نقطتان يتوقف عليهما الحوار في
اليمن: عدد الأقاليم في البلاد ومصير الرئيس المخلوع
علي عبد الله صالح.. والنقطتان يبدي الحزب الذي يتزعمه صالح، المؤتمر الشعبي العام، تحفظات بشأنهما.
ولعل مؤتمر الحوار الذي انطلق في 18 آذار/ مارس الماضي على وقع عبارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي: "الذي لا يعجبه الحوار فالباب أمامه" هو بمثابة نقطة تحول في تاريخ اليمن الحديث، نظراً إلى أن المؤتمر يمكنه الخوض في كافة المسائل التي تتعلق بمستقبل اليمن، بما في ذلك شكل الدولة.
ويضم مؤتمر الحوار 565 عضواً. وحسب القرار الخاص بتشكيل المؤتمر، فإن تمثيل
الجنوب يجب ألا يقل عن 50 في المئة، و30 في المئة للنساء و20 في المئة للشباب.
وهناك توافق في المؤتمر على قضايا أساسية مثل تحويل اليمن إلى دولة اتحادية لكن عدد الأقاليم لم يُحسم بعد، حيث يجري نقاش حول ما إذا كان سيتم تقسيم اليمن إلى إقليمين شمالي وجنوبي، أم إلى أقاليم عدة متداخلة في الشمال والجنوب بحيث لا يأخذ شكل التقسيم الإداري الخط الحدودي الذي كان سابقاً بين شطري اليمن. وهذا الأمر ينتظر الحسم في لجنة بناء الدولة التي انبثقت عنها لجنة تعرف باسم لجنة "8+8"، وهي مناصفة بين ممثلي الشمال والجنوب.
ولجنة بناء الدولة التي تختص بوضع أسس الدستور الجديد لليمن وتحديد شكل الدولة؛ واحدة من تسع لجان فرعية وأهمها لجنتان لقضيتي الجنوب وصعدة (الحوثيين)، وبناء الجيش والأمن، والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، والحقوق والحريات، ولجنة الحكم الرشيد التي توصلت إلى قانون العزل السياسي الذي يحرم الرئيس المخلوع والمسؤولين السابقين في نظامه من ممارسة العمل السياسي ورفع الحصانة التي منحت لهم بموجب المبادرة الخليجية التي تنحى صالح على أساسها. وهذا ما دفع الحزب الحاكم السابق للتلويح بالانسحاب من المؤتمر.
وفي المقابل، يهدد "الحراك الجنوبي" بطرح موضوع انفصال الجنوب على استفتاء إذا لم تقر مسألة الفيدرالية، ويلقي بالمسؤولية على حزب المؤتمر في عرقلة الانتهاء من البت فيها في مؤتمر الحوار.
وتقدم كل لجنة تقريراً إلى الهئة العامة للمؤتمر، حيث سيقوم المؤتمر بتشكيل لجنة لصياغة الدستور بناء على التوصيات، وإعداد الضمانات الخاصة بتنفيذ مخرجات الحوار، على أن يستمر عمل مؤتمر الحوار شهراً كحد أقصى بعد تسليم اللجان تقاريرها. ومن المتنظر أن يفضي الحوار إلى انتخابات عامة في شباط/ فبراير 2014 لتنتهي الفترة الانتقالية التي تبلغ عامين، والتي قادها عبد ربه منصور هادي خلفاً لعلي عبد الله صالح الذي تنحى تحت ضغط الشارع.
وكان من المفترض أن تنهي اللجان المنبثقة عن مؤتمر الحوار أعمالها خلال ستة أشهر من تاريخ انطلاق المؤتمر، أي في 18 أيلول/ سبتمبر، ثم جرى تمديد المهلة يوماً واحداً، لكن مسألة الجنوب وتقسيم الأقاليم في اليمن أخّرت عمل لجنة بناء الدولة، كما أن مسألة العزل السياسي ما تزال قيد النقاش في لجنة الحكم الرشيد، وبالتالي لم تتقدم المرحلة الأخيرة من مؤتمر الحوار حتى الآن، رغم أن المؤتمر العام الثالث الذي يفترض أن يقر التوصيات النهائية للجان قد انطلق.
وإضافة إلى الشد والجذب في أروقة مؤتمر الحوار، واجهت المرحلة الانتقالية صعوبات في إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والجيش، لا سيما بالنسبة للمناصب القيادية التي يشغلها أفراد من عائلة صالح، حيث جرت محاولات عدة للتمرد.
وبناء على توصيات مؤتمر
الحوار الوطني وبنود المبادرة الخلييجية، تقدمت الحكومة اليمنية في 20/8/2013 باعتذار رسمي إلى أهالي اليمن الجنوبي وصعدة عن الحروب التي شنها النظام السابقة في هاتين المنطقتين، باعتبار أن "السلطات السابقة كانت المسؤول الأول وليس الوحيد". وجاء في بيان الاعتذار أن "ما حدث والأسباب التي أدت إلى ذلك (كان) خطأ أخلاقياً تاريخياً لا يجوز تكراره" وأن الحكومة "تلتزم بالعمل على توفير ضمانات عدم تكراره من خلال اتخاذ الخطوات الرامية لتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والسعي إلى إصدار القوانين الكفيلة بتحقيق كل ذلك".
لكن هناك إشكالية اخرى تواجه اليمن، وهي الدور الذي يلعبه الآن علي عبد الله صالح وحزبه الذي ما يزال رسمياً تحت قيادته رغم تنحي صالح عن الرئاسة. ومؤخراً، بدأ المرتبطون بصالح بشن حملة ضد هادي بحجة أنه ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.
لكن الجميع يخشى من الدخول تحت عقوبات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن الذي يلوح بمعاقبة من يُعتقد أنه يقوم بعرقلة الحوار والانتهاء من المرحلة الانتقالية في اليمن.