دافع رفعت
الأسد، عم الرئيس السوري الحالي وشقيق الرئيس الراحل ونائبه، عن النظام السوري واعتبر أنه ليس مسؤولا عن الدمار بل هو يلاحق "الإرهاب"، متهما أطفال درعا الذين كتبوا على الجدران عبارات "لا تليق" ضد النظام السوري بأنهم "أيقظوا الجاهلية". من جهة أخرى، زعم رفعت أن
الأقليات في
سورية تتعرض لـ"الذبح والحرق"، وقال ساخرا إن مؤتمر "جنيف2" لن ينجح إلا إذا "تم قتل كل الأقليات وتسلم الإسلاميون الحكم".
وكان رفعت يتحدث في لقاء أجرته محطة "روسيا اليوم" الناطقة بالعربية وبثته يوم الاثنين.
وبدأ
رفعت الأسد اللقاء بالهجوم على المعارضة رغم قوله "كلنا أخطأنا.. أخطأت المعارضة كمات أخطأ النظام". لكنه تابع قائلا: "المعارضة أصلا غير موجودة بل هي وجدت ونبتت من الخطأ، ليس لها شكل وليس لها مضمون.. الائتلاف وجه المعارضة الإسلامية.. لماذا لا يأتي الإسلاميون ويشكلون المعارضة؟ لماذا يختبئون؟".
وبدا أن رفعت يخلط بين المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حيث تحدث عن رئيس المجلس جورج صبرة باعتباره رئيسا للائتلاف، وتساءل: "هل يكفي أن نرسل جورج صبرة إلى الحج ويصبح مسلما ومن ثم نضعه رئيسا لمجلسهم ويأتينا بوجهه الذي لا نعرف شكله ولا مضمونه.. جورج صبرة وأمثاله لا يمثلون شيئا في الشارع العربي ولا الشارع السوري" حسب قوله.
ورغم أن رفعت اعترف بأن "هناك شوقا وميولا للتغيير لدى الشعب العربي ككل"، اعتبر أن ما فعله أهالي درعا وأطفالهم "أيقظ الجاهلية".
وخلط رفعت بين الطفل حمزة الخطيب الذي اختُطف على يد قوات النظام السوري وقُتل وشُوهت جثته بعد نحو شهر ونصف من انطلاق الثورة، والأطفال الآخرين في درعا الذين قاموا بكتابة الشعارات على جدران مدرستهم وكان اعتقالهم وتعذيبهم شرارة المظاهرات في المدينة.
وقال رفعت: "حمزة الخطيب أطلق الثورة.. وكتب على اللوح شيئا لا يليق بطالب، لكن يحق له أن يكتب وألا يلام لأنه صغير". وتابع قائلاً: "حصل تعامل مع الطفل بشكل سيئ.. وهذا أشعل ثورة لأن درعا عدد سكانها قليل وتتشكل من العشائر وهم عاطفيون ولا يستطيعون أن يروا هذا المنظر فاستيقظت الجاهلية. والمفروض كانت ضربة بضربة.. يُقتل شخص مقابل شخص، ولكن أصبحت ضربة بفوضى" حسب قوله.
وحمّل رفعت "غباء" مدير الأمن عاطف نجيب والمحافظ في درعا، مسؤولية إيقاظ "الجاهلية"، وقال: "صرنا قبائل وعشائر والكل يسعى للقتل". واعتبر أن ما سماه "الهيجان" بدأ "مدفوعا بالتحريض.. بالشوق للتغيير.. التغيير فقط دون أن يعرف الشعب الاتجاه الذي يريده.. البعض مشى مع التغيير عاطفيا.. والبعض مشى مع النظام عاطفيا لأنه يريد الاستقرار.. فهذا النظام حافظ على الاستقرار خلال 50 عاما" وفق تعبيره.
لكن رفعت عاد لكي يبعد المسؤولية عن النظام السوري، وقال: "الموضوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الولد هو الثورة، ويقظة الجاهلية هو الرد على الثورة، ثم استغلال يقظة الجاهلية من منظمات الإسلام السياسي حول العالم وهي تملك الطاقة والدعم السياسي والمالي وبالتالي انطلق لتبشر بالتغيير الذي سيقودونه في سورية".
وعاد رفعت لمهاجمة المعارضة وتحميلها مسؤولية ما يجري في سورية. وقال: "الدمار الذي تسببت فيه المعارضة (..) دفع بالإسلام العالمي والغرباء لكي يأتوا إلى سورية ليقتلوا الناس ويفرضوا عليهم شريعة معينة بغض النظر عن الأقليات التي لا يجب أن تحيا فتُقتل". وزعم أن "هناك طوائف وأقليات كثيرة.. وكلها في لوحة الهدف الذي يطلق النار عليها.. يذبح ويمثل بجثته ويحرق بالأفران" وفق زعمه.
واعتبر رفعت أنه ليس هناك ثورة في سورية. وقال: "كنا نعتقد أن الثورة قائمة، وتمسكتُ بالخطأ الذي حصل في درعا وقاتلتُ مع هذا الطفل لكي يكون رمزا لهذه الثورة، لكنهم لم يتركوه رمزا، فشوهوا هذا الرمز بالممارسة التي قاموا بها.. الممارسة التي قاموا بها كانت كافية لإلغاء الثورة ولم يبق من هذا الشعب إلا خائف وخائف" حسب تعبيره.
