شن ولي عهد أبو ظبي،
محمد بن زايد هجوما شرسا على
قطر وإيران أثناء لقاء له مع مسؤولين أمريكيين على هامش مؤتمر الدفاع الدولي (إندكس)، شباط/ فبراير عام 2009، بحسب وإحدى الوثائق المسربة من ويكليكس.
وقالت الوثيقة التي تحمل الرقم (09ABUDHABI193_a ) إن الوفد الأمريكي ضم كلا من السفير ريتشارد أولسون، الملحق العسكري، العقيد بريت رايدر، رئيس مكتب التنسيق الأمريكي العقيد ديفيد سبريغ. كما ضم عددا من الشخصيات ومن ضمنهم فادم ويليام، كيث ويبستر، السيدة بيت ماكورميك، البريغادير جنرال جينارو ديليروكو، البريغادير جنرال ميكائيل تيري والأدميرال ستيفن فوتسيتش.
كان النقاش متعدد الجوانب، لكنه تركز على قضايا معينة، أو تلك التي برزت أثناء النقاش فيما يتعلق بعمليات البحرية الأمريكية في الخليج العربي. وكما هي العادة فقد احتلت إيران مركز النقاش، وكذا تحالف قطر مع الإخوان المسلمين.
قطر والإخوان وإيران
وقالت الوثيقة إن أهم شيء كشف عنه اللقاء هو موضوع قطر لأنها مرتبطة بإيران. وطلب محمد بن زايد كتاب (محضر اللقاء) من الجانبين التوقف عن الكتابة حتى تكون تصريحاته غير مسجلة، عندما قال إن قطر هي "جزء من الإخوان المسلمين"، ودعا الولايات المتحدة إلى النظر في موظفي قناة الجزيرة، حيث توقع أنها ستجد أن نسبة 90% منهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.
وقال بن زايد إنه عندما دعت قطر إيران لحضور مؤتمر القمة العربي (16 يناير) اعتبر محمد بن زايد تلك الدعوة خيانة من العيار الأول. وقال إنه يعرف كلا من الأمير حمد بن خليفة وحمد بن جاسم، ولم يفهم لماذا خانا إخوانهما العرب، إلا إذا كانوا بيد الإخوان المسلمين. ودليل على ذلك الغدر القطري قيام الدوحة بتقديم 930 مليون دولار أمريكي لكل من حماس وحزب الله. وتساءل على سبيل المثال لماذا يقوم قادة عرب بدعم حركات كهذه إلا إذا كانوا جزءا منها؟
وبحسب الوثيقة، قاد النقاش حول قطر محمد بن زايد إلى أن يشجب وبشكل واسع الإخوان المسلمين وتأثيرهم على المنطقة (جاء في التعليق: أن توصف بكونك عضوا في الإخوان المسلمين هو أسوأ شيء في كلام محمد بن زايد). ويرى بن زايد أن تأثير الإيرانيين على الإخوان واضح جدا، حيث يحاول الطرفان تحريك الشارع العربي وإظهار عجز القادة العرب التقليديين.
حماس وحزب الله
وقالت الوثيقة إن محمد بن زايد تحدث عن حماس وحزب الله بنفس الطريقة، حيث وصفهما بأنهما خطر عابر للقوميات. واستخدم قصة زيارة خالد مشعل لمصر كمثال واضح على تلك النوايا الشريرة. وقدم حسني مبارك دعوة رسمية لمشعل للقيام بزيارة رسمية وترتيبات لإقامته بنفس الطريقة التي يتم التعامل فيها مع قادة الدول.
ورفض مشعل العرض وقال إنه سيقيم مع "رئيسه" زعيم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والعدو اللدود لمبارك. وقال محمد بن زايد "لماذا يعتبر زعيم حركة فلسطينية زعيم حركة إرهابية مصرية رئيسه؟". الحدود والأمم لا تعني شيئا لهؤلاء الناس، ما يهم فقط هو الحركة. وفي الوقت نفسه تظل
الإمارات مهمة لمحمد بن زايد ويعتبر من واجبه الدفاع والحفاظ على سلامتها.
