قمة الأطراف "
COP28" هو المؤتمر
الثامن والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير
المناخ، الذي يعقد في
الفترة من 30 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى 12 كانون الأول/ ديسمبر 2023 في مدينة إكسبو
دبي، في
الإمارات العربية المتحدة.
يهدف المؤتمر إلى تقييم
التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، الذي تم التوصل إليه في عام 2015، والذي
يهدف إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة
الصناعية. ويتمثل أحد التحديات الرئيسية في مؤتمر "COP28" في عدم
التوصل إلى توافق بين الدول حول كيفية تحقيق أهداف اتفاق باريس، فقد تعهدت بعض الدول
بالفعل بخفض انبعاثاتها بنسبة 50 أو أكثر بحلول عام 2030، بينما لم تتعهد دول أخرى
بأي تخفيضات.
يرجع هذا الاختلاف إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك الاختلافات الاقتصادية
والسياسية بين الدول، والاختلافات في الاعتماد على الوقود الأحفوري.
لقد كانت بريطانيا أولى الدول التي تتخلى عن التزاماتها البيئية بشكل صريح،
ففي أيلول/ سبتمبر 2023، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، عن تراجع بريطانيا
عن بعض التعهدات المناخية، وشمل ذلك تأجيل حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين
والديزل إلى عام 2035 بدلا من عام 2030، وإلغاء هدف خفض انبعاثات الكربون من قطاع الطيران
بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2050.
وجاء هذا التراجع بعد انتقادات من بعض المحافظين، الذين اعتبروا أن التعهدات
المناخية السابقة كانت غير واقعية وتمثل عبئا على الاقتصاد البريطاني، كما جاء التراجع
في أعقاب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى ارتفاع أسعار
الطاقة وزيادة التضخم.
وتم توجيه انتقادات لاذعة للدولة المستضيفة (الإمارات) حول دورها في التلوث
البيئي. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة الغارديان الإنجليزية في مقال لها أنه على الرغم
من استضافة الإمارات لمؤتمر "COP28"، إلا أن آبار النفط والغاز التي تديرها الإمارات تشهد احتراق
الغازات بشكل يومي، وذلك على الرغم من أن الإمارات التزمت منذ أعوام عديدة وفي إطار
اتفاق باريس بوقف حرق هذه الغازات.
وبحسب الصحيفة، فقد أدت الإمارات دورا كبيرا في انبعاث الغازات السامة والغازات
الدفيئة، من خلال حرق الغازات من آبارها للنفط والغاز البالغ عددها 32 بئرا، 20 منها
تابعة لشركة أدنوك التي يرأسها سلطان الجابر، رئيس قمة المناخ. كما أنّ الإمارات خططت
لحفر آبار النفط والمشاريع النفطية الكبيرة في مناطق مختلفة من العالم في إطار خططها
الخمسينية، وتعد البنية التحتية الرئيسة لهذه المشاريع مخالفة للمعايير والمبادئ الدولية
في دعم
البيئة، ومعظم هذه المشاريع تنفذها شركة أدنوك وبدعم من سلطان الجابر، الأمر
الذي أظهر صورة سلبية له بين الداعمين والناشطين في مجال البيئة.
ومن التحديات الأخرى المطروحة
على أجندة المؤتمر، هي حاجة البلدان النامية إلى المساعدة في الانتقال إلى اقتصادات
أكثر استدامة، فهذه البلدان تعاني بالفعل من آثار تغير المناخ، وهي أقل استعدادا للتعامل
معها، حيث تقدر الأمم المتحدة أن البلدان النامية تحتاج إلى 100 مليار دولار أمريكي
من التمويل المناخي سنويا بحلول عام 2030، ومع ذلك، فقد فشلت الدول المتقدمة حتى الآن
في الوفاء بهذا الالتزام.
إلى جانب التحديات المناخية، يواجه المؤتمر ومنظموه انتقادات حادة في المجال الحقوقي والإنساني، حيث قالت هبة مرايف،
مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنّ الإمارات
العربية المتحدة تُخضع المعارضة السلمية، من خلال التعبير أو تكوين الجمعيات أو الانضمام
إليها أو التجمع السلمي لقيود مشددة أو تجريم، وتتطلب التجمعات العامة موافقة الحكومة،
والعشرات من منتقدي الحكومة مسجونون.
كما قال المتحدث الرئيسي
باسم "تحالف العدالة المناخية" (Climate Justice Coalition) أسد رحمان: "نشعر
بقلق بالغ إزاء (احتمال) توقيف أشخاص واحتجازهم"، مشيرا إلى أن تحالف العدالة
المناخية ينوي تنظيم تحرّكات على الأرض. وأوضح الناشط لوكالة فرانس برس، أن ثمة قلقا
أكبر من حجم المراقبة، وخصوصا المراقبة الرقمية.
فلسطينيا، فقد أصدرت اللجنة
الوطنية الفلسطينية لمقاطعة "إسرائيل"، أوسع تحالف في المجتمع الفلسطيني
وقيادة حركة المقاطعة (BDS) نداء دعت فيه أطر ومؤسسات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية كافة، للامتناع
عن المشاركة في الدورة الثامنة والعشرين لقمة تغيّر المناخ السنوية للأمم المتحدة،
وذلك بسبب ما وصفته بالتحالف مع إسرائيل.
ختاما، من الناحية النظرية،
يُعد مؤتمر "COP28" فرصة مهمة للدول لاتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة تغير المناخ، ومن
خلال العمل معا، يمكن للدول التوصل إلى اتفاقات طموحة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة،
وتوفير التمويل المناخي للبلدان النامية، والتكيف مع آثار تغير المناخ. وأما من الناحية
العملية، فقد يظهر هذا المؤتمر إصرار الدول على المضي قدما في سياسات مناخية، خادعة
قائمة على التعهد الاسمي دون تنفيذ خطوات على الأرض، كما لا يمكن إغفال دور المقاطعة
الواسعة بسبب حقوق الإنسان وحرية التعبير والعامل الحقوقي في هذا التجمع.