حقوق وحريات

منظمة حقوقية: عمال وافدون في السعودية لم يستلموا مستحقاتهم منذ زمن طويل

تأخر أجور العمال الوافدين يشكل خطرا جسيما عليهم- عربي21
تأخر أجور العمال الوافدين يشكل خطرا جسيما عليهم- عربي21

أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم أن ممثلين عن شركتين في مجال البناء في المملكة العربية السعودية أكدوا مؤخرًا أن العمال الوافدين سيحصلون على أجورهم المستحقة منذ زمن طويل. ومع ذلك، فإن ثغرات في خطة السداد تظهر تعرّض الأجور للخطر.

وطالبت "هيومن رايتس ووتش" السلطات السعودية بضمان حصول جميع الموظفين السابقين في هاتين الشركتين على كامل مستحقاتهم، مشددة على ضرورة اتخاذ تدابير صارمة لمكافحة سرقة أجور العمال الوافدين في جميع أنحاء المملكة.

وأشار مايكل بيج، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، إلى أهمية ضمان تنفيذ الوعود بشكل كامل من قبل أمناء الإفلاس والتصفية، والسلطات السعودية، وبلدان المنشأ للعمال الوافدين.

وفي سياق متصل، أظهرت الأحداث أن عدة شركات في المملكة تخلفت عن سداد أجور مئات آلاف العمال الوافدين بعد انخفاض أسعار النفط والركود الاقتصادي في عام 2016. وفي نهاية عام 2023، أعلن أمناء تصفية "شركة سعودي أوجيه المحدودة" وأمين إفلاس "مجموعة محمد المعجل" عن برنامج للموظفين للتسجيل والحصول على مستحقاتهم.

اظهار أخبار متعلقة


وقدرت محكمة التنفيذ في الرياض في عام 2019 الأجور غير المسددة لشركة سعودي أوجيه بمبلغ يتجاوز الـ2.6 مليار ريال سعودي، وأشارت المصادر إلى تأخر الشركتين في دفع أجور 21 ألف عامل على الأقل من دول، مثل باكستان وبنغلادش والفلبين ونيبال.

وأجرت "هيومن رايتس ووتش" مقابلات مع 27 عاملا وافدا من مختلف دول المنشأ، أكدوا على تراكم مستحقاتهم، وبينها تعويضات نهاية الخدمة. ومن بين هؤلاء، حصل بعضهم على شيكات وتمكنوا من صرفها، بينما ينتظر البعض الآخر تسلمها، وأبلغ البعض الآخر عن صعوبات في التسجيل وعدم استلامهم لمدفوعاتهم.

تخلّف أصحاب العمل عن سداد أجور العمال لفترات طويلة يمكن أن تكون له آثار مأسوية من الناحية المادية والنفسية على العمال وعائلاتهم، بحسب المنظمة.

ويعبر عمّال وافدون عن تجارب قاسية، حيث إنهم يشعرون بالتوتر المستمر بشأن مستحقاتهم المالية، ويصفون حياتهم بأنها صعبة للغاية.

أحد العمال الوافدين في "سعودي أوجيه" قال: "أشعر بتوتر دائم بشأن أجري لأنني خسرت عرقا ودما لكسب كل قرش. أنا الآن مصاب بارتفاع ضغط الدم... أعيش حياة صعبة جدا. اضطررت إلى الاقتراض من المصارف لأدير أمور عائلتي وأسدد تكاليف علاجنا. إذا حصلت على هذه الأموال، فسأتمكن من سداد القروض. وإلا سأُدمَّر".

اظهار أخبار متعلقة


وبحسب التقرير، يتذكر العمال بوضوح حالة الحاجة التي واجهوها في عام 2016 عندما اضطروا إلى التوجه إلى سفارات بلدانهم أو السلطات السعودية للحصول على الغذاء والعودة إلى ديارهم بسبب عدم دفع أجورهم.

العديد من العمال اضطروا إلى الاعتماد على مدخراتهم أو مساعدة عائلاتهم في بلدانهم، وذلك عبر الاقتراض.

ومع ذلك، فإنه بعد عودتهم إلى بلدانهم، فقد استمر بعضهم في معاناة للحصول على أموالهم، وقال أحد العمال: "في الفلبين، تجمع زملائي وقدموا مقابلات إعلامية وتواصلنا مع إدارة رعاية العمل في الخارج"، بحسب المنظمة.

