رياضة دولية

100 يوم تفصلنا عن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية: هل باريس جاهزة؟

تهدف باريس إلى استضافة دورة ألعاب مستدامة تركز على البيئة- جيتي
تهدف باريس إلى استضافة دورة ألعاب مستدامة تركز على البيئة- جيتي
نشر موقع "أثليتيك" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن استعدادات باريس لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 2024، التي تفصلنا عنها 100 يوم، حيث ستنظم مسابقات في 32 رياضة مختلفة بحضور ملايين الزوار، بالإضافة إلى حفل افتتاح غير مسبوق عند نهر السين.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن سكان باريس لا يشعرون بالحماس بشكل كبير، إذ لا تزال الديكورات في جميع أنحاء المدينة متواضعةً مقارنة بمكانة حدث عالمي مثل الألعاب الأولمبية الصيفية التي مُنحت العاصمة الفرنسية فرصة استضافتها في أيلول/ سبتمبر 2017.

خلال السنوات القليلة الماضية، كان التركيز على إقامة الألعاب، ولكن أثير المزيد من النقاش حول تأثيرها العملي. كافحت السلطات للتقيّد بالمواعيد النهائية وتحقيق الأهداف المحددة. وكانت هناك مخاوف أمنية متصاعدة بسبب غزو روسيا لأوكرانيا والحرب على غزة، ومثّل حفل الافتتاح على نهر السين - في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ هذه الألعاب - مصدر القلق الرئيسي.

اقرأ أيضا:

هل انتهت مهمة ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز والدوري الأوروبي؟
ويضاف إلى ذلك المخاوف المتعلقة بتوقف عمل وسائل النقل والتهديد بتنفيذ إضراب من جانب نقابات العاملين في القطاع العام، بما في ذلك الشرطة، التي تطالب بعلاوات في الأجور مقابل العمل الإضافي المتوقّع خلال الأولمبياد حيث لن يكون التعامل مع الحشد سهلًا. وحتى بائعو الكتب الذين يحافظون على تقليد عمره 400 عام على ضفاف نهر السين، ثاروا احتجاجًا على احتمال منعهم من العمل مؤقتا تزامنًا مع حفل الافتتاح.

يوم الثلاثاء، أضاءت الشعلة الأولمبية جبل أولمبيا في اليونان قبل أن تبدأ رحلتها عبر 400 بلدة ومدينة في 65 منطقة من الأراضي الفرنسية لتحُط الرّحال في مرسيليا يوم 8 أيار/ مايو. قطعت فرنسا شوطًا طويلًا للوصول إلى هذه النقطة. فمنذ أن مُنحت باريس حق تنظيم الألعاب، حدثت جائحة عالمية أدت في البداية إلى تأجيل دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو ثم تنظيمها من دون جمهور وصراعات في أوروبا والشرق الأوسط، وضغوط تضخمية، وعناوين صاخبة حول تفشي بق الفراش في باريس.

هل باريس مستعدة؟
ذكر الموقع أن الملاعب الدائمة جاهزة. تهدف باريس إلى استضافة دورة ألعاب مستدامة تركز على البيئة، حيث تكون 95 بالمئة من مواقع تنظيم المسابقات إما مؤقتة أو تستخدم بنية تحتية موجودة بالفعل. أما الملاعب الدائمة الجديدة - التي بنيت خصيصًا للألعاب الأولمبية الصيفية - فهي على وشك الانتهاء. وقد افتُتِح الملعب الرياضي الجديد الوحيد داخل باريس، وهو ملعب أديداس أرينا في بورت دو لا شابيل في الدائرة الثامنة عشرة، في شهر شباط/ فبراير. ويقع المرفقان الجديدان الآخران، القرية الأولمبية والمركز المائي، في سان دوني شمال باريس وبالقرب من ملعب فرنسا الوطني. وقد سُلّمت القرية الأولمبية إلى اللجنة المنظمة في شباط/ فبراير الماضي، بينما افتُتِح مركز الألعاب المائية هذا الشهر.

وصرّح الموقع بأن المرافق التي أعيد تطويرها تشمل ملعب إيف دو مانوار الذي تم تجديده، والذي تم استخدامه للدورة الثامنة من الأولمبياد في سنة 1924، والذي سيستضيف مسابقات الهوكي. يتم أيضًا إنشاء مواقع مؤقتة حول المعالم الشهيرة، مثل برج إيفل (موقع للكرة الطائرة الشاطئية)، وساحة الكونكورد (التي ستصبح حديقة حضرية وتستضيف مباريات كرة السلة 3 × 3، وسباق بي إم إكس الحر والتزلج)، وساحة شان دي مارس (موقع للجودو والمصارعة) وفندق دو فيل (موقع للرماية وألعاب القوى وركوب الدراجات). وسيستضيف القصر الكبير في الشانزليزيه مباريات رياضة التايكوندو والمبارزة.

