهلنا استثمار الجزء ـ الذي لم نستخدمه لتقليل عجز الموازنة ـ في مجالات البنية الأساسية التي تعودنا عليها وعزفنا عن التفكير في إجراءات غير تقليدية بالنسبة لنا رغم نجاحها في كثير من الدول, مثل دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي يتراوح رأسمالها بين10 آلاف و30 ألف جنيه.

ومن باب الاستسهال أيضا, اكتفت السلطة الانتقالية والأحزاب المدنية بالهزيمة التي ألحقتها جماعة الاخوان بنفسها ولم تتحرك لاستثمار الإفاقة الشعبية وما اقترن بها من وعي جزئي بخطأ الاتجار بالدين لتعميق هذا الوعي وتوسيع نطاقه عبر عمل جاد علي المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية التنويرية, والوصول إلي قري مصر ونجوعها المتروكة للفقر والجهل والخرافات،
فلنضع إذن حدا للاستسهال الذي يهددنا ربما بأكثر مما يستطيعه أشد خصومنا بأسا.

(الاهرام)