وأفادت مصادر إعلامية بأن المحادثات الدبلوماسية بين الفلبين والسلطات السعودية تمحورت حول عدم سداد أجور آلاف العمال الوافدين، وتم توفير ضمانات من السلطات السعودية بأن العمال سيحصلون على أموالهم.

ونوهت إلى أنه بالرغم من تسوية بعض الأموال، إلا أن آلاف العمال ما زالوا ينتظرون مستحقاتهم.

السلطات وشهادات أفراد أكدت أن آلاف العمال الوافدين الباكستانيين واجهوا صعوبات في تسجيل معلوماتهم بشكل صحيح، وأشار بعض العمال إلى دورهم في مساعدة زملائهم في التسجيل، وأنه ينبغي على السلطات تعزيز جهود التواصل مع العمال لضمان إعلامهم بالبرنامج وتسهيل عملية التسجيل.

اظهار أخبار متعلقة


عامل نيبالي يقول في التقرير، إنه يأمل بعد إعلان سفارة بلاده عن برنامج السداد - معبرا عن طموحه - في فتح مشروع تجاري في بلاده بالأموال التي سيحصل عليها.

وقال عامل باكستاني في وضع مشابه: "بمجرد حصولي على المال، إن شاء الله، سأفتح شركتي الخاصة، أو أهتم بزواج شقيقتي، أو أبني منزلا، أو أجد عملا. ستخفف هذه الأموال المشاكل والتوترات التي واجهتها". بينما قال عامل هندي، وهو يشعر بالارتياح لتمكنه من صرف الشيك: "لماذا أكون سعيدا؟ هذا حقنا".

العمال الذين حصلوا على شيكاتهم يواجهون مشاكل عملية في صرفها. وقال عامل بنغلادشي إنه أجرى اتصالات دولية مستميتة وباهظة الثمن بمصرف الإنماء، المصرف السعودي الذي أصدر الشيكات لموظفي "سعودي أوجيه" السابقين.

وتابع التقرير: "عندما تلقى الشيك، لم يقبل أي مصرف في بنغلادش بصرفه. وقال موظف آخر إن مصرفا محلياً في بنغلادش قبل الشيك منه، لكن الحصول على الأموال سيستغرق أسابيع. أما العمال الفلبينيون الذين أجرت معهم ’هيومن رايتس ووتش’ مقابلات، فقالوا إنهم أودعوا شيكاتهم لكن، على حد تعبير أحدهم، المصارف المحلية ’تنتظر أن يحول مصرف الإنماء أمواله إلى مدخراتنا’".

قال العمال السبعة الذين تمت مقابلتهم ولم ترد أسماؤهم في قائمة الطلبات الأصلية، أو لم يحصلوا على رقم طلب، إن مستحقاتهم تبلغ آلاف الدولارات. ليس من الواضح بالنسبة لهم لماذا تم استثناؤهم. قال أحدهم عن مسؤولي سفارة بلاده: "كل ما قالوه لي هو أن الأسماء الواردة في القائمة التي يقدمها [أمناء الإفلاس في مجموعة المعجل] فقط هي المؤهلة لتقديم طلب".

في منشورات على منصات التواصل الاجتماعي لدعوة الموظفين السابقين في "سعودي أوجيه" ومجموعة المعجل السابقين إلى تقديم طلباتهم، تساءل العديد من العائدين من السعودية من شركات أخرى، لديهم المظالم نفسها، ما إذا ستكون هناك دعوات مماثلة من أصحاب عملهم السابقين. ووثّق بحث "هيومن رايتس ووتش" انتشار حالات سرقة الأجور من قبل أصحاب العمل وعودة العديد من العمال إلى بلدانهم بدون مستحقاتهم. ووجدت "هيومن رايتس ووتش" أن سرقة الأجور منتشرة رغم إعلان السلطات السعودية عن مختلف المبادرات الإصلاحية.

قال بَيْج: "العمال الذين يهاجرون من أجل فرص أفضل يجب ألا يعودوا إلى ديارهم من السعودية بوفاضٍ خالٍ. هذه فرصة لا تُعوَّض لمعالجة الظلم المستمر، ومن الضروري أن تحصل السلطات السعودية على معلومات صحيحة وتضمن تعويض جميع الأجور المستحقة للعمال، لا سيما قبل الأحداث الضخمة التي ستعتمد بشكل تام على العمال الوافدين".

التعليقات (0)