يشار إلى أن مناسبة الحديث الأخير ذات صلة بزيارة مشعل للتفاوض على نهاية الحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة، نهاية 2008، وبداية 2009.
تماسك مجلس التعاون الخليجي
وبحسب الوثيقة تحدث الأدميرال غورتني عن التحالف الدولي والمناورات المتعددة الجنسيات كوسيلة للتحضير للاحتمالات غير المتوقعة، خاصة فيما يتعلق بإيران. وكان محمد بن زايد سريعا في الرد، حيث قال إنه عمل على تماسك وحدة مجلس التعاون الخليجي منذ (27 عاما) وفشل. مضيفا "لا أؤمن بالنظر إلى مجلس التعاون الخليجي كمجموعة. إسأل من منا يريد العمل المشترك وعندها سنتقدم للأمام فيما يأخذ الآخرون خطوة للوراء؟ كانت الرسالة واضحة (بحسب تعليق كاتب البرقية): يجب على الولايات المتحدة التعامل مع الإمارات العربية المتحدة بطريقة ثنائية، وليس كعضو في مجلس التعاون الخليجي أو العالم العربي. وأضاف أيضا أن الولايات المتحدة تضيع وقتها عندما تحاول إقناع بقية أعضاء مجلس التعاون الخليجي بالعمل من أجل المصالح المشتركة، والتي لا تعتبر الحافز الرئيسي لمعظم أعضاء مجلس التعاون الخليجي.
وشكر الأدميرال غورتني محمد بن زايد على خطط البحرية الإماراتية لقيادة قوات البحرية المشتركة –152 في وقت لاحق من العام. وتلك إشارة أخرى على استعداد الإمارات العربية للقيادة عندما تعطى الفرصة. فقيادة الإمارات لقوات المارينز المشتركة ستقنع من هم ليسوا مقتنعين بالتحالف والانضمام وتقديم الدعم لهذه الجهود المهمة في الخليج العربي. فالمتطرفون يتصيدون العقول الشابة الميالة للفنتازيا.
إيران والإرهاب
وقال محمد بن زايد إن للإمارات عدوّان: إيران والإرهاب. ومن المهم، كما يقول، أنه حين يحصل أحد طرفي الشراكة على معلومات حول أي من هذين التهديدين، فيجب عليه مشاركتها مع الطرف الأخر خدمة لمصلحة الطرفين.
وأشار إلى ابنه الذي قال إنه مهتم بتعاليم الأصوليين الإسلاميين، والذي أرسله في مهمة إنسانية لإثيوبيا، ولكن ليس مع الهلال الأحمر، بل مع الصليب الأحمر. وقال إنه عاد من المهمة ورؤيته لم تتغير، بل صححت في الحقيقة. وشعر بالدهشة من قيام المسيحيين في الصليب الأحمر بتوزيع الدعم على كل من يحتاج إليه، وليس فقط للمسيحيين.
وأوضح أن ابنه استمع فقط للقصص عن الغرب عبر عدسة الجزيرة وغيرها من القنوات المشابهة. وفي رسالة عادة ما سمعناها وأكدها محمد بن زايد، وهي أنه لا يوجد دين حقيقي يطلب من أحد قتل الأبرياء، ولا يوجد هناك دين يطلب من أحد التحول إلى انتحاري. ووصف مقولات أن الانتحاري هو شهيد من أجل الإسلام، وسيركب العربة الذهبية وينزل في فندق سبعة نجوم؛ تنتظره فيه 70 حورية بالقول إنها فتنازيا يستغلها المتطرفون.
