أفاد احد كبار المحامين، في قضية "
فضيحة القرن" لعبد المومن
خليفة في
الجزائر، ان "عبد المومن خليفة ستعاد محاكمته من جديد، بمحكمة الجنايات بالبليدة 30 كلم جنوب العاصمة، لوحده، بينما يسقط، تلقائيا، الحكم المنطوق ضده بالمؤبد خلال محاكمته غيابا العام 2007، بقوة القانون".
وكانت الجزائر قد استلمت عبد المومن خليفة، مساء أمس، من السلطات البريطانية، حيث حطت الطائرة المقلة له بمطار هواري بومدين الدولي في الساعة السادسة و النصف مساء، ونقل عبد المومن المتهم بتبديد أموال عمومية والاختلاس إلى سجن البليدة.
وقال المحامي ميلود ابراهيمي، الذي رافع لصالح متهمين رفقة عبد المومن خليفة في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "الحكم الصادر في حق المتهم يسقط تلقائيا، باعتبار انه كان غيابيا، أما الآن فالمتهم موجود بالجزائر، وسيحاكم حضوريا من جديد، لكنه سيحاكم بموجب قرار الإحالة الأول الذي لم يطرأ عليه أي تبديل".
وكان رفيق عبد المومن خليفة مالك "بنك آل خليفة" قد فر إلى بريطانيا، شهر مارس/اذار 2003، مباشرة بعد قرار الحكومة القيام بتحقيقات معمقة في عمليات اختلاس وتبديد أموال عمومية، بلغت قيمتها مليار ونصف مليار دولار.
وحكمت محكمة البليدة، في إبريل 2007، بالسجن المؤبد على عبد المومن بتهمة تبديد المال العام والاختلاس، كما أدانت محافظ بنك الجزائر، عبد الحميد كرمان الموجود حاليا بفرنسا بالسجن 20 سنة، باعتباره متورطا في اختلاسات طالت الخزينة الرئيسية لمصرف الخليفة.
وطرح إشكال بخصوص الأحكام القضائية التي طالت نحو 50 مسؤولا متهما رفقة صاحب اكبر فضية مالية في الجزائر منذ الاستقلال، وما إذا كانت المحكمة ستستدعي المتهمين الآخرين خاصة وان عدد منهم قضوا عقوبات بالسجن لفترات مختلفة.
غير أن المحامي إبراهيمي أكد أن "المتورطين في
الفساد المالي الذين قضوا العقوبة بالسجن، سيعاد استدعاؤهم في المحاكمة المتوقع أن تعقد شهر يونيو 2014 بالبليدة، لكن ليس كمتهمين كما جرى سابقا، وإنما كشهود".
لكن قاضيا سابقا في الجزائر، يرى عكس ما يراه المحامي إبراهيمي، إذ يقول عبد الله هبول أن "عبد المومن أو الفتى الذهبي سيمثل أمام القضاة كبطل رئيسي في القضية ومعه باقي المتهمين، باعتبار أن المحكمة العليا ألغت الأحكام التي صدرت في 2007 ضد عدد من المحاكمين"، وأضاف أن المتهم "سيظل في السجن الاحتياطي بناء على ذمة أمر القبض الدولي الذي صدر ضده".
وكان العديد من المسؤولين قد مثلوا في تلك المحاكمة أمام القاضي، لكن الأحكام طالت في النهاية وفي مجملها المسؤولين الصغار في شتى المؤسسات العمومية التي أودعت أموالها في "مصرف الخليفة"، بتهمة التواطؤ لتبديد المال العام.
وأكد المحامي خالد بورايو لـ "عربي21"، وهو أيضا من أبرز المحامين الذين رافعوا في الملف العام 2007، إن "القانون يفرض تبليغ خليفة بقرار الإحالة على محكمة الجنايات، في سجنه". كما أفاد أن "رئيس محكمة الجنايات بالبليدة، التي عالجت الملف، يملك صلاحية إقرار تحقيق تكميلي بما يمكَن رفيق خليفة من الدفاع عن نفسه، وتقديم الدلائل التي يراها مناسبة لإثبات براءته من التهم".
ويرى بورايو أنه "نظرا لحجم القضية من حيث كثرة الشهود وضخامة الأضرار، أتوقع فتح تحقيق تكميلي قبل أن تعاد المحاكمة". مشيرا إلى انه لا يعلم إن كانت أطوار الفصل الثاني من المحاكمة، ستجري قبل رئاسيات 2014 أو بعدها.
وتطالب "جمعية ضحايا الخليفة" من السلطات القضائية استدعاء كل المسؤولين الكبار المسؤولين عن فضيحة القرن، أمثال عبد الحميد كرمان، محافظ بنك الجزائر آنذاك، ووزير المالية الأسبق الذي منح اعتماد "مصرف الخليفة" للمتهم. وقال الناطق الرسمي للجمعية، عمر عابد لـ "عربي21" انه سيستدعي المنظمات المحلية والدولية خلال بدء محاكمة الخليفة من أجل حضور الجلسات وإظهار الحقيقة، مضيفا "نطالب بتسليم كل من له يد في هذه الفضيحة". وتضم "جمعية ضحايا الخليفة" المئات ممن نصب عليهم "مصرف الخليفة" الذي تمت تصفيته العام 2004، دون ان يتمكن الضحايا من استعادة أموالهم.
وتعتبر الحكومة في الجزائر أن مجرد تمكنها من استلام الخليفة "إنجاز في حد ذاته" واعتبر رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان فاروق قسنطيني، وهو أحد محاميي عبد المومن، إن موافقة المملكة المتحدة على تسليم رفيق عبد المؤمن خليفة للجزائر اعتمدت على تقديم العدالة الجزائرية ملفا "مؤسسا ومدعما بوثائق وسندات دامغة".
وقال إن "الموافقة على تسليم الخليفة تعني أن العدالة الجزائرية اكتسبت على الصعيد الدولي "المصداقية اللازمة لما تتمتع به من حياد و استقامة حيث أن حقوق الشخص المسلَّم مضمونة وستمارس دون أدنى قيد".