ماذا عن البنية التحتية الأخرى مثل النقل؟
أورد الموقع أنه من المقرر أن يكون امتداد خط المترو 14 جاهزًا ليربط سان ديني، قلب الألعاب الأولمبية، بمطار باريس أورلي. ويتم زيادة طاقة الاستيعاب من خلال توفير المزيد من القطارات والتحديثات الأخرى، مثل تمديد خط الترام إلى بورت دوفين الذي سيسمح بالوصول إلى بورت دو لا شابيل، والذي اكتمل الآن. ولكن لن تكون مجموعة الخطوط الجديدة التي تحمل اسم "جران باري إكسبرس" جاهزة بالكامل، ولن يكون طريق شارل ديغول السريع جاهزا مع أنه كان من المفترض تسليمه من أجل الأولمبياد. والمزيد من القطارات ومن الناس يعني تكلفة أكثر، لذلك سيتم مضاعفة أسعار النقل خلال الألعاب.

اقرأ أيضا:

فرنسا تطرد مئات المهاجرين بسبب "الألعاب الأولمبية "
هل سينظّم حفل الافتتاح فعلاً على نهر السين؟
في الوقت الحالي، سينظم الرياضيون عرضًا خارج الملعب لأول مرة من خلال أسطول كبير من القوارب على طول نهر السين. وسينطلق الحدث من المكتبة الوطنية ويُختتم في تروكاديرو، موقع قصر شايو، على الضفة المقابلة من النهر لبرج إيفل. ومن المتوقع أن يكون مشهدًا ملفتًا للنظر، ولكن أثيرت أسئلة حول مدى جدواه - لا سيما في ظل المخاطر الأمنية المتزايدة. وفي الشهر الماضي، في أعقاب الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو الذي أسفر عن مقتل أكثر من 130 شخصا، رفعت فرنسا حالة التأهب القصوى ضد الإرهاب.

تعزى حالة التعقيد وعدم اليقين بشكل أساسي إلى الأعداد الكبيرة من الجماهير المقرر حضورها والتحدي المتمثل في تأمين النهر. سرعان ما تبددت الآمال الأولية بحضور أكثر من مليون شخص، ولكن لا تزال القدرة الاستيعابية أكبر بخمسة أضعاف من طاقة استيعاب ملعب فرنسا (الذي يمكنه استيعاب 80 ألف شخص). وبالإضافة إلى 10,500 رياضي، سيحضر الحفل حوالي 600,000 شخص. ومن بين هذه التذاكر 104 آلاف تذكرة مدفوعة الثمن تبيعها اللجنة الأولمبية، و220 ألف تذكرة موزعة على الجهات المنظمة (الولاية ومدينة باريس وباريس 2024)، و200 ألف تذكرة لمن هم على متن المراكب أو المشاهدين في الشرفات.

 وأضاف الموقع أن هناك بعض  الاعتبارات والتأثيرات، من بينها تسبب بائعي الكتب الذين يصطفون على طول نهر السين منذ ما يقارب 400 سنة في بعض المشاكل برفضهم إزالة أكشاك بيع الكتب الخاصة بهم مؤقتا خلال حفل الافتتاح. وقد حُل هذا الخلاف، ولو بثمن، بعد تدخل ماكرون، حيث قال نائب عمدة باريس بيير رابادان "خسرنا 70 ألف متفرج لضمان الأمن"، مشيرا إلى أنه يمكن تقليص عدد المتفرجين لكن لا يوجد خطة بديلة.

مع ذلك، قال ماكرون، الاثنين: هناك حالات طوارئ محتملة قبالة نهر السين. وردا على سؤال عن ما سيحدث إذا أدت المخاطر الأمنية إلى جعل الموكب عند النهر محفوفا بالمخاطر، أجاب ماكرون إذاعة "آر إم سي": "هناك خطة ب وخطة ج. لدينا احتفال يقتصر على منطقة تروكاديرو، لذلك لن يغطي نهر السين بأكمله. أو يمكننا العودة إلى ملعب فرنسا الوطني…".

ماذا نعرف عن الخطط الأمنية؟
أفاد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان هذا الشهر بأنه سيتم "تشكيل محيط مكافح للإرهاب" حول نهر السين قبل أسبوع من حفل الافتتاح. سيكون قطره عدة أميال مربعة وسيتم إغلاقه أمام حركة المرور ما لم يتم التصريح بها، بينما ستُغلق 15 محطة للمترو والترام أيضًا. وستبقى أربعة جسور فقط مفتوحة. وسيتم تشديد الإجراءات مرة أخرى في 26 تموز/ يوليو، حيث لن يُسمح بالدخول بعد الساعة الواحدة بعد الظهر. سيحتاج الذين يعيشون داخل هذا الحصار الأمني إلى رمز استجابة سريعة لدخول المنطقة.  وتُجرى حاليًا عمليات فحص للمتطوعين وحاملي الشعلة. وهذا الشهر، قال دارمانين لإذاعة "إل سي إي" إنهم "استبعدوا 800 شخص، من بينهم 15 في قائمة التهديدات الأكثر خطورة".

