ملفات وتقارير

بعد تسليم القرضاوي.. ماذا تعرف عن قوانين العقوبات في الإمارات؟

الإمارات تعتقل العشرات من المواطنين بتهم سياسية وحكمت عليه بسنوات طويلة في السجن- وام
الإمارات تعتقل العشرات من المواطنين بتهم سياسية وحكمت عليه بسنوات طويلة في السجن- وام
أعلنت الحكومة الإماراتية رسميا، الخميس، عن تسلمها الناشط والشاعر المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل العلامة الراحل يوسف القرضاوي، من قبل السلطات اللبنانية التي اعتقلته خلال عودته من سوريا.

الإعلان الإماراتي الرسمي أشار إلى أن القرضاوي مطلوب في البلاد "لارتكابه أعمالا من شأنها إثارة وتكدير الرأي العام في البلاد"، فيما لم يتم الإعلان عن عرضه على النيابة العامة أو التحقيق معه بعد.

وسنّت الإمارات خلال السنوات الماضية عدة قوانين، وعدلت موادّ في الدستور، ما خولها ملاحقة الناشطين المعارضين لسياسات البلاد المثيرة للجدل.

وقالت منظمات حقوقية إن الإمارات حاصرت الناشطين بمجموعة من القوانين المستحدثة مؤخرا، بهدف إبقاء من تتمكن من اعتقاله في السجون لأجل طويل.

وتزامن سن هذه القوانين مع مساعي الإمارات لتمديد اعتقال العشرات من الدعاة والأكاديميين المؤسسين لجمعية "الإصلاح"، والذين انتهت محكومياتهم بالسجن تباعا خلال السنوات الماضية، حيث جرى لاحقا الزج بأسمائهم في قضية جديدة تحت مسمى "لجنة العدالة والكرامة"، وأصدر القضاء أحكاما بالسجن المؤبد لـ43 شخصاً، وأحكاماً بالسجن لمدد تتراوح بين 10 أعوام و15 عاماً لآخرين، إلى جانب غرامات مالية تتراوح بين 10 ملايين و20 مليون درهم، علما بأنهم جميعهم كانت محكومياتهم في القضية الأولى "التنظيم السري" قد انتهت.

"عربي21" اطلعت على القوانين الإماراتية، وتستعرض في هذا التقرير مجموعة من المواد التي يمكن أن تلجأ إليها النيابة العامة في محاكمة القرضاوي.

قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية
في العام 2021، أصدر الرئيس الإماراتي الراحل خليفة بن زايد مرسوما جديدا يقضي بإنشاء قانون لمكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، في إطار مواكبة تحول العالم نحو الفضاء الرقمي، وضرورة ضبط وتنظيم ما ينشر فيه.

وأورد إعلان الحكومة الإماراتية عن تسلّم القرضاوي واعتقاله، عبارة "إثارة وتكدير الرأي العام"، الم1نصوص عليها في المادة 52 من قانون مكافحة "الشائعات والجرائم الإلكترونية".

وجاء في نص الفقرة الأولى من المادة "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن مئة ألف درهم، كل من استخدام الشبكة المعلوماتية أو وسيلة من وسائل تقنية المعلومات لإذاعة أو نشر أو إعادة نشر أو تداول أو إعادة تداول أخبار أو بيانات زائفة أو تقارير أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو مضللة أو مغلوطة أو تخالف ما تم الإعلان عنه رسمياً، أو بث أي دعايات مثيرة من شأنها تأليب الرأي العام أو إثارته أو تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة أو بالاقتصاد الوطني أو بالنظام العام أو بالصحة العامة".

إلا أن القانون ذاته احتوى على مواد تسمح للسلطات بالاستناد إليها في إصدار أحكام قاسية ضد الناشطين.

ففي حال جرى اتهام القرضاوي بالانتماء أو الترويج لجماعة إرهابية كجماعة الإخوان المسلمين على سبيل المثال، فقد يواجه السجن المؤبد بحسب المادة 21 من القانون، والمعنونة بـ"التحبيذ والترويج للجماعات الإرهابية".

وجاء في نصها "يُعاقب بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مليوني درهم (544 ألف دولار) ولا تزيد على أربعة ملايين درهم (1.1 مليون دولار)، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات أو بيانات على الشبكة المعلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات، لجماعة إرهابية أو مجموعة أو جمعية.. إلخ".

في القانون ذاته أيضا، نصت المادة 25 على التالي "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على الخمس خمس سنوات والغرامة التي لا تزيد على الـ500 ألف درهم (136 ألف دولار) كل من نشر معلومات أو أخبار أو بيانات أو صور مرئية أو مواد بصرية أو شائعات على موقع إلكتروني أو أي شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة، أو إحدى سلطاتها.. إلخ".