تعزيز الدفاعات – ضد إيران
تحدث محمد بن زايد عن السلاح الجوي الإماراتي ودوره في الدفاع عن الأمة بفخر. وقال "هذا هو الشرق الأوسط ويجب علينا أن نفعل ما يجب علينا عمله. وعندما يطلق الإيرانيون صواريخهم سنلاحقهم ونقتلهم". وقال إن أسوأ ما يشعر به هو السماح للإيرانيين بالهجوم على شعبه وأن لا يرد عليهم، وعندما يسأل الشباب الإماراتي "ما الذي ستفعله؟".
وتحدث بطريقة من هو متيقن من أن الإسرائيليين سيقومون بتوجيه ضربة عسكرية لإيران هذا العام. ويعتقد أن إيران ستقوم باتخاذ أحد أمرين؛ الجلوس وعدم الرد، وترك العالم يشجب الفعل الإسرائيلي، حيث تتحول إيران إلى بطل لأنها لم ترد على عمل لم يستفزها.
ويشعر محمد بن زايد أن الرد الإيراني قد يكون من خلال إطلاق صواريخ على الحلفاء الذين يدعمون إسرائيل (ممن هم في شراكة جيدة مع الولايات المتحدة). ويعتقد أن الإمارات على قائمة الأهداف الرئيسية لإيران. وأخبر محمد بن زايد الأدميرال غورتني أنه أصدر أوامره لقائد سلاح الجو بالبحث عن الصواريخ ووضع خطط لتدميرها. وطلب من قائد سلاح الجو العمل مع الأمريكيين بحيث يكون للمقاتلات الإماراتية المعابر الجوية والخبرة التي تحتاجها لتدمير الصواريخ (الإيرانية).
الروس
بعد أن تحدث السفير بعض الملاحظات، تحدث محمد بن زايد عن عامل عدم الاستقرار الذي تشكله روسيا، خاصة في ضوء بيعها صواريخ أس-300 لإيران. وقال إنه من الصعب إقناع الروس بأي شيء. وقال إن الروس بحاجة إلى أمرين اثنين: بطل وشرير. ولديهم الآن بطل في بوتين، ومرة أخرى يقومون بالنظر لأمريكا كشرير.
وتذكر محمد بن زايد تصريحات بوتين عام 2008 عندما قال إن لدى روسيا احتياطي مالي ضخم، ولن تعاني من انهيار اقتصادي، والآن وقد ذهب الاحتياطي، يقول "البطل" الروسي لشعبه يوميا إن السبب في ارتفاع أسعار الخبز في موسكو هي أمريكا، وهي السبب في انخفاض أسعار النفط وما إلى ذلك.
وقال محمد بن زايد إن عام 2009 سيكون عاما سيئا لروسيا حيث سينقلب الشعب على بطله مرة ومرات. ويعتقد أن علينا التحكم بالروس، لكنه يرى أنه ليس محيطا بما هو كاف كي يتعامل مع الروس. ومن خبرتهم في الماضي يعرف الأمريكيون كيفية التعامل معهم، وعلى أمريكا التعامل معهم الآن. وستكون روسيا الرابحة من أي حالة عدم استقرار في الخليج، وستعتمد إيران على روسيا لإعادة البناء بعد الهجوم الإسرائيلي. وطلب محمد بن زايد من السفير تقديم تقييم عن النوايا الروسية. واستعرض السفير التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في التعامل مع روسيا منذ خطاب بوتين في مؤتمر ميونيخ الأمني عام 2007.
نظرة متفائلة حول الوجود الأمريكي في الخليج
انتهى اللقاء كما بدأ، حيث كان محمد بن زايد مضيفا كريما ومتفائلا، وتمنى لضيوفه الخير وتمنى لرجال الأعمال الأمريكيين نجاحا عظيما أثناء معرض إندكس. كان في مزاج جيد، واثقا ويتطلع للمستقبل. وعندما أشار الأدميرال غورتني إلى أن البحرية الأمريكية ترابط في الخليج منذ 60 عاما، علق محمد بن زايد أنه يسمع عن هذا منذ 40 عاما وأمله العظيم هو أن يظل يسمعه في الـ 40 عاما القادمة، وأن يسمع أبناءه نفس الرسالة من أمريكا.