ماذا عن السباحة في نهر السين؟
تريد فرنسا استضافة أنظف دورة ألعاب أولمبية في التاريخ، وتخطط لتنظيف نهر السين واستخدامه لاستضافة مسابقات مثل السباحة في المياه المفتوحة. وتجدر الإشارة إلى أنه تم حظر السباحة في نهر السين منذ سنة 1923، لكن المنظمين يأملون أن يتمكنوا من فتح ثلاث مناطق للسباحة في النهر قبل سنة 2025، وهو الهدف الرئيسي للألعاب. وللحد من تسرب النفايات أثناء هطول الأمطار الغزيرة، يجري إنشاء حوض تخزين جديد بتكلفة ملايين الدولارات بالقرب من النهر، وهو مصمم لتخزين ما يكفي من مياه الصرف الصحي لملء 20 حوض سباحة أولمبيا.

وقد أثيرت مخاوف بشأن مدى ملاءمة النهر للسباحة في أسوأ السيناريوهات، مثل هطول أمطار غزيرة. وقالت آنا مارسيلا كونيا، البطلة الأولمبية في سباق 10 كيلومترات في المياه المفتوحة، في حديث لوكالة "فرانس برس" الشهر الماضي: "أنت بحاجة إلى خطة بديلة في حال لم يكن من الممكن السباحة. صحة الرياضيين يجب أن تأتي في المقام الأول".

كم سيكلف كل هذا؟
خلال الشهر الماضي، قدّرت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز غلوبال" أن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس "من غير المرجح أن تسبب أي ضرر دائم لميزانية فرنسا". ووفقاً للجنة الأولمبية الدولية، فإن 96 بالمئة من ميزانية تنظيم الألعاب تأتي من القطاع الخاص "أي اللجنة الأولمبية الدولية، والشركات الشريكة، ومكتب تذاكر الألعاب، والترخيص".

أشارت مراجعة ميزانية 2022 من قبل باريس 2024 إلى مبلغ 4.38 مليار يورو للجنة المنظمة لباريس 2024، مع تخصيص اللجنة الأولمبية الدولية 1.2 مليار يورو (بما في ذلك حقوق البث التلفزيوني بقيمة 750 مليون يورو ومساهمة الشراكات بقيمة 470 مليون يورو). وستساهم التذاكر والضيافة والترخيص بمبلغ 1.1 مليار يورو و170 مليون يورو و127 مليون يورو، على التوالي، وستجلب الشراكات 1.226 مليار يورو، وفقًا للمراجعة. وسيكون هناك أربعة في المئة أخرى من التمويل العام لتمويل تنظيم الألعاب البارالمبية.

أما بقية الإنفاق على البنية التحتية وتعديلاتها فيجب أن يضاعف هذه الميزانية إلى حوالي 8.8 مليار يورو. وقد ارتفع الإجمالي عن مبلغ 6.7 مليار يورو المعلن عنها، لكنه يظل أقل من لندن وريو وطوكيو.
وهذا الشهر، قال الرئيس السابق لمحكمة المحاسبين الفرنسية، بيير موسكوفيتشي، لـ"فرانس إنتر" إن الألعاب "يجب أن تكلّف" ما بين 3 و5 مليارات يورو، وذلك على  الرغم من أن التكلفة الحقيقية لن تُعرف إلا بعد انتهاء الألعاب.

اقرأ أيضا:

مطالبة فرنسية نادرة ضمن استعدادات باريس لدورة الألعاب الأولمبية
"ترك إرث"
ترغب باريس في استضافة الألعاب الأولمبية والألعاب البارالمبية باستخدام البنية التحتية القائمة في الغالب، ولكن على نطاق أوسع، يمثل النهج الصديق للبيئة أهمية مركزية في هذه الألعاب وذلك من خلال تنظيف نهر السين وزيادة عدد الدراجات. كما تهدف باريس إلى خفض انبعاثات الكربون بنسبة 50 في المئة مقارنة بمتوسطات لندن 2012 وريو 2016. كما تريد استخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المئة باستخدام تعديلات مثل ربط جميع الأماكن بشبكة الكهرباء، وبالتالي الحد من استخدام مولدات الديزل المؤقتة. كما يسعون إلى ضمان وصول الزوار إلى جميع المواقع بواسطة وسائل النقل العام.

كما يندرج ضمان إحداث تأثير دائم في المجتمعات المحرومة ضمن جدول الأعمال. ومن المتوقع أن تستفيد سان ديني على وجه الخصوص من تحويل أماكن إقامة الرياضيين إلى 2800 منزل بعد الألعاب، 25 في المائة منها ستكون مساكن اجتماعية. ومن المتوقع أن تضم المنطقة أيضًا حمامات سباحة تم تجديدها، بما في ذلك مركز الألعاب المائية، الذي سيحل محل حمام سباحة عمره 50 عامًا يبلغ طوله 25 مترًا.

التعليقات (0)

خبر عاجل

هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie