لم تفقد المواطنة الغزية، غادة حماد، الأمل في إنجاب أخ أو أخت لطفلتها التي أنجبتها قبل 11 عاماً، فأحلام الأمومة ما زالت تلازمها، ما دفعها للتنقل من طبيب لآخر كمحاولة منها لإيجاد علاج لعقمها.
وبعد أن يأست من العلاج الطبي التقليدي، قررت "حماد" تجريب تقنية "الإخصاب المجهري"، أو ما يعرف في العالم العربي بـ"
أطفال الأنابيب".
ومما شجعها على خوض هذه التجربة، هو السمعة الجيدة، لعيادات "الإخصاب المجهري" في
غزة، حيث باتت تجري عمليات يومية، تتكلل غالبيتها بالنجاح.
وكان الفلسطينيون الذين يعانون من العقم، يضطرون في السابق للسفر للعلاج في الخارج، من أجل إجراء عمليات الإخصاب المجهري.
وتكللت عملية الإخصاب المجهري التي أجرتها "غادة" بالنجاح، حيث أخبرها طبيبها بأنها حامل بــ 6 أجنة.
وتعتبر تلك الحالة واحدة من آلاف الحالات التي تخضع لعمليات زراعة أطفال الأنابيب لعلاج العقم شهرياً.
ويقول الطبيب ماهر عجور، مدير مركز "زينة الحياة" للإخصاب المجهري، لوكالة الأناضول، إن "قطاع غزة تعرّف على تقنية زراعة أطفال الأنابيب في التسعينيات من القرن الماضي، لكنّها لم تتواجد بخبرة فلسطينية بحتة، حيث كان يتم الاستعانة بخبراء من جنسيات مختلفة منها المصرية والبريطانية والروسية".
وأكد عجور أن "تقنية أطفال الأنابيب تجرى اليوم في القطاع بأيد فلسطينية خالصة، وتأتي بنتائج عالمية"، حسب قوله.
وشدد عجور على أن "نسبة النجاح في معظم مراكز علاج العقم بالقطاع تفوق نتائج دول عربية كثيرة مجاورة"، رغم الظروف الاقتصادية والسياسية والصحية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة.
ولم يتسن لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء التأكد من صحة هذه المعلومة، من جهات طبية أخرى.
وذكر عجور أن "الآلاف من الحالات التي تعاني من العقم في قطاع غزة، تلجأ لعملية زراعة أطفال الأنابيب لإنجاب الأطفال".
وعن التقنيات اللازم توفرها لإجراء عملية زراعة أطفال الأنابيب، أوضح عجور أن عملية "الإخصاب المجهري" أو زراعة أطفال الأنابيب تحتاج لأجهزة خاصة بالحقن المجهري وغرفة عمليات مخصصة ومعقّمة، وهو أمر يستدعي تكلفة مالية ليست بالقليلة، بحسب عجور، الذي أكد أن كل الأجهزة والمعدات اللازمة لإنجاح هذه التقنية موجودة في القطاع.
لكنه قال في ذات الوقت إن "الحصار المفروض على غزة، يعيق عملية تطوير الأجهزة والمعدات المتوفرة حاليا في عيادات غزة، بما يتلائم مع التطور الحاصل في هذه التقنية عالميا".
ومنذ شهر ديسمبر/كانون الأول 2006، تفرض إسرائيل حصارا على قطاع غزة، وشددته عقب سيطرة حركة حماس على القطاع في شهر يونيو/حزيران 2007.
وتمر عملية زراعة أطفال الأنابيب بعدة مراحل، تخضع الحالة في أولها لفحوصات مخبرية، ومن ثم تنتقل لمرحلة الحقن الهرموني لتنشيط الإباضة، وأخيراً تدخل مرحلة مختبر الجينات، بحسب عجور.
وعن تكلفة تلك العملية ، أوضح الطبيب الفلسطيني أنها تتراوح بين 2200 و3000 دولار.
وأشار إلى وجود شركات ربحية توفر نظام إقراض للأسرة الفقيرة، لتكلفة العملية، على أن تسددها بنظام "التقسيط".
وفيما يتعلق بالمشاكل التي تواجهها مراكز زراعة أطفال الأنابيب بغزة، قال عجور "أبرز المشاكل التي نواجهها هي وجود صعوبات كثيرة في توفير الأجهزة والأدوات بسبب ارتفاع أسعارها"، مشيراً إلى أنه "تم التغلب على مشكلة قلة الخبرة العملية في المراكز".
وكان للحصار على قطاع غزة، والذي اشتد منذ شهر تموز/ يوليو الماضي بعد هدم
الجيش المصري للعديد من الأنفاق الحدودية أثراً كبيراً على عمليات زراعة أطفال الأنابيب.
ومنذ عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، هدمت قوات الجيش المصري مئات الأنفاق الحدودية التي تربط سيناء، شرقي مصر، بغزة، والتي كان يعتمد عليها الغزيون في تهريب مختلف احتياجاتهم.
وتشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة المصرية، حملة عسكرية موسعة، بدأتها في أيلول/ سبتمبر الماضي، لتعقب ما تصفها بالعناصر "الإرهابية"، و"التكفيرية" و"الإجرامية" في بعض المناطق بشمال سيناء، والتي تتهمها بالوقوف وراء الهجمات المسلحة في سيناء وعدة محافظات مصرية أخرى، وبتهريب الوقود والبضائع إلى قطاع غزة عبر الأنفاق.
وقال عجور إن "حصار الكيان الإسرائيلي وفرض الجيش المصري قيوده على قطاع غزة، وارتفاع نسبة البطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية، منعت الكثير من الحالات من إجراء علمية زراعة أطفال الأنابيب بسبب الظروف المالية الصعبة لديهم".
وأضاف أن "الحصار وإغلاق معبر رفح البري بشكل متكرر أدى إلى عدم قدرة المراكز المتخصصة في هذا المجال على استيراد بعض الأجهزة والأدوات للارتقاء بالمستوى الذي يتلاءم مع حجم التقنية الخاصة بعمليات الإخصاب المجهري".