وأضاف: "القيادة السورية مستعدة لتقديم التناولات لشعبها.. كل الاستعداد.. ولكنها ليست مستعدة لأن ترى شعبها يموت ويدمر.. وهو (بشار) لم يكن لديه حل وهم يحتلون قرية بعد قرية ويقتلون؛ إلا المواجهة، وعندما بدأت المواجهة عندئذ بدأ التخريب والتدمير". وتابع مبررا ما يفعله ابن أخيه: "كيف يمكن أن تقضي.. أن تحارب أناسا إرهابيين يتسللون ليلا إلى البيوت والقرى ويقتلون من يقتلون ويخيفون من يخيفون وينقسم الشارع بين جهة خائفة وجهة اخرى مسؤولة عن تحريرهم من هذا الخوف وإعادة النظام إلى البلد؟".
وزعم رفعت أيضا أن "بشار الأسد" قبل أن يستدرك: "الرئيس بشار الأسد لم يتمسك يوما بالحكم لا هو ولا أبوه ولا عائلته.. وعائلة الأسد عندما جاؤوا إلى الحكم لم يأتوا من فراغ.. جاؤوا من الفقر وجاؤوا من القهر وجاؤوا من السجون من خلال حزب البعث والمناضلين للتغيير نحو الأفضل"، لكنه استدرك قائلا: "لم يأت التغيير نحو الأفضل بسبب الانقسام الداخلي بين الحزبين في العراق وسورية" وفق قوله.
وقال: "بشار الأسد مستعد أن يعيش مواطن.. لكن أن يتحمل مسؤولية ما جرى والآخرون يأخذون الحكم هنا المشكلة.. هو لم يبدأ.. بدأ بضربة كان عليه أن يذهب إلى بيته ويعلن استقالته ويقول أنا وضعت لهذا الإنسان هنا وانا مسؤول عنه وانا أقدم استقالتتي إليكم أيها الشعب السوري".
وعندما سؤل عن عدم حدوث انشقاقات كبيرة في السلطة الحاكمة في سورية، قال رفعت: "فرق بين سورية وليبيا كبير.. الوعي في سورية غير موجود في ليبيا.. أغلبية سكان ليبيا يعيشون في البادية وسورية بلد متحضر".
وبينما وصف رفعت الأسد مؤتمر جنيف بأنه "إرادة دولية" إلا أنه عبّر عن تشاؤمه إزاء المؤتمر. وقال بسخرية: "مؤتمر جنيف لن ينجح إلا قتلنا كل الطوائف والأقليات وسلمنا الإخوان المسلمين والمتشددين حكم سورية".
وقال رفعت إنه تقدم بـ"حل" للأمم المتحدة وروسيا، يقوم على أساس أن تقوم الأمم المتحدة بتشيكل هيئة تشكل بدورها مجلسا وطنيا انتقاليا من التكنوقراط "لاعلاقة لهم بالمعارضة، ومن الحياديين الذين لم يشاركوا في القتل والضرب"، وحدد مهمة هذا المجلس بإجراء انتخابات.. "في الواقع الذي نحن عليه أكثر من ثلثي الشعب السوري يستطيع أن يصوت". وتابع: "يقوم المجلس بتعديل الدستور ويطرح الدستور على الاستفتاء في هذه الظروف الصعبة (..) هذا الدستور يؤهل لانتخابات تأتي ببرلمان وهذا البرلمان ينتخب رئيس الجمهورية ورئيس الجهورية يعين رئيس الوزارة التي سيتم تعيينها من التكنوقراط".
واعتبر رفعت الأسد أن "القيادة"، في إشارة إلى بشار الأسد ستقبل بهذا الحل "إذا تساوت مع غيرها وإذا لم تُدَن، وإذا لم تتحمل المسؤولة التي أعتقد أننا إذا ذهبنا طويلا بالتحليل سنرى أنها ليست مسؤولة" حسب قوله.
وكان رفعت قد اقترح في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 أن يقوم بشار الأسد بالاستقالة بعد حصوله على ضمانات عربية ودولية لسلامته "كي يتمكن من تسليم السلطة لشخص لديه دعم مالي ويؤمن استمرارية جماعة بشار بعد استقالته، يجب أن يكون شخصا من عائلته (…) أنا أو سواي".
ورفعت الاسد هو الشقيق الاصغر للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد وكان نائبا له، واعتبر لفترة طويلة خليفته المحتمل قبل ان يقوم بمحاولة انقلابية فاشلة انتقل اثرها للإقامة في المنفى في 1984 متنقلاً بين باريس ولندن وماربيا في اسبانيا. وقبل خروجه من سورية حصل رفعت على ما يقدر بمليارات الدولارات قدمتها دول عربية بناء على طلب حافظ الأسد.
وقبل تصاعد الخلافات مع شقيقه، كان رفعت مسؤولا عن سرايا الدفاع المتهمة بارتكاب مجزرة حماة (وسط) في 1982 وقبلها مجزرة سجن تدمر عام 1980. وراح ضحية المجزرتين نحو 30 ألف شخص.