كشفت
دراسة جديدة لقاعدة بيانات دولية حول سلامة الأدوية أنّ علاجا شائعا لإنقاص
الوزن يجعل الأشخاص عرضة للأفكار الانتحارية.
وأكدت الدراسة أن الأشخاص الذين يستهلكون عقار "سيماغلوتيد" (semaglutide) الشائع لعلاج مرض السكري وإنقاص الوزن، أكثر عرضة للأفكار الانتحارية،
مشيرا إلى أن الاكتشاف يعتبر دليلا علميا على مخاطر الاكتئاب والانتحار المرتبطة
بالأدوية الشائعة.
وارتفع معدل استخدام الدواء خلال السنوات الأخيرة، وأظهرت الدراسات تأثيرات
واعدة، بما في ذلك انخفاض في أمراض الكلى والسرطان، حيث يباع
"سيماغلوتيد" تحت الاسم التجاري "Ozempic" عند وصفه لعلاج مرض
السكري، و"wegovy" عند وصفه
لإنقاص الوزن.
اظهار أخبار متعلقة
وفي شهر تموز/ يوليو الماضي ارتبط اسم علاج "سيماغلوتيد" (semaglutide) بدراسة تكشف
تسببه في العمى، حيث طُوّر دواء سيماغلوتيد لعلاج مرض السكري من النوع الثاني.
ويشجع الدواء على فقدان الوزن، وانتشر استخدامه منذ إطلاقه بالاسم التجاري أوزمبيك
لعلاج السكري في عام 2017، كما أنه وُوفق على استخدام الدواء لتقليل الوزن، حيث أطلق
عليه اسم ويجوفي، وصدر في عام 2021.
وقال مدير خدمة طب الأعصاب البصرية في مستشفى ماس للعيون
والأذن وأستاذ طب العيون في كلية الطب بجامعة هارفرد في الولايات المتحدة الدكتور
جوزيف ريزو : "انتشر استخدام هذه الأدوية في البلدان الصناعية، وقدمت فوائد
كبيرة في العديد من الجوانب، ولكن يجب أن تشمل المناقشات المستقبلية بين المريض
وطبيبه الاعتلال العصبي البصري الأمامي غير الشرياني كخطر محتمل". وأضاف أنه
"من المهم أن نقدر أن الخطر المتزايد يتعلق باضطراب نادر نسبيا".
اظهار أخبار متعلقة
ويشكل الانتحار مصدر قلق مع الأدوية التي تغير الرغبة في تناول الطعام.
فبالنسبة للبعض، يؤدي فقدان المتعة والمكافأة في الأكل إلى تحوّل كبير في المزاج
وقد يزيد من خطر إيذاء النفس، ففي عام 2008، سُحب عقار
إنقاص الوزن "ريمونابانت" من الاستخدام لأنه يؤثر على نفس نظام الدماغ الذي
يتسبّب بالشعور بالجوع عندما يتعاطون الماريغوانا ما يزيد من خطر الانتحار.
وتتضمّن المعلومات الخاصة بالمريض بشأن علاج "سيماغلوتيد"
تحذيراً من الاكتئاب والأفكار الانتحارية. لكن هناك أدلة متضاربة حول خطر الأفكار
والمشاعر الانتحارية مع أدوية إنقاص الوزن الجديدة، ضمنًا "سيماغلوتيد".
وقامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بالتحقيق في خطر الانتحار والأفكار
الانتحارية في الأدوية الواقعة ضمن فئة "سيماغلوتيد"، وحتى الآن لم تجد
أي خطر متزايد، وفي وقت سابق من هذا العام، صرّحت وكالة الأدوية الأوروبية أن
الأدلة المتاحة لا تظهر وجود صلة بين الانتحار و"سيماغلوتيد" والأدوية
الأخرى المستخدمة لإنقاص الوزن.
ووجدت دراسة كبيرة نُشرت في كانون الثاني/ يناير الماضي في دورية "Nature Medicine" أن استخدام علاج "سيماغلوتيد" كان مرتبطًا بانخفاض خطر الأفكار الانتحارية، مقارنة
بالأشخاص الذين يتناولون أنواعًا مختلفة من الأدوية لفقدان الوزن والسكري.
اظهار أخبار متعلقة
وراجعت الدراسة الجديدة، التي نُشرت في الدورية الطبية "JAMA Network Open" الثلاثاء،
تقارير عن الأفكار الانتحارية لدى الأشخاص الذين يتلقون عقار
"سيماغلوتيد"، سواء لعلاج مرض السكري أو لإنقاص الوزن، الموجودة لدى
قاعدة بيانات تحتفظ بها منظمة الصحة العالمية، تجمع الأحداث السلبية المرتبطة
بالأدوية داخل 140 دولة.
ووجد مؤلفو الدراسة 107 تقارير عن مرضى، من أصل أكثر من 30،500 تقرير،
أبلغوا عن أن أفكارًا انتحارية راودتهم أثناء تناولهم علاج "سيماغلوتيد"، و162 تقريرًا مشابهًا، من أصل أكثر من 52 ألف تقرير، لدى
مرضى يتناولون عقار "ليراغلوتيد"، وهو دواء مختلف لعلاج مرض السكري
يُحقن وينتمي إلى نفس فئة عقار "سيماغلوتيد".
وعندما قارنوا تقارير الأفكار الانتحارية لدى الأشخاص الذين يتلقون عقار
"سيماغلوتيد" بالمخاطر المبلغ عنها مع جميع الأدوية الأخرى في قاعدة
البيانات، وجدوا أن الخطر ارتفع بنحو 45% لدى الأشخاص الذين يستهلكون عقار
"سيماغلوتيد".
اظهار أخبار متعلقة
كان الخطر أعلى بنحو أربعة أضعاف لدى الأشخاص الذين يتلقون أيضًا أدوية للسيطرة
على حالات الاكتئاب والقلق، ما يشير إلى أن هذه المجموعة قد تكون معرضة لخطر أعلى
للتأثيرات المزاجية مع استهلاك هذه الأدوية. وعندما استبعد مؤلفو الدراسة حالات
الأشخاص الذين تلقوا عقار "سيماغلوتيد" ومضادات الاكتئاب، اختفى
الارتباط، ما يشير إلى أن الأشخاص الذين تلقوا العقارين كانوا سبباً في زيادة
المخاطر.
من جانبه، قال الدكتور ماهيار إيتمينان، الخبير في سلامة الأدوية لدى جامعة
كولومبيا البريطانية في فانكوفر غير المشارك في الدراسة: "من الصعب في الأساس
أن نستنتج من هذه الدراسة ما إذا كان العقار هو الذي يسبب ذلك أم هي حالة اضطراب
المزاج".
وبالمثل، قال إيان دوغلاس، وهو أستاذ علم الأوبئة الدوائية بكلية لندن
للصحة والطب الاستوائي: "تقدم هذه الدراسة، في أفضل الأحوال، دليلاً ضعيفًا
على وجود ارتباط بين علاج سيماغلوتيد والانتحار". وفي تعليق أدلى به
للصحفيين، لفت دوغلاس إلى أن دراسات مثل تلك تعد مفيدة في توليد النظريات، لكنها
لا تستطيع إثبات السبب والنتيجة.