للاطلاع على مواد القانون الكاملة (هنا)

اظهار أخبار متعلقة


قانون العقوبات (قانون الجرائم والعقوبات)
في العام 2016، عدلت الإمارات قانون العقوبات، الذي صدر للمرة الأولى في العام 1987، وجاءت التعديلات بتغليظ العديد من العقوبات المتعلقة بجرائم تصنف في دول أخرى على أنها حرية تعبير ورأي.

واحتوى القانون على باب كامل تحت عنوان "الجرائم الماسة بأمن الدولة ومصالحها"، نص على عدة قوانين ممكن أن يستند القضاء عليها ضد الناشطين.

وجاء في المادة 176 من القانون، "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على الـ25 سنة والغرامة كل من أهان رئيس الدولة".

ونصت المادة 182 مكررا على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار من شأنها إثارة الفتنة أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي".

وفي العام 2021، أصدرت الحكومة الإماراتية مرسوما جديدا يقضي بإنشاء مرسوم "قانون الجرائم والعقوبات"، وحمل تعديلات على بعض المواد.

فبالنسبة إلى المادة المتعلقة إهانة رئيس الدولة، أضيف إليها عبارة "كل من سخر أو أهان أو أضر بسمعة أو هيبة رئيس الدولة".

للاطلاع على القانون كاملا (هنا)

اظهار أخبار متعلقة


"اعتقال إداري" (المناصحة ومكافحة الإرهاب)
في العام 2019، أصدرت الحكومة الإماراتية مرسوما يقضي بإنشاء "مركز المناصحة الوطني"، وهو يخول السلطات بإبقاء المعتقلين المنتهية محكومياتهم في السجن، بما يشبه "الاعتقال الإداري".

وفي السابق، كانت النيابة العامة تنسّب لدائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا بأبو ظبي، بعدم الإفراج عن أي معتقل انتهت محكوميته، ترى في خروجه من السجن تهديدا لأمن الدولة.

إلا أن قانون المناصحة جعل من تمديد فترات اعتقال المنتهية محكوميته قانونيا، بحسب تصريح سابق للمستشار القضائي والقانوني الإماراتي، محمد بن صقر الزعابي لـ"عربي21".

وقال الزعابي حينها إن "السلطات الإماراتية ابتكرت نظاما يشبه الاعتقال الإداري، وهو برنامج "المناصحة"، مضيفا أن "المناصحة تعني إبقاء المنتهي محكوميته رهن الاعتقال، إلى حين اقتناع القاضي بأنه قد تخلى عن أفكاره التي تسببت بسجنه".

ونصت المادة 40 في قانون "مكافحة الجرائم الإرهابية" على إبقاء المعتقل في السجن وإخضاعه لتقييم دوري كل 3 شهور، وتقرر النيابة العامة والمحكمة مسألة إخلاء سبيله. 

ومن المتعارف عليه أن قانون "المناصحة" يخص المواطنين، إلا أن حالات سابقة شهدت فيها الإمارات تمديد اعتقال معتقلين أجانب، على غرار الصحفي الأردني الراحل تيسير النجار.

للاطلاع على قانون مكافحة الجرائم الإرهابية (هنا)

اظهار أخبار متعلقة


انتقادات حقوقية
انتقدت عدة منظمات بينها هيومن رايتس ووتش، التعديلات القانونية التي تجريها الإمارات كل فترة، وتتسبب بمزيد من التضييق على الحريات.

وقالت هيومن رايتس ووتش مطلع العام 2022، إن "التعديلات القانونية التي أفضت إلى إنشاء قانون لمكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية تشرعن لمزيد من القمع".

وأوضحت المنظمة أن "التغييرات القانونية لم تُعالج القيود طويلة الأمد والممنهجة على الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين والمقيمين. وأبقت القوانين الجديدة على الأحكام السابقة وتتضمن أحكاما جديدة تُشكل تهديدات خطيرة لحقوق الإنسان الأساسية".

ولفتت إلى أنه "منذ 2011، تنفذ السلطات الإماراتية اعتداء مستمرا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، إذ اعتقلت ولاحقت قضائيا العديد من المحامين المستقلين والقضاة والمدرسين والطلاب والنشطاء، وأغلقت بشكل كامل جمعيات المجتمع المدني الرئيسية ومكاتب المنظمات الأجنبية وبالتالي قضت على أي مساحة للمعارضة".


التعليقات (0)