عاشت العاصمة
المغربية،
الرباط، في الأيام القليلة الماضية، على إيقاع ولادة تحالف سياسي جديد، باسم "التكتل الشعبي"، ويجمع كلا من حزب الحركة الشعبية والحزب الديمقراطي الوطني، والحزب المغربي الحر، وذلك قبل أقل من سنتين عن موعد
الانتخابات التشريعية لسنة 2026.
وفي مقر حزب الحركة الشعبية، الخميس الماضي، أتى التّوقيع على "البروتوكول التأسيسي" للتكتل السياسي الجديد، عقب لقاءات عدّة بين المكوّنات المشكّلة للتحالف، طالت لأشهر، بغية خلق ما وصفوه بـ"انفراج في
المشهد السياسي والوقوف ضد الهيمنة وتحريك أدوار مؤسسات الوساطة، فضلا عن فتح الباب أمام أحزاب أخرى للانضمام".
وفي حديثه لـ"عربي21" اعتبر عضو المكتب السياسي للحزب المغربي الحر، سمير الباز، أن التكتّل الجديد هو: "خطوة جريئة ومهمة في وقت نعيش فيه ركودا سياسيا وتراجعا خطيرا في مستوى المشاركة السياسية".
وأوضح: "هذه الظاهرة تُلقي بظلالها على الأحزاب السياسية التي يفترض أن تضطلع بالأدوار الدستورية المنوطة بها"، مردفا: "نوجّه رسالة أمل ودعوة لإعادة الاعتبار للنقاش السياسي البنّاء لمختلف شرائح المجتمع، بما فيهم من اختاروا العُزوف، نتيجة خيبات الأمل المتكررة والأزمات المتتالية".
وأكد الباز لـ"عربي21": "نحن اليوم أمام مرحلة حرجة في تاريخ المغرب السياسي، حيث أصبح العزوف وفقدان الثقة ظاهرتين مقلقتين تستوجبان رد فعل حازما من جميع الفاعلين السياسيين، ودق ناقوس الخطر للتأكيد على أن الوقت قد حان لجيل جديد من الفاعلين السياسيين".
اظهار أخبار متعلقة
أي أهداف للتكتّل السياسي؟
"هذه المبادرة لا يمكن اختزالها في محطة انتخابية، بل أتت بعد تقاطع الرؤى وانتباهنا إلى أن السياسة اليوم ليست في أفضل أحوالها" هكذا تحدّث الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، في كلمته إثر الإعلان عن ولادة التكتل الجديد.
وتابع أوزين، أنه "لا مكان لتصنيف الأحزاب السياسية بين صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بخدمة الوطن؛ حيث أننا اليوم أمام مشروع مجتمعي يليق بمغرب محمد السادس ويليق كذلك بمختلف الإنجازات والمكتسبات التي تم تحقيقها".
وأضاف: "الحلم الذي يراودنا اليوم كأعضاء التكتل في هذه الظرفية هو مرادف للنبل والمصداقية وضمان حياة كريمة لأبناء الوطن واستعادة ثقتهم في الحياة السياسية؛ فهذا حلم مقدور عليه".
بدوره، قال الأمين العام للحزب المغربي الحر، إسحاق شارية: "هذه اللحظة أشبه بوقوف زعماء الحركة الوطنية في سنة 1934 في إطار كتلة العمل الوطني لمواجهة المعمّر".
وأردف شارية، خلال كلمته: "يشرفنا أن نكون من بين المقررين على مُعاكسة تيار الانحطاط والتردي والبؤس والمرور من الصمت نحو التعبير ومن الظلم نحو العدل والمساواة"، مبرزا أنّ: "التكتل يأتي دفاعا عن التعددية والحرية والديمقراطية في الوقت الذي يعيش فيه المغرب أزمات امتدت لتهم كرامة المواطن وحريته وأرخت بظلالها حتى على القيم".
من جهته، أوضح الأمين العام للحزب الديمقراطي الوطني، خالد البقالي، أنّ: "السعي إلى التأسيس لممارسة حزبية بنفس جديد يؤدي إلى تعزيز الثقة ورد الاعتبار للعمل السياسي النبيل وممارسة سياسية تشجع على تحقيق المنجزات والإجابة عن تطلعات المواطنين".
وتابع البقالي، في كلمته: "هذا الفراغ الذي تمر منه السياسة الوطنية أدّى إلى نشوء تأطيرات عشوائية للممارسة السياسية، وهو ما يؤكد ضرورة تبني مبادرات نوعية تتجاوز النظرة الحزبية الضيقة".
وختم بالقول: "يروم هذا التكتل التأسيس لممارسة سياسية سيكون لها وقع على المواطنين من خلال تنظيم وتأطير القضايا التي تهمهم، حيث ستتم أجرأة مقتضيات هذا المشروع الوطني مع كل المكونات في إطار التكامل والتشاور؛ وذلك بغرض كسب الرهانات والتحديات الداخلية".
