التقرير الذي نشرته شبكة CNN حول حرب
الحدود الأردنية السورية، تقرير حساس جدا، وخطير، ويؤشر على وضع أكثر تعقيدا مما يظن كثيرون على حدود البلدين.
وفقا لمصادر أردنية تم نسب المعلومات اليها، فإن شبكات التهريب في الجنوب السوري التي تديرها جهات منظمة بحسب وصفها، تسعى لتهديد أمن الأردن وزعزعة استقراره، عبر محاولات إغراقه بالأسلحة والمخدرات والمتفجرات ودعم الخلايا الإرهابية، حيث أظهرت بيانات القوات المسلحة الأردنية، التي حصلت عليها CNN ، تسجيل 88 حالة طيران مسيرة على واجهات المناطق العسكرية المختلفة منذ بداية 2023 وحتى 24 آب 2023، موزعة بين حالات الإسقاط أو الرصد والتشويش، إضافة إلى التصدي لما مجموعه 194 عملية موزعة بين 81 محاولة تهريب أو تسلل، و98 عملية تسلل مضبوطة، و15 عملية تهريب مضبوطة، حتى 28 شهر آب 2023، كما أظهرت البيانات في عام 2022 أن محاولات وعمليات التسلل والتهريب بلغ مجموعها 383، موزعة بين 218 محاولة تهريب أو تسلل، و120 عملية تسلل مضبوطة، و45 عملية تهريب مضبوطة، وسجلت عمليات التسلل المضبوطة في 2022 حتى نهاية شهر آب 75 محاولة، بينما بلغت 98 عملية تسلل مضبوطة في 2023 حتى نهاية شهر آب 2023، وحول المواد المضبوطة، أظهرت البيانات حتى 20 آب 2023 ضبط 3776 كف حشيش، و1.7 مليون قرص كبتاغون، و2.6 كيلوغرام من الكريستال أي الميثامفيتامين، كما كشفت البيانات العسكرية أيضا، عن استخدام المهربين للبالونات الطائرة مختلفة الأحجام لتهريب المواد المخدّرة، وكذلك المقذوفات عبر تفريغ الحشوات الداخلية لتهريب المخدرات باهظة الثمن، إضافة إلى
الطائرات المسيرة القادمة جميعها من الجنوب السوري.
هذه الأرقام الخطيرة والتفصيلية تفسر الالماحات الرسمية في
الاردن، اكثر من مرة حول احتمال اللجوء الى مستويات اعلى من القوة، وهي الماحات تتجاوز في تفسيرها العمليات الجوية، خصوصا، في ظل سلبية السوريين وعدم تجاوبهم مع أي متطلبات تخص الأردن.
من أبرز النقاط التي يريدها الأردن ولا يتجاوب معها السوريون اولها ضرورة تواجد قوات عسكرية سورية رسمية على طول الحدود بين البلدين، وثانيها القاء القبض على رؤوس لعصابات مخدرات تم تسليم السوريين معلومات حولهم، وثالثها فك الترابط بين تهريب السلاح والمخدرات، كون السلاح له خرائط توزيع أمنية أخطر بكثير من المخدرات، ورابعها الفصل بين جماعات سياسية وعسكرية، وعصابات المخدرات والسلاح، وخامسها سحب الوجود الاجنبي المتمثل بوجود الميليشيات العسكرية في تلك المنطقة، وسادسها تطهير مناطق الجنوب من عصابات المخدرات، في ظل وجود مئات المخازن والمصانع في مناطق مختلفة، التي لدى الأردن خرائط دقيقة حول مواقعها الثابتة والمتغيرة والمستجدة كل فترة.
هذا كله يقودنا من جهة ثانية الى الفشل السوري المتعمد، بشأن الحدود مع الأردن، وتراجع التدخل الروسي برغم ان موسكو حاولت نهايات 2022 تسيير دوريات في تلك المناطق لمنع النهريب، من معبر نصيب جنوب درعا، وصولا إلى مخفر حرس الحدود السوري 107، بالقرب من بلدة خازمة جنوب شرقي السويداء، الا ان عمليات التهريب استمرت بدعم ورعاية قوى سورية رسمية، وعواصم اقليمية، وتنظيمات موجودة في سورية لها توجهها السياسي.
الملف السوري كان يسبب صداعا مزمنا للأردن، لكنه الآن أكبر من مجرد شقيقة في الرأس، مع القراءات التي تتحدث عن احتمالات قدوم موجات لجوء جديدة إذا واصلت مناطق جنوب سورية الاحتجاجات خصوصا في السويداء مع مشاريع توليد دولة درزية فيها، وما قد يجري في درعا مجددا، ثم دير الزور ومشاريع توليد كينونات عربية عشائرية وكردية، إضافة إلى حرب المخدرات، وحروب تهريب السلاح، بما قد يؤدي نهايات المطاف الى البحث عن حلول اثيرت مرارا من المنطقة العازلة بتدخل دولي، الى التدخل العسكري الاقليمي، في ظل تجنب الأردن أي عمليات عسكرية برية من جانبه كون عقيدته العسكرية تمنع التدخل البري في شؤون الجوار، وكون الأردن يدرك أن الوضع أعقد بكثير من مجرد تدخل، وبحاجة إلى موقف من كل المنطقة المهددة أيضا بكل هذه الأزمات، ومن العالم الذي يتفرج حتى الآن بحياد غير مفهوم.
(عن صحيفة الغد الأردنية)