يزور مدير لوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، الأربعاء، الجمهورية الإسلامية في ظل مناخ من التوتر الحاد بين
إيران و"إسرائيل"، وبعد
يومين من تحذير وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أن طهران باتت "أكثر عرضة
من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية".
وتتّهم "إسرائيل" منذ سنوات إيران
بالسعي لحيازة السلاح النووي، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية التي تتهم بدورها الدولة
العبرية بالوقوف خلف عمليات اغتيال علماء وتخريب منشآت نووية.
اظهار أخبار متعلقة
وتبادل العدوان اللدودان خلال الأشهر الماضية
ضربات مباشرة غير مسبوقة في تاريخ الصراع بينهما، وذلك على خلفية العدوان
الإسرائيلي على غزة ولبنان.
وأثار ذلك مخاوف من انخراط إيران و"إسرائيل"
في حرب مباشرة بعد أعوام من العمليات الخفية وضربات غير مباشرة في أنحاء مختلفة من
الشرق الأوسط.
وقال غروسي، الثلاثاء، لوكالة "فرانس
برس" على هامش مؤتمر "كوب29" للمناخ الذي تستضيفه باكو، إن على السلطات
الإيرانية "أن تفهم أن الوضع الدولي يزداد توترا وأن هوامش المناورة بدأت تتقلص
وأن إيجاد سبل للتوصل إلى حلول دبلوماسية هو أمر ضروري".
وأفاد بأن طهران تسمح للوكالة بالقيام بعمليات
تفتيش لكن "نحتاج إلى المزيد. نظرا إلى حجم وعمق ومدى طموح برنامج إيران، علينا
إيجاد وسائل لمنح الوكالة رؤية أوضح".
وتأتي زيارة غروسي عقب إعادة انتخاب دونالد
ترامب رئيسا للولايات المتحدة. واعتمد الجمهوري خلال ولايته الأولى سياسة "الضغوط القصوى" حيال الجمهورية الإسلامية، تمثّلت على وجه الخصوص بالانسحاب الأحادي عام
2018 من الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي.
وأكد ترامب في تصريحات الأسبوع الماضي أنه
لا يسعى إلى إلحاق الأذى بإيران ويريد لشعبها أن يكون له "بلد ناجح جدا"،
لكنه شدد على وجوب الحؤول دون امتلاك الجمهورية الإسلامية سلاحا نوويا.
وأبرم الاتفاق النووي بين طهران وست قوى
كبرى عام 2015 في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران مقابل
تقييد أنشطتها النووية وضمان سلميتها. إلا أن ترامب أعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة
بعد انسحابه من الاتفاق في 2018. وردت طهران بعد عام من ذلك، ببدء التراجع تدريجيا
عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو وتوسع برنامجها
النووي بشكل كبير.
ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم
من 3.67 بالمئة، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، إلى 60 بالمئة، وهو المستوى
القريب من 90% المطلوب لتطوير
سلاح ذري.
فتوى خامنئي
وسيحلّ غروسي، الأربعاء، في الجمهورية الإسلامية
للمرة الأولى منذ أيار/ مايو. وأكدت الوكالة في بيان أن الزيارة تهدف إلى عقد
"اجتماعات عالية المستوى مع الحكومة الإيرانية" وإجراء "مباحثات تقنية
تشمل كل الجوانب".
ومنذ تولي الديمقراطي جو بايدن رئاسة الولايات
المتحدة خلفا لترامب مطلع عام 2021، أجرت طهران وواشنطن مباحثات غير مباشرة بواسطة
أطراف الاتفاق النووي، سعيا لإحيائه. إلا أن كل المحاولات لذلك باءت بالفشل.
وبعد تولي الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان
منصبه في آب/ أغسطس الماضي، أشارت طهران إلى أنها ستكون منفتحة على عقد محادثات لإعادة
إحياء الاتفاق.
وحثّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران
مرارا على التعاون، وهو ما كرّره غروسي في زيارته الأخيرة، بدعوته إلى إجراءات
"ملموسة" في هذا المجال.
وخفّضت إيران من تعاونها مع الوكالة خلال
الأعوام الأخيرة، وقامت بإزالة بعض كاميرات المراقبة من المنشآت، وسحبت اعتمادات عدد
من مفتشي الوكالة.
وتعود جذور البرنامج النووي الإيراني إلى
الخمسينات من القرن الماضي حين وقّعت واشنطن اتفاق تعاون مع طهران في عهد الشاه محمد
رضا بهلوي. وفي السبعينيات صادقت إيران على معادلة الحد من الانتشار النووي.
اظهار أخبار متعلقة
ومع تصاعد التوتر الإقليمي، فقد بدأت بعض الأصوات
في طهران تطرح بشكل علني إمكان إعادة النظر في العقيدة النووية.
وحثّ أعضاء في مجلس الشورى (البرلمان) المرشد
الأعلى آية الله علي خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسة العليا للجمهورية، على إعادة
النظر في فتواه بشأن السلاح النووي.
ويعتبر خامنئي في فتواه التي نشرت للمرة
الأولى عام 2010، استخدام أسلحة الدمار الشامل "حراما، ونرى السعي لحماية أبناء
البشر من هذا البلاء الكبير واجبا على عاتق الجميع".
وغالبا ما يعتبر المسؤولون الإيرانيون أن
هذه الفتوى هي بمثابة ضمانة لسلمية البرنامج النووي.