إلى ذلك، عقب يومين من الإعلان عن "التكتّل الشعبي"، أعيد تسليط الضوء في المشهد السياسي المغربي، عن دور المعارضة في تجويد النقاش العمومي؛ كما رصدت "عربي21" جُملة تفاعل مع النقاش الدّائر.
ماذا تقول الأرضية؟
بحسب أرضية التحالف الجديد، فإنه يرمي لـ"تحقيق 13 هدفا يشمل مختلف المجالات؛ بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية واللغوية".
وبحسب الأرضية السياسية للتكتل الحزبي الجديد، التي وصل "عربي21" نسخة منها، فإن الساحة السياسية في المغرب "تُواجه انحباسا غير مسبوق، يطغى عليه تراجع ملموس ومتفاقم في المهام التأطيرية والتمثيلية لمختلف الوسائط المؤسساتية التقليدية".
"يتجلى ذلك بوضوح في الضعف البنيوي والعجز الوظيفي القائم في أداء وأدوار الوساطة السياسية والنقابية والجمعوية بتجلياتها المؤسساتية على مستوى السلطة التنفيذية، وعلى مستوى المؤسسات المنتخبة وطنيا وجهويا وإقليميًا" تضيف الأرضية السياسية (الورقة التأطيرية).
وتابعت: "فسح هذا الوضع، المجال، لتنامي القطاع السياسي غير المهيكل، وتفشّي التأطير العشوائي، وخضوع المجتمع لصناعة آليات التأطير الذاتي والافتراضي، وتوسع مساحات البناء السياسي العشوائي خارج مغرب المؤسسات وحولها".
ووفقا للمصدر نفسه، فإن: "هذه الوضعية المقلقة يكرسها تخلف الفعل السياسي والنقابي المؤسساتي عن سقف المغرب الدستوري الجديد، وتعززها مفارقة عدم التوازي بين مسارات العمل الحزبي والنقابي من جهة، وبين الديناميات والتحولات الاقتصادية والمجتمعية المتسارعة التي تعرفها بلادنا من جهة أخرى، مما ينذر بخطر قائم وقادم يعمق مسافات التوتر بين المواطن والمؤسسات".
إلى ذلك، تبرز الأرضية السياسية: "لأن الطبيعة البشرية تخشى الفراغ ولا تحتمله، فقد أصبح من اللازم المبادرة والمساهمة في صناعة أجوبة وبلورة حلول تحرّك هذه البركة السياسية الراكدة، وتعيد للممارسة السياسية نبلها المفقود وللوساطة المؤسساتية نبرتها الاستراتيجية ومفعولها الإيجابي المغيّب في واقع حزبي ونقابي مطبوع بالتشرذم وبصراع المواقع على حساب المواقف".
اظهار أخبار متعلقة
"بديل سياسي"
أوضحت الأرضية، أن التكتّل الجديد هو: "بديل سياسي أسس من خلال عدة تجارب الرهان على تجميع شتات المشهد الحزبي المتأسس على آلية الانشقاق، والتعددية الرقمية، وتشابه البرامج، وإعادة انتشار النخب ودورانها عبر الترحال الحزبي، تحت تأثير إغراء المواقع على حساب نبل السياسة وقيمها الأصيلة".
وجاء في الأرضية أيضا: "الدفاع عن حقوق رجال الأعمال والمقاولات المغربية في سوق منفتح وقوانين تحفيزية تضمن حرية المنافسة ومبادئ تكافؤ الفرص، والمساواة في الاستفادة من التحفيزات المالية والضريبية على أساس الاستحقاق والإبداع وبعيدا عن منطق الحزبية والولاءات الشخصية".
وفيما يتعلق بالنقاش الدائر حول حقوق قوانين الأسرة في المغرب، أبرز التكتّل الجديد أنه: "يضع حماية الأسرة المغربية المستقرة والمتوازنة في صلب اهتماماته، باعتبارها نواة المجتمع الديمقراطي".
وتابع: "كما يسعى التكتل إلى توفير بيئة مواتية تُعزز المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص، بما يضمن إسهامها الكامل في تحقيق التنمية المستدامة".
اظهار أخبار متعلقة
أيضا: "يعمل التكتل على بلورة سياسات عمومية شاملة تعزز استقلالية الأشخاص في وضعية إعاقة، وتُوفر لهم الفرص الاقتصادية والاجتماعية، مع ضمان مشاركتهم الفاعلة في صنع القرار السياسي والشأن العام".
"يدعو إلى تعزيز الحماية الاجتماعية للمتقاعدين، من خلال مراجعة منظومة التقاعد لضمان استدامتها، ورفع قيمة المعاشات بما يحقق العيش الكريم. كما يُشدد على تحسين التغطية الصحية وتيسير الخدمات العلاجية لضمان رعاية شاملة لهم" وفق المصدر نفسه.