• مهما أوتي الفرد من إمكانات فهو لا يستطيع أن يحقق أي إنجازات إلا بالتواصل والتعاون مع محيطه الاجتماعي.
ما نعيشه اليوم من فواجع في عالمنا الإسلامي هو تسخير الدين لأهداف وأجندات سياسية من قبل بعض المتسلقين السياسيين ذوي الأصوات العالية، وهم يشكلون أكبر الأخطار على مسار الديموقراطية في بلادنا، ويسببون الانتكاسة تلو الأخرى لتطوير العملية الديموقراطية في بلادنا، التي باتت غارقة في مستنقع من يستغلون الدين للوصول إلى كرسي البرلمان، وحينما يصلون فلا إنجاز أو تطوير، بل على العكس تقهقر تلو الآخر واستغلال ذلك لمصالحهم وجيوبهم.
الطائفية إنكار لفكرة
المواطنة، فلا يمكن بناء أي نظام سياسي جديد، ونحن نتمترس وراء هذه الممارسة التي تعيق تطور المجتمع، ومن المؤسف أن نرى ديموقراطيتنا قد كرست الطائفية، وذلك سبب جهل الكثيرين واستغلال بعض السياسيين هذا الجهل بقصد تشويهها، وهو بكل بساطة مصيبة وجريمة بحق الوطن.
إن التمسك بالهوية الوطنية وترك الهويات الفرعية بمنزلة القدرة الخلاقة لبناء الحضارة الإنسانية والأمة، وهي الروح والجسد بالنسبة للوطن، وذلك من الأهمية أن ندرك ونفرق بأن المصلحة الوطنية تقتضي الانسجام الاجتماعي والثقافي والتضامن والتعايش السلمي بين كل أطياف المجتمع وبناء المصالح الاقتصادية المشتركة فيما بيننا لإزالة التوترات التي تؤدي إلى الشقاق لغير مصلحة الوطن الواحد.
ومن المسلمات أن مهما أوتي الفرد من إمكانات فهو لا يستطيع أن يحقق أي إنجازات إلا بالتواصل والتعاون، ونسج علاقات المحبة في محيطه الاجتماعي لتحقيق العيش لنفسه وأبنائه ويضمن استمرارها للأجيال القادمة، فالاستقرار والنماء الاقتصادي يتطلبان الاستقرار الاجتماعي والسياسي. بدلاً من التقوقع في إطار هوية ضيقة كالطائفية.
لذا، فمن الأهمية أن تسود لغة الحوار الموضوعي والعلمي فيما بيننا، والاحترام المتبادل الذي يثري المجتمع، وأن نكون حريصين لكي لا يتطور الاختلاف في الرأي إلى خلاف، وتجنب الشقاق والنزاعات وعدم الإساءة للرموز الدينية لأي مذهب واحترامها ومواجهة مثيريها باتخاذ المواقف الجريئة لوضع حد لمن يقوم بإشاعة الفتن والكراهية والبغضاء في المجتمع.
إن المواطنة رؤية قانونية متكاملة في ترتيب العلاقات بين مكونات المجتمع الواحد على أسس متساوية لتحقيق الوحدة الوطنية، وهي الحل لمعالجة وردع كل من تسول نفسه إثارة التوترات الطائفية لبناء وطن ننعم باستقراره.
(عن القبس الكويتية)