أكد المفكر وعضو
البرلمان المغربي المقرئ الإدريسي أبو زيد؛ أنه ما يزال يتلقى
تهديدات يومية بالقتل، بالإضافة إلى السب والقذف بأقبح النعوت وأفدحها، كما أن ابنته باتت تتلقى تهديدات بالاغتصاب في حالة مغادرتها البيت، مما جعل الأسرة ككل تعيش حالة أزمة نفسية وهلع مستمر.
وبلغت التهديدات التي لم تحدد السلطات الأمنية بعد مصدرها ولا الجهات التي تقف وراءها؛ حد إعلان أحد رجال الأعمال من أصول أمازيغية ومقيم بالدنمارك عن مكافأة قدرها 75 ألف يورو لمن يأتيه برأس أبو زيد، فضلا عن تصريحات محرضة وعنصرية ضده بعدد من المنابر الإعلامية المكتوبة والالكترونية.
وتعود أسباب هذه التهديدات إلى نكتة حكاها أبو زيد حول البخل عند أحد الأعراق المغربية دون أن يسميه. ويقول أبو زيد إن التعبير خانه فيها وأنها أخرجت عن سياقها، متهما جهات معينة بالوقوف وراء هذه الهجمة عليه، لكون النكتة قيلت قبل أكثر من ثلاث سنوات خارج المغرب في محاضرة من جزئين على قناة "الرسالة" حول موضوع الهوية.
ويؤكد أبو زيد، وهو صاحب عدة مؤلفات ومئات المحاضرات، أن ما يتعرض له سببه مواقفه المناهضة للتطبيع مع "إسرائيل"، وكذا دفاعه الشديد عن الدين وقضايا مختلفة ذات الصلة بالهوية والقيم، خاصة قضية اللغة العربية في مواجهة دعوات "التلهيج" (استخدام اللهجة العامية المحلية) والتمكين للفرانكفونية واللغة الفرنسية في المغرب، ومرافعاته الشهيرة في وجه الخصوم الإديولوجيين للإسلاميين بصفة عامة.
واستغرب أبو زيد، الأستاذ الجامعي في اللسانيات، إلى جانب كثيرين، الصمت المطبق للإعلام العمومي المغربي عن قضيته، معتبرين أن هذا الإعلام ينهج سياسة الكيل بمكيالين، حيث يعمل على مواكبة أحداث دون غيرها والتضخيم منها أحيانا خاصة إذا تعلق الأمر - كما حدث مؤخرا - بإعلان أحد الشيوخ السلفيين لموقف تكفيري تجاه أحد السياسيين.
وعن هذا التجاهل الإعلامي، قال العضو بالبرلمان المغربي إن هذا هو الصورة الأخرى لحملة التهديد والتشويه التي يتعرض لها، كما أشار إلى أنه ممنوع من هذا من الظهور في هذا الإعلام، وأن تعليمات صارمة تعطى للمسؤولين عن الإعلام والصحفيين منذ سنين بعدم استدعائه أو حتى أخذ مجرد رأي له في قضايا عامة.
وأضاف القيادي الإسلامي في حديثه لـ"عربي21" متسائلا: "لست أدري ماذا ينتظر الإعلام العمومي ليثير قضيتي أمام التهم المجانية والتحريض على
القتل، هل ينتظرون أن أسقط مدرجا بدمائي حتى يقتنعوا أن الأمر جدي ويلتفتوا لقضيتي".
ودفعت تطورات ما بات يعرف بـ"نكتة أبو زيد" بالعديد من الفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية والفنية إلى تأسيس تنسيقية في الدار البيضاء الكبرى، وتتجه لتصبح ذات بعد وطني، للدفاع عن أبو زيد وعن العديد من أمثاله الذين يتعرضوا لاستهداف ممنهج ومنسق، ووللدفاع كذلك عن عدد من ضحايا "الإرهاب الفكري".
وعن وجود أي تحرك أمني في الموضوع، أكد أبو زيد أنه لم يتلقى أي اتصال من أي جهة أمنية أو مسؤول في الدولة حتى الآن، على الرغم من أنه وضع هواتفه تحت تصرفهم لمراقبتها، وذكر أنه شرع في إجراءات قضائية بعد أن تطوع للأمر أحد المحامين بالدار البيضاء وذلك بما يضمن له الحماية والإنصاف.
من جهته، قال المحامي والناشط الحقوقي عبد الصمد الإدريسي لـ"عربي21" إن توفير الحماية لأبو زيد وأسرته من مسؤولية الأمن والنيابة العامة، مشيرا إلى أن الموضوع اليوم لم يعد بحاجة إلى شكوى تبلّغ أو طلب يوضع. وأكد الإدريسي أن المسطرة الجنائية في الموضوع واضحة وتعطي الحق للقضاء بالتنصت لتحديد الجهات التي تتصل وتهدد المعني يوميا.
مقابل كل تلك التهديدات بدأت تتنامى حالات التضامن والتعاطف مع أبو زيد، حيث شرع عدد من المثقفين والسياسيين والوزراء والشباب وهيئات مختلفة بالاتصال به وزيارته لدعمه والاطمئنان عليه.